هل سترفض الجزائر وساطة أمريكية في صراعها مع المغرب؟

أعلنت يوم الأربعاء الماضي، تغريدة لوزارة شؤون الشرق الأوسط الأمريكية على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، عن وصول جوشوا هاريس، نائب وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط إلى الجزائر العاصمة، “لبدء سلسلة من المشاورات مع الجزائر والمغرب بشأن تعزيز السلام الإقليمي وتكثيف العملية السياسية للأمم المتحدة في الصحراء من أجل تحقيق حل دائم وجدي دون مزيد من التأخير”.

الجدية الأمريكية في نزاع الصحراء

وتعتبر هذه الزيارة، هي الثانية من نوعها إلى المنطقة لهذا الدبلوماسي الأمريكي الرفيع، بعد زيارته في شتنبر الماضي؛ وهو ما يدل على الجدية التي تأخذ بها الإدارة الأمريكية صراع الصحراء، وهو نزاع لا يفيد أي أحد في المنطقة، باستثناء أولئك الذين يصرون على تمديده برفض التفاوض أو إيجاد حل لمشكلة مفتعلة استمرت لمدة 48 عاما، وذلك لخدمة أجندات دول أصبحت مكشوفة.

ومن جانبه، لم يعلق أي مصدر جزائري رسمي في وسائل الإعلام ولو بكلمة واحدة عن هذه الزيارة، التي تعتبر حدثاً مهماً، لأنها تهدف إلى وضع حد للصراع المفتعل الذي استمر ما يقرب من نصف قرن، واكتسب في العامين الماضيين أبعادا غير متناسبة، تميزت بقطع العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق المجال الجوي بين المغرب والجارة الشرقية وإغلاق الحدود البرية؛ مع الإشارة أنّ الجزائر اعتمدت هذه التدابير من جانب واحد، دون إشعار مسبق ودون أدنى إشارة إلى أن النزاع بين الجزائر والمغرب، الذي استمر لمدة 48 عاما، كان متجهاً نحو مزيد من التصعيد.

ويعبر صمت الجزائر العاصمة بشأن زيارة جوشوا هاريس عن غضب قادتها، الذين رفضوا- دون إبداء أدنى سبب- أي مبادرة للمساعي الحميدة التي تحاولها البلدان الصديقة، وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر، بنفس الطريقة التي تجاهلوا بها اليد الممدودة للملك محمد السادس الذي دعا- في خطابه لعيد العرش لعام 2020- “إخوانه الجزائريين” إلى الانخراط في حوار صريح وأخوي من خلال الاجتماع حول طاولة ومناقشة جميع القضايا التي من شأنها أن تكون سبباً لتصعيد النزاع.

هذا، ولم يقدم المسؤولون الجزائريون (حتى الآن)، أدنى سبب يفسر عدائهم الممنهج تجاه المغرب، إذ أن الشيء الوحيد الذي يعرفه الجميع، هو أنهم لا يقيمون أي صلة بين موقفهم العدائي تجاه الرباط ودعمهم لجبهة البوليساريو الانفصالية، التي يمولونها ويسلحونها، حيث لطالما أوضحت الجزائر أنه لا علاقة لها بقضية الصحراء، التي “تظل، وفقا للسلطات الجزائرية، مشكلة بين المغرب والبوليساريو”.

تفنن في عداء المغرب منذ السبعينات

ويشار إلى أن النزاع الجزائري المغربي حول المستعمرة الإسبانية السابقة، يعود إلى عام 1975، وهو نزاع سرعان ما تحول إلى أزمة كان يعتقد أنها مؤقتة، بدأت تضعف على مر السنين، إلا أنه ومع وصول ثنائي تبون-شنقريحة إلى قيادة الحكومة الجزائرية، اشتدت الأزمة بين البلدين في عام 2021؛ وبدون أدنى مبرر، تم كسر العلاقات الدبلوماسية وأغلق المجال الجوي في بيئة مكهربة تنذر بنزاع مسلح له عواقب وخيمة. ومن الواضح، كما يعلم الجميع، أن الجزائر اتخذت هذه التدابير من جانب واحد دون إشعار مسبق.

هل سترفض الجزائر الوساطة الأمريكية؟

وفي ظل انعزال الجزائر بشكل كلي على المستوى العربي، يبقى السؤال المطروح بقوة، هو “هل سترفض الجزائر الوساطة الأمريكية في صراعها مع المغرب؟”. من الصعب جدا اتخاذ هذه الخطوة في وقت تشعر فيه الجزائر بالغضب من روسيا، حليفتها التاريخية، التي لم تدافع عن قبول الجزائر في مجموعة “بريكس”.

كما ترسم روسيا نظرة قاتمة على التقارب العسكري بين الجزائر والولايات المتحدة، والذي أدى مؤخرا إلى اتفاقيات بين البلدين بعد اجتماع في واشنطن في الفترة من 4 إلى 6 دجنبر بشأن التعاون الثنائي في الدفاع ،إذ خلال ذلك، اتفق الوفد الجزائري، برئاسة اللواء منير زاهي، مع وكيل وزارة الدفاع الأمريكية بالنيابة للشؤون الأفريقية على استكشاف إمكانية حصول الجيش الجزائري على عتاد أمريكي.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *