عبد الصادق بن عيسى.. رحيل صوت “ملفات بوليسية” و”هاربون” (بورتريه)

في عالم الإعلام تتألق النجوم بأنوارها، ومن بينها يبرز نجم لامع، عبد الصادق بن عيسى، بكلماته الرنانة وصوته الشجي الذي يخترق الأفق، يطرب القلوب وينير الدروب.

بعد مسيرة حافلة بالإنجازات، وفي أوج نجاحه وتألقه في عالم صاحبة الجلالة، انتهت رحلة عبد الصادق بن عيسى برحيله عن صهوة الحياة، بعد معركة شجاعة وصراع مع المرض، ترك وراءه إرثا وأثرا عميقا في قلوب الأجيال التي تابعت مساره.

حياة عبد الصادق بن عسيى، قصة ملهمة تجلى فيها العزم والإصرار، على تحقيق النجاح، وبصوته الرخيم وبراعته في السرد القصصي، استطاع أن يصنع الفارق، ويلامس قلوب المستمعين على مدى عقود من الزمن.

عبد الصادق بن عسيى لم يكن مجرد صوت إعلامي، بل كان رمزا للصحافة النزيهة والمسؤولة، ولهذا كانت كلماته تتلألأ بالحكمة والإلهام، ملهمة الشباب وموجهة للجميع.

البداية والنشأة

ولد عبد الصادق بن عيسى سنة 1961، في أحد أحياء مدينة الدار البيضاء، وهناك ترعرع طفلا وركض بين أزقة وشوارع مدينته، حيث نشأ وترعرع وآمن بحمله، منذ الصغر كان شغوفا بالإعلام، حيث كان يتابع بشغف البرامج التلفزيونية والإذاعية، وكان يحلم بأن يصبح يوما ما جزءا من عالم الإعلام.

تلقى عبد الصادق بن عيسى تعليمه الأولي في إحدى المدارس الابتدائية بمدينة الدار البيضاء، وبعد اكتمال تعليمه الأساسي، انتقل بن عيسى إلى المرحلة الثانوية، حيث أكمل دراسته وحصل على شهادة البكالوريا. وعلى الرغم من الفرص العديدة المتاحة له، إلا أنه اختار الالتحاق بكلية الإعلام والاتصال، حيث كان يؤمن بأن هذا المجال هو المناسب لتحقيق طموحاته المستقبلية.

عبد الصادق بن عيسى، الذي أسر قلوب المغاربة بصوته الرنان، وأضاء دروب الإعلام بنور حبره الساطع وقلمه الرصين. بدأت مسيرته الإعلامية وهو يحمل في جعبته حلما كبيرا وطموحا لا ينضب.

من طفل حالم إلى إعلامي مرموق

بعد التخرج من الكلية، بدأت رحلة بن عيسى في عالم الإعلام بخطى ثابتة وواثقة، كان يعمل جاهدا على تطوير مهاراته وصقل قدراته، من التقديم الإذاعي والتلفزيوني إلى الكتابة الصحفية وإنتاج المحتوى الإعلامي. دخل عبد الصادق بن عيسى عالم صاحبة الجلالة بثبات واثق.

وسرعان ما تم اكتشاف موهبته الفريدة، من قبل إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية “ميدي 1″، التي ضمته إلى صفوفها، وهناك بدأت مسيرة عبد الصادق بن عيسى في الإعلام تتحول، إلى مشوار مليء بالإنجازات والنجاحات. مشاركته في الإذاعة، تميزت بأسلوبه الفريد والمميز في الالقاء الإذاعي، صاحب القلم وقهر المايكروفون.

مع توالي السنوات، تطورت مسيرة عبد الصادق بنعيسى بشكل لافت، وأصبح من أبرز الشخصيات الإعلامية المغربية، اكتسب شهرة واسعة على مستوى المغربي والمغاربي والعربي، وأثبت نفسه كمقدم برامج محترف، ونجح في تحقيق العديد من الإنجازات خلال مسيرته المهنية، وتقديم برامج ناجحة تنوعت بين التاريخ والمعارف الثقافية، التي لقيت استحسان من هم وراء المايكروفون، أشهرها “ملفات بوليسية”، ومن بينها “هاربون” و”وجوه من الـظل” و”مهمشون” و”لحظات من التاريخ”.

كلماته كانت تتسلل إلى القلوب، وتحمل في طياتها رسائل أمل وتفاؤل، وصوته يعزف لحن الحق والعدل، محاولا إيصال رسالته بوضوح وصدق إلى المستمعين، وأياديه كانت تنسجم مع الحروف، لترسم صورا حية وواقعية، تنطق بلغة الحقيقة، وتعكس معاني الإنسانية النبيلة وقيم النزاهة والأمانة.

سفير الإعلام ومروض الأجيال

عبد الصادق بن عيسى، الذي جسد براعة وإتقان الحرف الإعلامي، ونقل الخبر بكل رونق ومصاقية، لم يكن مجرد صوت يرنو إلى النجومية، بل كان سفيرا للحقيقة والموضوعية، إذ ساهم في تأطيره لعدد من الصحافيين والإعلاميين الطموحين، الذين بدؤوا مسارهم المهني في عالم الإعلام، وكانت أياديه تنسجم مع أحلامهم وطموحاتهم نحو المستقبل الواعد.

بتوجيهاته ومشورته الحكيمة وخبرته القيمة، تخرجت على يده أسماء صحفية بارزة، تألقت في سماء الإعلام الوطني والعالمي، وشقت طريقها بثقة وإصرار نحو المؤسسات الإعلامية الكبرى. تلك الأسماء اللامعة، لم تكن مجرد إعلاميين، بل كانوا رموزا للحرفية والاحترافية في عالم الإعلام.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *