هجرة الكفاءات الطبية.. إشكالية تهدد المنظومة الصحية بالمغرب

يمثل تحدي هجرة الكفاءات الطبية بالمغرب، إشكالية كبيرة تهدد المنظومة الصحية التي طالما عانت ولازالت تعاني من اختلالات سواء على مستوى التدبير أو البنية، وقد أدت هذه الهجرة إلى نقص حاد في الأطر الطبية وشبه الطبية في القطاع الصحي العمومي، ما يزيد الطينة بلة من حيث الخصاص على مستوى الموارد البشرية التي تحرك هذه المنظومة الأساسية في البلاد.

إذ يبدو أن هؤلاء الكفاءات أبناء وبنات الوطن، قد قرروا الرحيل لبلدان أخرى للبحث عن فرص عمل أفضل والحصول على تعليم وتدريب أفضل، ورواتب أفضل، وتحسين الجودة الحياتية بشكل عام، فقد وصل عدد الأطباء الذين غادروا المغرب خلال سنة 2018 إلى 603، ما يمثل نسبة 30 في المئة من إجمالي خريجي كليات الطب والصيدلة خلال السنة نفسها، الأمر الذي طالما أثار مجموعة من التساؤلات حول سبب استمرار هذه الإشكالية إلى اليوم، ولرصد الموضوع عن قرب أجرت “بلادنا24“، حوارا  مع عضو المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة، حبيب كروم، والذي قربنا من مجموعة من الخلفيات حول الموضوع.

س: أستاذ كروم، كما أشرت نحن اليوم نعيش أزمة هجرة الكفاءات الطبية والتي باتت إشكالية دائمة مع مرور السنوات، فكيف يمكن لهجرة الكفاءات الطبية أن تؤثر على المنظومة الصحية؟ 

ج: نعم إن هجرة الكفاءات الطبية والتمريضية ستعمق من معاناة المنظومة الصحية في مجال الموارد البشرية نظرا للنقص الحاد في صفوف الأطباء الذي يصل إلى 32000 طبيب و65000 ممرض، فنزيف الهجرة يتحول إلى حاجز أمام المجهودات التي تبدلها وزارة الصحة في مواجهة الخصاص التي تعاني منه عدد من المؤسسات الصحية في أقاليم وجهات معينة، خاصة في ظل تعميم التغطية الصحية التي جاء بها مشروع الحماية الاجتماعية، وهي ظاهرة تعاني منها مجموعة من البلدان ذات الدخل المتوسط أو الضعيف، حيث يفضل الأطباء والممرضين البحث عن ظروف اجتماعية ومعيشية أفضل، مما ينعكس سلبا على نوعية وجودة الخدمات المقدمة إلى المواطنين من جهة وعلى المنظومة الصحية التي ستولد مؤشرات ضعيفة وسلبية ستظل من خلالها في مرتبة في أسفل قائمة الترتيب الصحي العالمي من جهة أخرى.

س: ما هي الأسباب الأساسية لهذه الظاهرة؟

ج: أسباب الهجرة يمكن حصرها في ضعف الأجور بالنسبة للأطباء والممرضين المغاربة مقارنة مع مجموعة من البلدان ككندا والدول الأوروبية والخلجية، فضلا عن توفر بيئة عمل ملائمة محفزة تصون حقوق وكرامة مهنيي الصحة، كما تسعى الأطر الطبية والتمريضية الى تأمين مستقبل الأبناء نظرا للظروف الاجتماعية المغرية كالتعليم على سبيل الذكر، كما لا يمكن الإغفال كذالك عن ظروف التداريب الميدانية التي تساهم في الهجرة وضعف البحث العلمي والابتكار، علاوة على ظروف الاشتغال في المناطق النائية صعبة الولوجية، والتي تغيب فيها إمكانية العمل في بعض الاحيان والظروف المعيشية الأساسية.

س: أين تتجلى مكامن الخلل اليوم في قطاع الصحة التي تساهم في بروز هجرة الكفاءات الطبية؟

ج: مكامن الخلل التي تساعد على الهجرة تعود للحكومة وليس لوزارة الصحة، فالحكومة هي من ستقرر بالرفع من مستوى العيش للطبيب والممرض، بالرفع من الأجرة كما جاء في الحملة الانتخابية لرئيس الحكومة، فوزارة الصحة لوحدها لا يمكنها أن تبلغ هذا الهدف دون أن تكون إرادة قوية للحكومة، على الحكومة توفير نفس الظروف التي يهاجر عليها الطبيب والممرض الى بلدان أخرى اجتماعية أو مادية كانت فالحكومة واعية بالاشكالاية فما عليها الى أن تضع استراتيجية ومخطط للحد من نزيف الهجرة وتغيير نظرتها وسياستها اتجاه القطاع الصحي وذلك بوضعه ضمن أولويتها.

س: كيف يمكن تعزيز ثقة الكفاءات الطبية في منظومة بلادهم الصحية لخدمتها؟

ج: يمكن تعزيز ثقة الكفاءات الطبية في منظومة بلادهم الصحية، بالرفع من أجرة الطبيب والممرض على حد سواء، وتوفير إمكانية العمل اللازمة خاصة في الجهات التي تعاني من التفاوتات في البنيات التحتية والموارد البشرية، رصد تحفيزات مادية مهمة للأطباء والممرضين بالمناطق النائية مع توفير السكن لهم، كذلك الرفع من الطاقة الاستيعابية لكليات الطب والمستشفيات من أجل تحسين ظروف التكوين والتداريب، تحسين صورة الطبيب والممرض بالمجتمع وايلائهم العناية اللائقة.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *