مولاي الطاهر الأصبهاني.. أيقونة “جيل جيلالة” وسفير التراث المغربي

ودعت الساحة الفنية مولاي الطاهر الأصبهاني، تاركا وراءه مسارا فنيا حافلا بالعطاء، وبصمة استثنائية في عالم الفن والإبداع، فهو يعد من رموز الثرات المغربي ومن المساهمين الأوائل في التعريف به وإيصاله إلى العالم، عبر أكبر المحافل الفنية، كما أنه أحد مؤسسي فرقة “جيل جيلالة”، أشهر الفرق الموسيقية في العالم.

نبذة عن بداياته الفنية

رأى مولاي الطاهر النور بمدينة مراكش سنة 1948، كان مولوعا في بداياته بالمسرح، وتتلمذ على يد مخرجين مسرحيين متميزين، أبرزهم الطيب الصديقي، عبد العزيز الزيادي وعبد الكريم بناني.

كما شارك في أعمال مسرحية ناجحة، ستبقى راسخة في الذاكرة المغربية، أبرزها مسرحية “الحراز”، ومسرحية “مقامات بديع الزمان الهدماني”، إلى جانب ظهوره في الأفلام السينمائية والتلفزيونية.

وبعدما راكم الأصبهاني تجربة كبيرة على خشبة المسرح، اتخذ مسارا فنيا جديدا وفكر في تأسيس فرق “جيل جيلالة”، التي ستبصم تاريخ الفن المغربي.

كما لقب مولاي الطاهر بـ”المايسترو” وتميز بصوته القوي، الذي أطرب كبار الشخصيات وأشاد به نجوم العالم العربي، أهمهم العندليب الأسمر خلال فترة السبعينات، عندما كان في زيارة للمغرب.

وذكر عبد الحليم حافظ أن صوته، “أجمل ماسمعه في حياته”، نظرا لرنته الخاصة المميزة، إذ حبب مولاي الطاهر الشباب في فن الملحون الذي كان يعتبر فنا غير مألوف.

ولادة ظاهرة “جيل جيلالة”

بزغت فرقة “جيل جيلالة” سنة 1972 مباشرة بعد مجموعة “ناس الغيوان”، حيث تكونت من ستة شباب مغمورين، وهم كل من حميد الزوغي، الطاهر الأصبهاني، محمد الدرهم، محمود السعدي، سكينة الصفدي وعبد الرحمن باكو.

وخلقت الفرقة نمطا موسيقيا جديدا ومتمردا، يخدم القضايا الاجتماعية والسياسية، من بينها الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية، معتمدة على الآلات الإيقاعية والوترية.

وتم تأسيس الفرقة عن طريق الفنان حميد الزوغي، الذي طرح الفكرة وعمل على جمع أعضائها بالتعاون مع الأصبهاني، إذ عقد هذا الأخير لقاء بين سكينة ومحمود السعدي ومولاي الطاهر، ولم يكن أي منهم على معرفة بالآخر، ليقترح بعد ذلك مولاي الطاهر اسم محمد الدرهم، الذي التحق أيضا بالفرقة، ثم انضم لهم عبد الرحمن باكو المتمرس فن “كناوة”.

لتنطلق هذه الأخيرة في تأليف وتقديم مجموعة كبيرة من الأعمال، من بينها: “الشمعة”، “السفينة”، “العار”، كنا كنتو”، “ناكر الحسان”، “العيون عينيا” وغيرها.

وتوالت النجاحات بعد ذلك، حيث شاركت الفرقة  في مهرجانات عدة في دول أوروبية وأميركية وآسيوية، وحصدت جوائز منها جائزة مهرجان المسيرة الخضراء سنة 1975، والجائزة الأولى في مهرجان طوكيو للأغنية الإفريقية.

وتعود تسمية “جيل جيلالة”، إلى المنهج الذي تتبعه، القائم على المزاوجة بين الانفتاح والعودة إلى التراث، فهي بمثابة همزة وصل بين الماضي بموسيقاه الثرية والحاضر بصخبه وأنماطه الموسيقية المختلفة.

وبعد كل هذه الإنجازات، تحولت الفرقة من مسرح الهواة إلى التلفاز، ولقيت أغانيها رواجا لدى الجميع، خاصة شباب السبعينيات، وتم استدعاؤها بعد ذلك إلى القصر الملكي، وهنا بدأت الانطلاقة الحقيقية وميلاد فرقة ستكتسح الساحة العالمية.

ورغم أن فرقة “جيل جيلالة” حققت شهرة واسعة في كل أنحاء العالم، فإنها فشلت في تجنب الخلافات، فغادرها عدد من الأعضاء المؤسسين الذين كانوا منذ البداية القلب النابض للمجموعة، وبين عامي 1984 و1994 تفاقمت الأمور تدريجيا، ولم تصمد الفرقة، فتراجع الإنتاج وباتت المجموعة في طيات النسيان.

ويمكن القول أن “جيل جيلالة” كانت ولا زالت علامة فارقة في تاريخ الموسيقى العربية، ومرآة عاكسة لمشكلات عصرها، حيث رحل الأصبهاني تاركا حقبة زمنية زاخرة بالأحداث المهمة.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *