مدونة الأسرة.. مسار طويل من الإصلاحات والتجاذبات المجتمعية

يتخذ المغرب خطوة مهمة نحو تعزيز حقوق مواطنيه وتمكينهم، من خلال القرار الأخير الذي اتخذه الملك محمد السادس، القاضي بتعديل مدونة الأسرة. وتأتي هذه الخطوة بعد 19 عامًا من دخول المدونة حيز التنفيذ، وتمثل لحظة محورية في التزام الدولة بضمان العدالة والمساواة ضمن إطارها القانوني.

وفي إطار هذا المسعى الإصلاحي، تم تكليف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بمسؤولية الإشراف على مراجعة مدونة الأسرة. وفي الوقت نفسه، تم تكليف وزارة العدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، بالمساهمة الفعالة في عملية الإصلاح الأساسية هذه.

ويأتي توجيه الملك بمراجعة مدونة الأسرة، الصادر في 31 يوليوز 2022، ليؤكد حرص الدولة على تصحيح أي خلل في نظامها القانوني، ويؤكد على ضرورة تعزيز المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في الحياة العامة، والنهوض بمكانتها المجتمعية.

مسار الإصلاح في مدونة الأسرة

بدأت رحلة الإصلاح في مدونة الأسرة المغربية بعد استقلال البلاد. قبل ذلك، كانت شؤون الأسرة تنظمها الشريعة الإسلامية، وذلك باتباع مذهب الإمام مالك، والعادات المحلية في المقام الأول. لقد أدرك الملك الراحل محمد الخامس الحاجة إلى قانون أحوال شخصية حديث يوازن بين المبادئ الإسلامية والاحتياجات المعاصرة.

وواصل خليفته الملك الحسن الثاني هذا المسار، بتعديل قانون الأحوال الشخصية سنة 1993، استجابة لدعوات التغيير من المجتمع المدني، وخاصة الحركات النسائية.

ومع ذلك، فقد حدث تحول كبير في عهد الملك محمد السادس. فهو لم يقم بإعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية فحسب، بل أرسله أيضًا إلى البرلمان للموافقة عليه، مما يمثل تحولًا تاريخيًا نحو الشفافية التشريعية والمساءلة.

وفي هذا الصدد، قال أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن موضوع إصلاح مدونة الأسرة، “يكتسي أهمية، سواء على المستوى الوطني أو المستوى الخارجي، خاصة وأن مدونة الأسرة مرتبطة بواحدة من أهم الاتفاقيات الدولية، وهي اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، التي صادق عليها المغرب، ورفع بعض تحفاظاته في العقد الأخير، غير أن اللجنة الدولية المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، وجهت العديد من الملاحظات إلى المغرب، وهي ملاحظات تقلل من الورش الاصلاحي الذي قام به الأخير، وهي ملاحظات تتكرر، سواء داخل اللجان الدولية غير التعاقدية، أو داخل الاستعراض الدوري الشامل الذي تشرف عليه الأمم المتحدة”.

وأضاف السعيد، في تصريح لـ”بلادنا24“، أنه “وفي هذا السياق، يمكن للمؤسسة الملكية أن تسلك ٱلية الخطابات الكتابية التي قد توجه إلى الأمة أو الحكومة أو البرلمان أو الجهات الحكومية وغير الحكومية الأجنبية أو جميعهم، وهي رسالة تتضمن التوجهات والاختيارات والٱراء الملكية، بخلاف الخطب الملكية المستندة إلى الفصل 52 من الدستور، التي لا يتلوها نقاش داخل غرفتي البرلمان”.

وأوضح المتحدث، أنه “بالعودة إلى الممارسة السياسية في العقد الأخير من حكم الملك محمد السادس، يتضح بشكل جلي تراجع تأثير الخطب الملكية على عمل الحكومة والبرلمان، وذلك من خلال محدودية تفاعل الحكومة والبرلمان مع التوجيهات الملكية السامية. والدليل على ذلك، هو أن الحكومة الحالية غير قادرة على بلورة الخطب الملكية، سواء التي وجهت بمناسبة افتتاح البرلمان، أو بمناسبات أخرى”.

وأرجع المحلل السياسي، تفسير ذلك، لعدة عوامل، “لعل أهمها اتساع التوجيهات الملكية التي قد تشمل مجالات متعددة، منها الحماية الاجتماعية، واصلاح مدونة الأسرة، والسياسة المائية، وإصلاح التعليم، ومختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، والحال أن عمل الحكومة مؤطر ببرنامج حكومي متعاقد عنه سابقا، واشتغل وفق دستورية وٱجال زمنية وحسابات سياسية مبنية علاقة لعبة الأغلبية في مواجهة الحكومة، كما أن الحكومة والبرلمان ينساقان في كثير من الأحيان نحو الانكباب لمواجهة مفاجئات غير متوقعة، سواء خلال أزمة كورونا، أو التضخم الخارجي، أو بعض الكوارث غير المنتظرة، مما يؤجل التوجهات والاختيارات الملكية بشكل غير إرادي، بالإضافة إلى محدودية الوعاء المالي الذي قد يحد من تفاعل الحكومة والبرلمان مع طموح المؤسسة الملكية”.

تعديل قانون الأحوال الشخصية

في تسعينيات القرن الماضي، اكتسبت عملية إصلاح قانون الأحوال الشخصية في المغرب زخما كبيرا، بدأ الأمر بمبادرة اتحاد العمل النسائي في 8 مارس 1991، للدعوة إلى إجراء تغييرات على القانون، بسبب الانتهاكات المتصورة للدستور والاتفاقيات الدولية.

وفي 8 مارس 1992، عقدت الجمعية مؤتمرا صحفيا بالرباط لجمع المطالب الخاصة بحملتها. حينها، أعلن الملك الحسن الثاني في 20 غشت 1992، أن قانون الأحوال الشخصية يدخل ضمن اختصاصه. وفي 24 أكتوبر 1992، تم تشكيل لجنة برئاسة عبد الهادي بوطالب، لتعديل القانون، وتوج ذلك بصدور قانون الأحوال الشخصية المعدلة في 10 شتنبر 1993.

لقد ركزت التغييرات الرئيسية في القانون آنذاك على الطلاق، وإنهاء الطلاق الغيابي، ورفع دور الحضانة للأم، كما تم تحديد سن الحضانة في 12 عامًا للذكور، و15 عامًا للإناث، على أن يختار الأطفال المكان الذي يريدون العيش فيه بعد ذلك، كما تم إدخال أحكام بشأن دعاوى النفقة العاجلة. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء مجلس العائلة بمرسوم ملكي.

إلا أن الجمعيات النسائية لم تكن راضية عن هذه التعديلات، لأنها لم تلبي مطالبها بشكل كامل. وسعيا إلى وضع مدونة للأسرة أكثر إنصافا، قرر الملك محمد السادس في وقت لاحق، إجراء مراجعة شاملة، مع الأخذ في الاعتبار المرجعيات الإسلامية والدولية، بما في ذلك المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة.

ولادة مدونة الأسرة الجديدة

يمكن إرجاع نقطة التحول في وضع مدونة الأسرة إلى “مشروع خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية”. حيث أثار هذا المشروع، بجدول زمني مفصل، ردود فعل كبيرة في المجتمع المغربي. وقد تم تنفيذ بعض الإجراءات بشكل عاجل في سنة 2000، في حين تم تنفيذ إجراءات أخرى على المدى المتوسط سنة 2003.

ولاقت الخطة ردود فعل قوية من مختلف قطاعات المجتمع المغربي، بما في ذلك الجهات التنظيمية والجمعوية والرسمية. وتراوحت ردود الفعل هذه بين التأييد والمعارضة. والجدير بالذكر أن اللجنة العلمية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وجمعية علماء المغرب، أبدوا وجهات نظرهم، وكذلك رابطة علماء خريجي دار الحديث الحسنية، ومختلف الهيئات والجمعيات والأحزاب الأخرى. كما نظمت مسيرات واحتجاجات ضد الخطة، بما في ذلك المسيرات الرافضة لها، ويتعلق الأمر أساسا بمسيرة الدار البيضاء المليونية.

في الوقت نفسه، دعا نشطاء المجتمع المدني إلى إنشاء جبهة للدفاع عن حقوق المرأة والنهوض بها وتنفيذ بنود الخطة. وكان لهذه وجهات النظر المتعارضة مبرراتها وأسبابها لتبني موقف على حساب الآخر.

بشكل عام، أصبحت الخطة نقطة محورية، أدت إلى تفاقم الصراع بين أصحاب المصلحة المعنيين بشؤون المرأة والأسرة، حيث أدى هذا الوضع إلى تدخل ملكي. وفي 27 أبريل 2001، تم إنشاء اللجنة الملكية الاستشارية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية، التي ترأسها في البداية إدريس الضحاك، ثم حل محله فيما بعد محمد بوستة، وكان هذا التطور بمثابة مرحلة جديدة في القضية، منه قد تم حل النزاع في نهاية المطاف، بعد الإعلان الملكي في البرلمان في 10 أكتوبر 2003، بشأن التعديلات الأساسية على القانون.

تطورات مدونة الأسرة

في 10 أكتوبر 2003، ألقى الملك محمد السادس خطابا أمام نواب الأمة، خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية السابعة للبرلمان. وشكل هذا الخطاب لحظة مفصلية في تطبيق مدونة الأسرة الجديدة، التي أدخلت تغييرات هامة خارجة عن أحكام قانون الأحوال الشخصية السابقة.

وخطاب الملك لم يقتصر فقط على تسليط الضوء على التطورات التي أدخلتها مدونة الأسرة، بل تضمن أيضا توصيات وتوجيهات من أجل حسن تطبيقها. بالإضافة إلى ذلك، أكد الخطاب على ضرورة إيجاد المرافق المناسبة للقضاء الأسري في محاكم المملكة، وتكوين ﺍﻹﻁﺎﺭﺍﺕ المؤهلة على كافة المستويات. بجيث منح القانون الجديد صلاحيات كبيرة للقضاء، مما استلزم الإسراع بإنشاء صندوق التضامن الأسري.

كما دعا إلى إعداد دليل عملي يشمل كافة الأحكام والنصوص والإجراءات ذات الصلة بقضاء الأسرة، ليكون مرجعا موحدا لمدونة الأسرة، وكان هناك أيضًا ضغط لتقليل الأطر الزمنية المرتبطة بحل القضايا بموجب قانون الإجراءات المدنية.

وبصورة شمولية، وضع خطاب الملك محمد السادس في 10 أكتوبر 2003، خارطة طريق لتطبيق مدونة الأسرة الجديدة، مع التركيز على الحاجة إلى قضاء مختص بالأسرة، ومختلف التدابير لضمان التنفيذ الفعال لأحكام المدونة.

وتم اتخاذ العديد من التدابير قبل وبعد تطبيق مدونة الأسرة لضمان تطبيقه الفعال، تمهيداً لإصدار القانون، حيث قامت وزارة العدل بعدة مبادرات، من قبيل تجهيز مرافق إدارة قضاء الأسرة، وتجهيزها بالشكل المناسب لتوفير بيئة مناسبة للمتقاضين والمتعاملين مع الإدارة.

كما تم إنشاء قسمًا متخصصًا في المعهد العالي للقضاء مخصصًا لقضاء الأسرة، وخلق ملحقين قضائيين مكلفين بمهام عدالة الأسرة، وأيضا تعيين قضاة الأسرة المسؤولين عن شؤون الزواج، وصدرت قرارات مختلفة تتعلق بالقانون من قبل وزير العدل، إما بشكل مستقل، أو بالتعاون مع آخرين.

وبعد دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ في 3 فبراير 2004، تم اتخاذ خطوات أخرى، وتم تعيين قضاة مؤهلين لرئاسة إدارات قضاء الأسرة، مع تعيين هيئات دائمة تتولى معالجة القضايا التي تدخل في اختصاص هذه الإدارات، وتم إنشاء كتيبات مبسطة لتوجيه المتقاضين وغيرهم بشأن الإجراءات الأساسية التي تتطلبها إدارات قضاء الأسرة.

وتم اتخاذ العديد من المبادرات لتعزيز عمل إدارات عدالة الأسرة، بما في ذلك إجراء زيارات تفتيشية لضمان ممارسات العمل، وتعزيز ثقافة المصالحة بين المتخصصين في قضاء الأسرة، ونشر العديد من المواد المتعلقة بمدونة الأسرة.

وبالإضافة إلى ذلك، تم إيلاء اهتمام خاص للجالية المغربية المقيمة بالخارج، حيث تم تعيين قضاة مغاربة في ستة دول أوروبية، بكل من فرنسا، هولندا، بلجيكا، إيطاليا، ألمانيا وإسبانيا، بينما تتولى المحكمة الابتدائية بالرباط تغطية باقي دول العالم، للتعامل مع التوثيق والعمل كقضاة الأسرة في شؤون الزواج.

كما تم تنظيم برامج تدريبية للقضاة العاملين في السفارات والقنصليات المغربية في الخارج، لتسهيل تطبيق أحكام مدونة الأسرة على أفراد الجالية في الخارج، وتم أيضا إعداد مواد توضيحية تقدم حلولا لتطبيق أحكام مدونة الأسرة في الخارج. علاوة على ذلك، تم إنشاء خلية عدالة الأسرة ضمن مديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل للإشراف على شؤون عدالة الأسرة ودعمها.

وتمثل التطورات التي شهدتها مدونة الأسرة تحت رعاية الملك محمد السادس، خطوة هامة نحو تحقيق العدالة للمرأة، وصون حقوق الطفل، وإعلاء كرامة الرجل. ولا تعكس هذه المراجعات الالتزام بالحداثة فحسب، بل تؤكد أيضًا على أهمية القيم المعاصرة في مدونة الأسرة.

أهم مستجدات المدونة

أحد التغييرات الملحوظة، هو التحول من قانون الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة، مما يسلط الضوء على الاهتمام الشامل برفاهية جميع أفراد الأسرة، وتحدد مدونة الأسرة الفئات الخاضعة لأحكامه، مما يضفي الوضوح والخصوصية على الإطار القانوني.

وفي خروج كبير عن الممارسات السابقة، تلعب النيابة العامة الآن دورًا مركزيًا كطرف أصلي في جميع القضايا ذات الصلة، مما يعزز مبادئ العدالة والإجراءات القانونية الواجبة. علاوة على ذلك، تطور تعريف الزواج ليؤكد على إنشاء أسرة مستقرة تحت الرعاية المشتركة لكلا الزوجين.

كما قامت المدونة أيضًا بتوسيع أحكام الخطبة بعد أن كانت مختصرة في فصلين اثنتين في المدونة السابقة، بما في ذلك التعويض عن الأضرار الناتجة عن فسخ الخطبة و هو من المستجدات. علاوة على ذلك، يحدد سن الزواج الموحد في 18 سنة لكلا الجنسين، مع السماح بالاستثناءات بموجب إذن خاص من قاضي الأسرة.

وفيما يتعلق بالترتيبات المالية، يمكن للأزواج الآن إنشاء اتفاقيات محددة لإدارة مواردهم وممتلكاتهم المكتسبة أثناء الزواج، من خلال عقد خاص يتضمن اتفاقهما. وقد امتدت حقوق الولاية في الزواج لتشمل المرأة الرشيدة بحسم في قرار زواجها كحق تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها.

كما أعاد القانون تعريف الصداق، مع التركيز على قيمته المعنوية بدلاً من قيمته المادية، مع عدم سقوط حق المطالبة به بالتقادم. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يضع قيودًا على تعدد الزوجات، كما يمنعه في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها.

وتحظى إرادة الطرفين بمكانة أكثر بروزا، مع وجود مواد مخصصة للشروط الطوعية، كما تتدخل النيابة العامة لتسهيل الصلح بين الزوجين في حالات الخلاف.

وفي حالة تعذر الإصلاح واستمرار الشقاق، فإن المحكمة تثبت ذلك في محضر، وتحكم بالتطليق وبالمستحقات، مراعية مسؤولية كل واحد منهما عن الفراق في تقدير ما يمكن أن تحكم به على المسؤول لفائدة الزوج الآخر، مع ضرورة البث في دعوى الشقاق في أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب.

ومن الأهمية بمكان أن تمنح مدونة الأسرة الحقوق الأساسية للأطفال، بغض النظر عن الحالة الاجتماعية لوالديهم، ويفرض رعاية خاصة للأطفال ذوي الإعاقة. ويؤكد على قرينة شرعية البنوة بالنسبة للأم والأب، مما يستلزم صدور حكم قضائي بإبطالها.

أما بالنسبة لتأكيد البنوة بالنسبة للأم والأب، تعتبر شرعية إلى أن يثبت العكس، كما أن النسب يثبت بالظن ولا ينتفي إلا بحكم قضائي، ثم إنه إذا نتج عن الاتصال بشبهة حمل وولدت المرأة ما بين أقل مدة الحمل وأكثرها، ثبت نسب الولد من المتصل، ويثبت النسب الناتج عن الشبهة بجميع الوسائل المقررة شرعا، كما أنه إذا ظهر حمل بالمخطوبة وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج، فإنه يتسبب للخاطب بالشبهة إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في المادة 156.

ويمنح القانون المحكمة سلطة اختيار الحاضن سواء كان من الأقارب أو أي جهة أخرى مؤهلة، وينص على استمرار الحضانة حتى بلوغ سن الرشد القانوني لكلا الجنسين. ويمكن للأطفال اختيار الوصي عليهم بمجرد بلوغهم سن الخامسة عشرة، خلاف ما كان عليه الأمر في قانون الأحوال الشخصية سابقا، والتي كانت تحدد للأنثى سن 12 سنة.

كما أصبحت رسوم الحضانة منفصلة عن النفقة، وتقع على عاتق الطرف المسؤول، بغض النظر عن تكاليف السكن. ولا يمكن إخراج الطفل من منزل الزوجية حتى تتأكد المحكمة من امتثال الأب لترتيبات الإقامة، مع خيارات لتأمين ذلك من خلال ضمانات مالية أو شخصية.

ويمكن للمحكمة إعادة النظر في ترتيبات الحضانة إذا كان ذلك في مصلحة الطفل. كما أن زواج الأم الحاضنة لا يبطل حضانتها، خاصة إذا كان ذلك لمصلحة الطفل أو في ظروف خاصة، وكل ذلك تحت إشراف القضاء.

وفي الحالات التي يتفق فيها الزوجان على الخلع ولكنهما يختلفان على التعويض، فيمكنهما طلب تدخل المحكمة لتحديد حل عادل. وتمثل هذه التطورات في مدونة الأسرة قفزة كبيرة نحو خلق إطار قانوني أكثر إنصافا وعدلا للأسرة، ومواءمة للمشهد القانوني المغربي مع القيم والمبادئ المعاصرة، وتعزيز رفاهية جميع أفراد الأسرة.

وفي إطار هذا المسعى الإصلاحي، أوضح الملك محمد السادس مؤخرا، في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى 23 لاعتلائه العرش، أن مدونة الأسرة لم تهدف أبدا إلى التمييز ضد المرأة لصالح الرجل، بل إنه تم وضعها بهدف نبيل، هو ضمان تمتع المرأة المغربية بجميع الحقوق التي يكفلها لها الدين الإسلامي والدستور المغربي.

وقال الملك في هذا الصدد، “نشدد مرة أخرى، على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية، في كل المجالات. وقد حرصنا منذ اعتلائنا العرش، على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها. ومن أهم الإصلاحات التي قمنا بها، إصدار مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة،كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه. فالأمر هنا، لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية؛ وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية. وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها”.

ماجدة العجمي – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *