المغرب | المثليون …بين العنف المجتمعي و سلطة القانون

تعد المثلية الجنسية من بين الظواهر التي تستدعي اهتمام الباحثين، وكذا النشطاء الفاعلين في مجال حقوق الإنسان، باعتبارها ظاهرة تُثير الكثير من الجدل بين منتقد ومدافع عن حقوق المثليين أو حقوق الإنسان عموماً.

فواقع الحال أننا نعيش في مجتمع إسلامي ،محافظ ظاهرياً، لكن في نفس الوقت، يشهد نوعاً من الإنفتاح والحداثة من حيث التسامح مع بعض السلوكات.

لكن، حينما يتعلق الأمر ببعض الظواهر التي يعتبرها البعض “شاذة” كالمثلية الجنسية، نلحظ تشنجاً لدى البعض باختلاف مرجعياتهم الفكرية والعقائدية، وفي هذا المقال، نستعرض تجربة “هيثم”، مثلي مغربي حكى  لـ”بلادنا24” تجربته مع المثلية الجنسية، كما نستعرض الآراء المؤيدة والمعارضة لهذه الظاهرة.

سن المراهقة

يقول هيثم، وهو اسم مستعار لمثلي يبلغ من العمر 29 سنة، لـ”بلادنا24“: “قصتي مع المثلية بدأت في سن المراهقة، حينما كنت أبلغ 17 سنة،  كنت أدرس في الثانوية،  كنت إنسانا خجولا وانطوائيا لا يجرؤ حتى على تجاذب أطراف الحديث مع الاناث، لكن بالمقابل كنت أشعر بميولات نحو الذكور وكنت أحاول إخفاءها بحكم المجتمع والعائلة، ذلك لأنني ترعرعت في وسط محافظ ألزمني بإظهار الجانب الذكوري والرجولي من شخصيتي سواء لأصدقائي أو لمحيطي الأسري. لكن كنت دوما أشعر بانجذاب نحو الذكور ألاحظه حينما أتواجد في محيط يعج بهم، مثلا حينما كنت أتوجه إلى الشاطئ كنت اتمعن في أجسام الذكور خاصة الرياضيين منهم، اشعر بانجذاب نحوهم ونحو تفاصيل أجسامهم، لكن سرعان ما أبادر بإخفاء تلك الرغبات، وحين بلغت 25 من عمري، لاحظت بأنه بم يسبق لي أن أقمت علاقة عاطفية كانت أو جنسية مع أي أنثى، وحتى حينما حاولت كانت تجاربي كلها فاشلة، فقررت أن أخوض تجربة مع الذكور، تعرفت على شاب في إحدى التطبيقات أعجبنا ببعضنا البعض، تطورت العلاقة الى علاقة حب،  في إحدى الأيام طلب مني ممارسة الجنس معه، صُدمت في بادئ الأمر لقلة خبرتي وكنت مترددا، لكن في آخر المطاف استسلمت وسلمت له نفسي”.

ألم ولذة

وأضاف هيثم: “كانت ليلة جميلة وممتعة بالرغم من الألم والندم، لكن إحساس اللذة كان طاغياً، شعرت بتأنيب الضمير بعدها وأخذت أتساءل: ماذا لو عرفت أسرتي أو محيطي؟ سيكون الأمر مأساويا وستكون النهاية، نهاية العلاقة ونهايتي، لكن انتصر الحب في النهاية واستمرت العلاقة لمدة 3 سنوات، علاقة حب قوية وجنس خضتها بإيجابياتها وسلبياتها قبل أن تنتهي مطلع سنة 2022 نظرا لظروفه المهنية التي اضطر معها مغادرة البلاد، وكذا محيطي الأسري المحافظ.

 

واستطرد المتحدث نفسه:” انتهت المغامرة ولم أستطع انهاء مشاعري وميولاتي معها، وهي الميولات التي حاولت كل مرة قمعها وكبحها إلا أنني اكتشفت واقتنعت بأنه لا مفر من مواجهتها”.

 

و تابع هيثم، قائلاً :”واليوم، وبعد أن تقبلت نفسي وميولاتي أصبح همي الوحيد هر طلب اللجوء لدولة تحترم حقوق مجتمع المثلي، والتوصل لجمعية تساعدني على إجراء عملية التحول الجنسي لأعيش بسلام وأتمم مرحلة التصالح مع الذات”.

رفض إسلامي

وحاول موقع “بلادنا24″ ربط الإتصال بأحد الشيوخ المعروفين في الساحة الإعلامية، والذي أبدى امتعاضه وتحفظه على إثارة مثل هذه المواضيع، متسائلا:” لماذا نثير مثل هذه المواضيع ونتساءل عما حرم الله ومدى أحلته في الإسلام، في الوقت الذي نعلم فيه بأن مثل هذه الممارسات حرام شرعا”، وأمدنا الشيخ المذكور بأحاديث ومراجع تؤكد تحريم المثلية في الإسلام، كما أبدى رفضه المطلق لأن يتم ذكر اسمه واقترانه بمثل هذه المواضيع قائلا :”الحرام بين والحلال بين”.

الإسلاميون “رافضون”

وبدوره، أكد عبد الإله بنكيران ، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سابقا، ورئيس الحكومة سابقا، في تصريحات سابقة، بأن المثلية كانت حاضرة كميول وتوجه جنسي في المجتمعات الإسلامية، ويجسد “قوم لوط” مثالا حيا على ذلك ، إلا أن المشكل في الجهر بهذا التوجه والدفاع عنه جهرا، رافضا المجاهرة ب”المعصية” قائلا :”وإن ابتليتم فاستتروا” رافضا سن قوانين تحمي المثليين على اعتبار أننا دولة اسلامية ، و يجب احترام خصوصية مجتمعها المحافظ.

وانتقد بنكيران جمعيات حقوق الانسان التي تطالب بتغيير القوانيين التي تجرم المثلية وإلغائها والتسامح معهم وحماية حقوقهم بذريعة أن لا أحد يتدخل في حياة الاخرين الشخصية وحرياتهم الفردية، خاصة المثليين منهم، وهو ما يبرر عدم جدوى مناقشة المثلية أو الدفاع عنها في الوقت الذي لا يشكل العيش في المغرب خطرا على حياتهم، ومع إمكانية عدم الكشف عن ميولاتهم وممارستها في الخفاء.

 

مطالب حقوقية

في المقابل، طالب حقوقيون وفاعلون جمعويون مغاربة، في مناسبات عديدة بإلغاء الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يجرم المثلية وسن قوانين تحمي حقوق مجتمع الميم من أي تهديد قد يشكل خطرا على حياتهم أو سلامتهم الجسدية، وإقرار حقوقهم التي تكفلها لهم المعاهدات والاتفاقيات التي وقع عليها المغرب في هذا الصدد، والتي تدخل في إطار كونية حقوق الإنسان غير القابلة للتجزئة، والتي ترمي إلى تأسيس والحفاظ على مجال العيش المشترك وتقبل الاختلاف، والرامية لضمان احترام الحريات الفردية للأشخاص والحق في ممارستها.

وأكد هؤلاء على أن المجتمع يمارس الوصم والتمييز في حق المثليين ويحرمهم من ممارسة حقوقهم وحرياتهم كما تنص عليها مبادئ حقوق الإنسان، مستحضرين تراجع منظمة الصحة العالمية عام 1990، عن تصنيف المثلية الجنسية كنوع من أنواع الاضطراب العقلي والنفسي، ما يستوجب القطع مع كل أنواع التحيز أو التمييز الصادر في حق الأشخاص على أساس الميولات الجنسية.

 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *