جلسة مجلس الأمن حول الصحراء.. دعم وعداء وحياد للموقف المغربي

يستعد مجلس الأمن الدولي لمناقشة نزاع الصحراء، بعد غد الأربعاء، تحت الرئاسة الشهرية الروسية، في جلسة مغلقة، يرام منها تقديم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لنزاع الصحراء، ستافان دي ميستورا، لإحاطة حول مستجدات النزاع بناء على مقتضيات قرار المجلس رقم 2654، والقاضية بتقديم إحاطة حول النزاع كل ستة أشهر.

ومن المرتقب أن يناقش أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشرة، الإحاطة المقدمة من طرف المبعوث الشخصي، مع تقديم ملاحظات حول الجهود المبذولة في النزاع، طمعا في إعادة بعث العملية السياسية للنزاع، وهي الملاحظات التي ستتراوح بين ملاحظات تعكس دعم سيادة المغرب ووحدته الترابية، وبين أخرى معادية عداءً صريحا، وأخرى تنأى من خلالها بعض الدول بنفسها عن النزاع، في سبيل الحفاظ على نفس المسافة مع المغرب والجزائر أو الحفاظ على اللاموقف المبني على ثانوية النزاع بالنسبة للسياسة الخارجية لتلك الدول، علما بأن مجلس الأمن الدولي في عضويته 15 عضوا، من ضمنهم 5 دول دائمة العضوية، تلك التي تحوز حق “الفيتو”، ويتعلق الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين وروسيا وبريطانيا، فضلا عن 10 دول أخرى بعضوية غير دائمة، تنتهي بعضها في دجنبر 2023 على غرار عضوية كل من ألبانيا والبرازيل والغابون وغانا، ثم أخرى تنتهي عضويتها في دجنبر 2024، وهي كل من الإكوادور واليابان ومالطا والموزمبيق وسويسرا والإمارات العربية المتحدة.

لاشك أن الجلسة المغلقة ستشهد سجالا ومناكفات بين محورين، أحدهما معادي وآخر داعم، بيد أنها ليست موعدا لاتخاذ موقف حازم أو صارم في النزاع، بقدر ما هي مناقشات فقط يتوخى منها تصويب ما يمكن تصويبه بخصوص جهود الأمم المتحدة لإحياء العملية السياسية، والمجاهرة بموقف الأعضاء إزاءها وتقييمها وتقييم آلية عمل المبعوث الشخصي ومساعيه تحضيرا لأكتوبر المقبل، موعد القرار الجديد، علما بأن تلك المناقشات ستكون بالنظر للندية المغربية الجزائرية، محل سباق يضمن من خلاله أحد الأطراف التقدم بخطوة على الآخر.

دول داعمة للموقف المغربي

تبدو الدبلوماسية المغربية في وضع غير مريح خلال المناقشة المغلقة المزمع تنظيمها، باعتبار عدد الدول التي تعتمد موقفا يندرج ضمن عباءة “الحياد والنأي بالنفس” ضمن عضوية مجلس الأمن، سواء الدول ذات العضوية الدائمة أو غير الدائمة، بيد أن وضع عدم الأريحية تطوقه قوة بلدان أخرى ضمن مصاف المتحكمين كالولايات المتحدة الأمريكية.

ستعمد الدبلوماسية المغربية خلال الجلسة على بلدان قوية ومتنفذة ضمن إطار مجلس الأمن الدولي، حيث ستعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تجسيد موقفها القاضي بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وإن كان ذلك بصوت خافت، في حين تنتظر الرباط موقفا واضحا من فرنسا للمساهمة في تلطيف أجواء العلاقات بين البلدين، وهو الأمر الذي باتت ملامحه واضحة بعد زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا للمغرب في دجنبر 2022، ورهين بالمجاهرة بموقف منافح عن الوحدة الترابية للمملكة، وإن كان ذلك في جلسة مغلقة للمجلس.

وعلى صعيد متصل، تنتظر المملكة المغربية في ذات الجلسة، من دول على غرار الغابون والإمارات، سلك نفس الدرب المتعلق باعتماد موقف واضح وصريح مجاهر به، يتعلق بدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية دون تحفظ، أي ذات الموقف الذي ألفناه، نسبة للعلاقات القوية للرباط مع تلك الدول التي سبق لها افتتاح قنصلياتها بالعيون دون تردد.

دول معادية للسيادة الوطنية

مع وجود دول داعمة للوحدة الترابية، فإن مجال مجلس الأمن الدولي مفتوح أيضا للدول المعادية للسيادة الوطنية، وفي هذا الصدد، يضم المجلس في عضويته ثلاث دول تحمل ضمن عقيدتها الدبلوماسية عداء صريحا للمغرب، ويتعلق الأمر هنا أولا بالموزمبيق، المنامية للمحور الأنجلوسكسوني الأفريقي الذي تتزعمه جنوب أفريقيا، فضلا عن غانا التي تباشر علاقات رسمية مع جبهة البوليساريو تؤطرها “سفارة” للبوليساريو في العاصمة أكرا، وكذا الإكوادور التي تحتفظ أيضا بعلاقات دبلوماسية مع البوليساريو من خلال “سفارة” في العاصمة كيتو.

وعلى الرغم من وجود ثلاث دول ضمن عضوية مجلس الأمن الدولي تحمل عداء صريحا للوحدة الترابية للمملكة، لكن صوتها ضمن المجلس يبقى مطوَّقا وغير مسموع أو ذو تأثير، بالنظر لضعف دبلوماسيتها وتحولها لقناة لتصريف مواقف الجزائر في المجلس، وعدم قدرتها على مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية المتحكمة في الملف، ولعل أكبر دليل على ذلك، هو عجزها ولو اجتمعت عن القدرة على المطالبة بعقد جلسة واحدة حول النزاع، على غرار ما فعلته ألمانيا إبان الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو ما يوضح الفرق بين دبلوماسية تلك الدول مجتمعة وتأثيرها في المجلس مقارنة بتأثير ألمانيا.

دول تستظل بشجرة الحياد

في ظل وجود داعمة وأخرى معادية، هناك أيضا دول اختارت الوقوف مسافة واحدة عن جميع الأطراف، بعيدا عن متاهات نزاع الصحراء “المضللة”، وإن كان ذلك الحياد يخدم بشكل أكبر المغرب دونا عن جبهة البوليساريو أو الجزائر، ويتعلق الأمر بدول كالصين وبريطانيا والبرازيل وسويسرا ومالطا واليابان، والتي تختار الاستظلال بشجرة “دعم جهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي ودعم مينورسو”، وهي الشجرة التي تخفي أيضا موقف يكاد يميل إلى المغرب، كحالة اليابان التي ترفض مشاركة البوليساريو، وإن شاركت في قممها مع إفريقيا، نسبة لموقفها القاضي بحصر دعواتها للدول المعترف بها ضمن إطار الأمم المتحدة فقط، بينما تعتمد الصين نفس الموقف بالنظر لكونها علقت مسبقا في “وحل” المشاريع الاقتصادية في المغرب والجزائر، في حين أن سويسرا ومالطا غير معنيتان بالأساس وتختاران لغة “الخشب” في التعاطي مع النزاع.

ضمن باب الدول المحايدة لايمكن إلا إدراج روسيا، التي تحاول جاهدا لعب دور حيوي في النزاع، إذ يظهر من خلال ذلك الموقف معاداة في الواجهة وحياد باطني، وما يفسر لعبها على الحبلين، هو إحراجها للولايات المتحدة في كل تصويت على قرارات مجلس الأمن الدولي الصحراء عبر الامتناع، إذ تفسره على لسان ممثلها الدائم السفير فاسيلي نيبينزيا، بشكل صريح وواضح، بناء على التحكم الأمريكي وعدم التشاور معها في صياغة تلك القرارات، وليس على معاداة الوحدة الترابية أو دعم بيِّن للبوليساريو وفقا لتصريحاته، وبالتالي فلا يمكن الجزم بالعداء للسيادة الوطنية، في حين يمكن إدراج ذلك الموقف ضمن “الحياد” وإن كان القرب للجزائر في ملفات أخرى أكثر وضوحا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *