بين نجاحات ونكسات وفقدان.. الساحة الفنية المغربية تودع سنة 2022

لا يفصلنا عن السنة الجديدة إلا القليل، نودع سنة 2022 بأفراحها وأحزانها، سنة شهدت مختلف الأحداث، التطورات والتغييرات في مختلف المجالات، أبرزها الساحة الفنية الوطنية.

سنة عنوانها “عودة الحياة” إلى لأنشطة الثقافية بعد التوقف الذي فرضته الجائحة، حيث استعاد المجال الفني أنفاسه، وفي المقابل ودعنا العديد من الوجوه الفنية التي ستبقى خالدة في ذاكرتنا.

عودة المهرجانات الثقافية

بعد ركود دام أكثر من سنتين، استقبلت سنة 2022 المهرجانات الفنية والثقافية في مختلف المدن المغربية، باعتبارها مناسبة ليس فقط لعرض الأفلام والإبداعات السينمائية الوطنية، بل هي فضاءات لتلاقح الأفكار والتجارب الفنية والسينمائية، أبرزها المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الـ19، الذي نظم في شهر نونبر الماضي،  غير أنها كانت الدورة الأضعف فيما يخص المضمون، حيث لم تعرف استقطابا للوجوه الفنية الدولية البارزة، واكتفت بتكريم واستقبال أسماء أقل وزنا وأهمية، كما تعد خيبة أمل بالنسبة لأغلبية المتتبعين للشأن الثقافي والسينمائي.

إلى جانب المهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، الذي نظم دورته الـ22، بعد انقطاع عامين بسبب الجائحة، وضم حوالي 50 فيلما طويلا وقصيرا، وهي أفلام تنافست في ثلاث مسابقات، كما اختار المهرجان تكريم السيناريست والمنتج والناقد السينمائي الراحل نور الدين الصايل، الذي قدم للسينما العديد من الأفلام، كما شغل منصب رئيس “المركز السينمائي المغربي”، وفاز فيلم “زنقة كونتاكت” للمخرج المغربي إسماعيل العراقي بالجائزة الكبرى.

ونذكر أيضا المهرجان المغاربي للفيلم بوجدة، في دورته الحادية عشر، الذي أتاح لجمهور الشرق العودة إلى القاعات المظلمة تحت شعار ” الصورة والخيال في السينما “، وتميزت هذه الدورة بتتويج فيلم “الطابع” للفنان رشيد الوالي بجائزة أحسن سيناريو، وتكريم  العديد من الوجوه الفنية، أبرزها الفنان القدير أحمد الزوغي اعترافا بعطائه للفن المغربي عبر سنوات.

ولا ننسى مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف في دورته الـ27 والذي نظم بين الـ17 و 24 نونبر، وحرص على الإعتراف بعطاءات مختلف الفنانين المغاربة والعرب، أبرزهم الممثلة السورية سلاف فواخرجي، والفنانين المغربيين نورة الصقلي وفريد الركّراكّي، وغيرهم.

ولم يقتصر الأمر على المجال السينمائي، بل استعادت مهرجانات الموسيقى أيضا صخبها بعد عامين من التوقف الاضطراري، حيث أتاحت للجماهير فرصة الإستتمتاع من جديد بإيقاعات متنوعة، بدءا بمهرجان “البولفار” الذي عاد هذه السنة بمدينة الدار البيضاء في دورته العشرين، بين 23 شتنبر و2 أكتوبر، وشهدت هذه الدورة حضور مجموعة من الفرق الموسيقية الشبابية، وأيضا نجوم في عالم الموسيقى، خصوصاً في “الراب”، و”الروك” و”الفيزيون”، وغيرها من الأنواع الموسيقية الأخرى، وفي المقابل عرفت أحداث شغب وعنف، وأجواء رعب وخوف حقيقية غير مسبوقة في صفوف الجماهير، التي استمرت لمدة ساعتين، وعاش فيها جمهور “البولفار” جحيما حقيقيا بسبب انتشار السرقة وحدوث بعض المشاجرات العنيفة، وحالات اغتصاب وخسائر مادية.

مرورا بمهرجان “جازابلانكا” الذي احتضنته العاصمة الاقتصادية، وتضمن برمجة موسيقية غنية ومتنوعة في دورته الـ15 ابتداء من 01 إلى 03 يوليوز، وحضور ألمع الأسماء الموسيقية في الساحة الوطنية والدولية، وسط أجواء حماسية، إلى جانب مهرجان كناوة موسيقى العالم الذي عاد هذه السنة على شكل جولة في أربع مدن، وهي مدينة الصويرة مسقط رأس المهرجان، وتواصلت في مدينة مراكش والدار البيضاء والرباط، خلال الفترة الممتدة بين 3 و24 يونيو 2022.

وبدوره، حاول أب الفنون إيجاد انتعاشة بعد سنوات، حيث نظمت جولات مسرحية في عدد من المدن المغربية، كما اختتمت السنة بعودة فعاليات المهرجان الوطني للمسرح بتطوان في دورته الثانية والعشرين، الذي نظم من 22 دجنبر إلى 29 دجنبر، واتسمت هذه الدورة باللمسة الشبابية التي أضفت طابعا خاصا على العروض المسرحية المشاركة.

وتوجت مسرحية “غيثة” بالجائزة الكبرى للمهرجان، من إخراج ادريس الروخ، وبطولة حنان الخالدي، كما حصدت هذه الأخيرة جائزة أفضل دور نسائي، مناصفة مع الممثلة قدس جندل، التي شاركت في مسرحية “شاطارا”، الحائزة على العديد من الجوائز العربية لمخرجها أمين ناسور.

ولقيت الدورة أيضا مجموعة من الإنتقادات والتعقيبات من طرف مختلف المسرحيين والفاعلين في القطاع حول العديد من الجوانب المتعلقة بمضمون المهرجان، منها البرمجة والتنظيم، وشملت أيضا الجوائز المعلن عنها خلال الحفل الختامي.

زيجات وطلاق الفنانين 

تعد سنة 2022 “فال خير” بالنسبة للعديد من الفنانين، الذين قرروا الدخول إلى القفص الذهبي وتوديع حياة العزوبية، فيما اختار البعض الآخر وضع حد لزواجه.

أبرزهم النجم المغربي، سعد لمجرد، الذي اختار عقد قرانه على صديقته المقربة في حفل بالعاصمة الفرنسية باريس، بحضور والديه وأصدقائه المقربين.

إلى جانب كل من الفنانة بشرى أهريش، جيهان كيداري، ماريا نديم، اللواتي حرصن على الزواج في سرية تامة بعيدا عن الأضواء، وفضلن عدم الكشف عن هوية أزواجهن.

ولا ننسى الفنانان المغربيان، جميلة البدوي وعبد الفتاح الجريني، اللذان احتفلا بعرسهما على الطريقة المغربية بمدينة الدار البيضاء، بحضور ثلة من ألمع الوجوه الفنية.

لكن الفنانة دنيا باطمة اختارت إنهاء زواجها الذي دام أزيد من 9 سنوات، من المنتج البحريني محمد الترك، بعدما اتهمته بالخيانة الزوجية وخيانة الأمانة والتحريض على الفساد، وأثارت قضية الثنائي جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي.

القضايا الفنية المثيرة لسنة 2022:

واجه العديد من نجوم الغناء هذه السنة العديد من المشاكل القضائية، منتقلين من منصات الغناء إلى ردهات المحاكم، أبرزهم مغني الراب “طوطو”، الذي تمت متابعته بالعديد من التهم أهمها، السب والقذف والتشهير، التهديد والإخلال العلني بالحياء، واستهلاك المخدرات والتحريض على ذلك، إضافة إلى القيام بأعمال وأقوال مخلة بالحياء وتوثيقها ونشرها عبر أنظمة المعلوميات، وجاء ذلك بسبب تصريحاته غير المحسوبة خلال ندوة صحفية أقيمت على هامش مهرجان الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية، إلى جانب ظهوره في مقطع فيديو يرد على منتقديه.

كما أصدرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مذكرة بحث في حق الفنان الشعبي، عادل الميلودي، للاشتباه في تهديده لرجال شرطة بالتصفية الجسدية والقذف والتشهير.

وأيضا، الفنانة دنيا باطمة، التي شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة، بسبب قضيتها المتعلقة بالخيانة الزوجية، وتحدثت هذه الأخيرة بحرقة عن علاقتها الزوجية ومشاكلها مع زوجها محمد الترك خلال بث مباشر، مخاطبة جميع النساء المغربيات اللواتي واجهن نفس الوضع، كما كشفت عن الظروف الصعبة التي مرت منها خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وعن تعرضها لمؤامرات محبوكة ومقصودة من طرف زوجها.

أبرز الإنتاجات التلفزية، السينمائية والغنائية 

عرفت الساحة الفنية العديد من الإنتاجات الفنية سواء في السينما، التلفزة أو الغناء نذكر منها:

فيما يخص السينما، أصدرت المخرجة والممثلة المغربية سناء عكرود فيلم “قصر النظر MYOPIA”، الذي يطرح مشاكل المرأة في العالم القروي وتحدياتها، وحصل هذا الأخير على عدة جوائز عالمية.

إلى جانب فيلم “الإخوان”، من إخراج محمد أمين الأحمر، ومشاركة مختلف الكوميديين، أهمهم عبد العالي المهر، المعروف بطاليس، رشيد رفيق، باسو وغيرهم، ويتناول العمل قصة ثلاثة أصدقاء من حي صفيحي بالدار البيضاء، لكل واحد منهم قصته الخاصة، ويتطرق لمواضيع مهمة وشائكة أبرزها الدين الإسلامي، في قالب كوميدي.

إضافة إلى فيلم “قرعة د ميريكان”، من إخراج هشام الركراكي، ومن بطولة كل من الممثل فيصل عزيزي، هاشم البسطاوي وعزيز الحطاب، وتدور أحداثه حول شابين لا يفترقان تجمعهما صداقة متينة، ويوحدهما حلم مشترك هو الهجرة إلى أمريكا.

وفيلم “زرقة القفطان le bleu du caftan”، لمخرجته مريم التوزاني، الذي حصد مجموعة من الجوائز أهمها جائزة النقاد الدوليين لمهرجان كان 2022 ، وجائزة لجنة التحكيم بمهرجان مراكش الدولي، إضافة إلى ترشيحه لجائزة الأوسكار العالمية.

أما بالنسبة للتلفزة، حاز مسلسل “المكتوب” على إشادة واسعة من المتلقي المغربي، خلال شهر رمضان، نظرا لأحداثه التي كانت مليئة بالتشويق والإثارة، من إخراج علاء أكعبون وتأليف فاتن اليوسفي، بطولة كل من أمين الناجي، مريم الزعيمي، دنيا بوطازولت وغيرهم، كما حقق أعلى نسب مشاهدة في تاريخ المسلسلات.

إلى جانب مسلسلات أخرى من قبيل “جروح”، “جوديا”، “جريت وجاريت”، إضافة إلى مسلسل “بغيت حياتك” الذي يتناول ثلاث قصص مختلفة، قاسمها المشترك سرقة سعادة الآخرين، من إخراج شوقي العوفير، سيناريو سامية أقريو، ونورة الصقلي وجواد لحلو، ومشاركة نخبة من الممثلين، أبرزهم سامية أقريو، نورا الصقلي، مريم الزعيمي، كريمة غيث، عبد الله ديدان، سلوى زرهان، سانديا تاج الدين، وناصر أقباب.

ولا ننسى الأغنية المغربية التي تألقت هذه السنة بمجموعة من الإصدارات الجديدة، أهمها أغنية “silouette” للمغني طوطو، الذي جسد  من خلالها معاناته الأخيرة، بعد الجدل الكبير الذي رافقه بسبب القضايا التي رفعت ضده المتعلقة بالسب والقدف، والتهديد.

و مغني الراب المغربي توفيق حازب، المعروف فنيا “بدون بيغ”، الذي عاد بقوة بعد غياب طويل عن الساحة الفنية بألبوم جديد تحت عنوان “أربعين عاما”، وقد نجح هذا الأخير في التربع على صدارة طوندونس اليوتيوب المغربي، بمشاركة مجموعة من الفنانين المغاربة الشعبيين.

وشهدت الساحة الفنية هذه السنة مجموعة من “الديوهات” جمعت فنانين مغاربة وعرب، أبرزها “أغنية أول دقيقة” التي جمعت الفنانة إليسا والنجم المغربي سعد لمجرد، وهي من كلمات أمير طعيمة وألحان رامي جمال، وحققت الأغنية نجاحا كبيرا، حيث تخطت عتبة 100 مليون مشاهدة على منصة “يوتيوب”.

إضافة إلى أغنية “سيد الغرام” للفنانة أسماء المنور والفنانة السورية أصالة نصري، التي تغني باللهجة المغربية لأول مرة، وشكلت أصواتهما معا مزيجا مميزا، لتتصدر الأغنية الطوندونس المغربي والعربي، وحققت نسبة كبيرة من المشاهدات.

وفي ظل بطولة كأس العالم قطر 2022، حرص مجموعة من الفنانين على إصدار العديد من الأعمال تشجيعا ومساندة للمنتخب الوطني المغربي بعد تحقيقه إنجازات تاريخية.

وفي السياق ذاته، تميزت السنة بانطلاق الموسم الأول من مسابقة “ستارلايت” الخاصة باكتشاف المواهب الغنائية  الصاعدة، وضمت لجنة تحكيم البرنامج ألمع النجوم: الفنانة لطيفة رأفت، وأسماء المنور، ونعمان لحلو، وأمينوكس، ومن تقديم الإعلامي المغربي هشام مسرار.

رحيل أهرام الساحة الفنية

فقد المجال الفني المغربي في سنة 2022 العديد من الأسماء التي بصمت الساحة الفنية الوطنية، وتركت وراءها مشوارا حافلا بالعطاء، أغنى الخزانة الفنية المغربية بجميع أنواعها.

نستحضر منها، الممثلان عبد اللطيف هلال، وعبد الرحيم الصمدي، ورائد المسرح المغربي عبد القادر البدوي، الممثلة رشيدة الحراق، وأيقونة الكوميديا نور الدين بكر، والنجمة الشعبية خديجة البيضاوية، وهرم الأغنية المغربية فتح الله المغاري، وكان آخرهم الفنان والمخرج محمد عاطفي.

بهذا الزخم الفني نودع سنة2022، ونتمنى أن تكون سنة 2023 أكثر عطاء، وتحمل بين طياتها إنتاجات وإبداعات فنية ترقى إلى تطلعات الجمهور المغربي.

بلادنا24سلمى جدود 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *