بين التقليد والعصرانية.. التحولات الاجتماعية في الأسرة المغربية

تعتبر الأسرة المغربية العريقة أساساً للمجتمع المغربي، حيث تتميز بتنوعها الثقافي وتاريخها الأمجاد، بين الأمازيغية والعربية والحسانية وغيرها. إلا أنه في السنوات الأخيرة، شهدت هذه الأسرة تغيرات جذرية على مستوى الشكل والمضمون. عادة ما يُعرف في مجتمع المغربي بالأسرة الممتدة، حيث تتألف من وحدات أسرية مختلفة مقيمة معًا ومرتبطة بالقرابة الدموية، ما يجعلها وحدة اجتماعية مستمرة تتكون من 3 أجيال وأكثر.

كانت السلطة داخل هذه الأسرة تقتصر تقليديًا على الذكور أو الأكبر سنًا، في حين يُكرس دور النساء في العمل المنزلي وتربية الأطفال، مع مراعاة الحشمة والعيب كمعيار للسلوك الاجتماعي. وقد كانت هذه القيم والتصورات مركزية في المجتمع المغربي لفترة طويلة.

ومع ذلك، شهدت الأسرة التقليدية تفككًا وتلاشيًا، ليس فقط داخل المدن ولكن أيضًا في المناطق الريفية. وقد أثر هذا التغيير على أدوار أفراد الأسرة وعلى المجتمع بشكل عام.

فقد تغيرت بعض القيم والضوابط التي كانت تحكم سلوك الأفراد واختياراتهم الاجتماعية، مما أدى إلى تحولات اجتماعية وثقافية جذرية.

وفي تصريح خاص لموقع “بلادنا24“، تحدثت خديجة.ف، أستاذة التعليم الابتدائي بإحدى مدارس مدينة فاس: “قديمًا كان الزواج يختلف بشكل كبير عن الزواج في العصر الحالي. في الماضي، كان الزواج يعتبر قرارًا اجتماعيًا وعائليًا أكثر من أن يكون قرارًا شخصيًا، حيث يتم ترتيب الزواج بين العائلات دون تدخل كبير من الأفراد المعنيين. كان يعتمد على العادات والتقاليد والاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية، وكان الأولاد يعيشون مع كبارهم”.

“أما في وقتنا هذا، تغيرت ملامح العائلة بشكل كبير، حيث تغيرت القيم والمعتقدات المجتمعية مفهوم الزواج تمامًا. أصبح الزواج قرارًا شخصيًا للأفراد وعادة يستند إلى الحب والتوافق بين الشريكين. كما تزايد مفهوم الحرية الشخصية والاختيار في قرارات الزواج، وأصبح الزواج يعتبر شراكة متساوية بين الزوجين بدلاً من علاقة طبقية”، تضيف المتحدثة.

وفي هذه الفترة المتقدمة، شهد المجتمع المغربي مجموعة من التحولات الاجتماعية والثقافية، حيث نشأ مجتمع جديد يجمع بين القيم التقليدية والعصرية.

كما أصبحت الأسرة ذات تشكيلة نصف تقليدية ونصف عصرية، وتعيش في مرحلة انتقالية، حيث تحاول تواجه التحديات الناجمة عن التغيرات الاجتماعية والثقافية.

التحولات الاجتماعية هذه قد أثرت على أدوار أفراد الأسرة والعلاقات بينهم، حيث أصبح لدى الأفراد طموحات جديدة ومطالب مختلفة. تغيرت الحياة الأسرية وتغيرت أفكار تكوين أسرة، وأصبحت الأسرة تتشكل في شكل عدة خلايا نووية مستقلة، ومع ذلك، فإن الأبوين يظلان جنبًا إلى جنب كمركز موحد للأسرة طالما هما على قيد الحياة.

على الرغم من تحولات الأسرة المغربية وتعدد النماذج والتحديات التي تواجهها، فإنها ما زالت تمثل جزءًا هامًا من الهوية الاجتماعية والثقافية للمجتمع المغربي. تبقى متغيرة ومتأثرة بالتطورات الاجتماعية الحديثة والتحديات التي تواجهها في هذا العالم المتغير.

شيماء القوري الجبلي – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *