بنزاكور: المجتمع المغربي متمسك بالفكر الخرافي رغم ظهور معالم التحضر

انتشار الفكر الخرافي في المجتمع المغربي، يعتبر عائقا أمام تحقيق قيم التحضر والحداثة، ورغم ظهور عدة تيارات فكرية تدعو إلى الانعتاق والتحرر من كل المعتقدات التقليدية الخرافية، لم تنجح في خلق نمط تفكير متحرر وحداثي داخل المجتمع، إذن لماذا لم تنجح الحداثة في المغرب كنمط تفكير؟

أكد محسن بنزاكور، دكتور متخصص في علم النفس الاجتماعي، أن “إشكالية الثنائية في السلوك، هي ليست خاصية يتميز بها المغرب فقط، بل كل دول العالم، وبالتالي ومن منطلق علمي، نذكر بأن الإنسانية عرفت الفلسفة 600 سنة قبل الميلاد، والفكرة الأساسية التي جاء بها الفكر الفلسفي هي محاربة الأسطورة والفكر الخرافي، ومنذ ذلك الحين للآن، لم تنجح الفلسفة في محاربة الأسطورة، وهذا يطرح سؤال، لماذا هناك ازدواجية في سلوك الإنسان المغربي؟”.

وأضاف المتحدث نفسه، أنه “رغم ظهور معالم التحضر والحداثة والمعاصرة في المجتمع، مازال البعض متمسكا بالسلوكات الخرافية والشعوذة، ولا ينطبق الأمر فقط على فئة معينة من المجتمع، بل كل الفئات والطبقات، حتى المحسوبين على النخبة المثقفة، وتعود بالأساس هذه الازدواجية إلى توارث الثقافة التقليدية وخضوع الإنسان لظاهرة التنشئة الاجتماعية، بمعنى أنه داخل الأسرة المغربية يتم تنشئة الأطفال وتربيتهم بالتركيز على الجانب العلمي، الذي يتشكل من خلال النظريات العلمية والتقدم الفكري، بل نتربى بالطريقة التقليدية التي يغيب فيها الجانب الفكري والنقدي، لذا فمن الطبيعي أن تجد مجموعة من الناس متشبعة بالفكر الخرافي التقليدي”.

وتابع بنزاكور، أن “هذه الأفكار تترسخ في عقل الإنسان ووعيه، وتظهر في مراحل الضعف، فمثلا نجد سياسيين أثناء الانتخابات يلجؤون للشوافة ويمارسون بعض الأمور التي تجعلنا نستغرب كيف لهؤلاء أن يسيروا البلد وهم متشبعون بالفكر الخرافي، ونجد نفس هذه الممارسات حينما يريد البعض مثلا فتح مشروع تجاري “كيرش الماء قدام المحل ويدير ذبيحة”، وكذلك يمارس هذه الطقوس في الأمور المتعلقة بالزواج، “حل الثقاف”، وهذه المظاهر والممارسات تناقض المستوى العلمي والمعرفي والفكري المنتظر في مثل هذه السلوكات لدى الإنسان المغربي”.

وأوضح المتحدث ذاته، أن “هذا فيما يخص التنشئة الاجتماعية، أما بخصوص التفسير النفسي، وهو مهم جدا في تفسير هذه الظاهرة، هو حينما يكون الإنسان أمام شيء يخيفه، مما يجعل الفكر المعقلن يتوارى ويحظر السلوك الخاضع للعواطف، وأي عواطف؟ تلك التي لا تخضع للاستشارة العلمية بل تخضع للاستشارة بالتجربة، والمقصود بالتجربة، أنه الشخص يستشير بعض الناس الذين يقترحون عليه الذهاب عند “الفقهة والشوافات”، إذن يصبح ذلك الخوف يترجم من خلال تجربة الآخر، وتصبح تلك التجربة بمقياس أنها علم وأنها ناجحة، ليجد الشخص نفسه ساقطا في براثن الخرافة، وهذا سبب نشاط بعض الظواهر التي لازالت موجودة في المغرب”.

واسترسل قائلا، “إذن فمن الجانب النفسي، تعني تلك المرحلة التي يمر منها الإنسان، وهي مرحلة الشك وعدم اليقين، وبالتالي الاستنجاد بتلك القشة، والتي يعتقد بأنها هي المفتاح، متجاهلا الأسس العلمية، ولن ننسى البعد السياسي، وهنا أتساءل لماذا السلطات القائمة على أمن هذا البلد تحارب “مالين الكرارس” ولا تحارب المشعوذين، لم نسمع أنهم سجنوا شخصا بسبب ممارسته للشعوذة”.

مضيفا أنه “حينما نتحدث عن التحرر، إلى أي حد تملكت فكرة اللباس من منطلق التحرر والقناعة الفكرية، وليس من منطلق التقليد، وما يؤكد أن هذا الكلام صحيح، هو تناقض السلوك كيف يتحرر الشخص في اللباس ويتناقض في السلوك”.

خديجة حركاتصحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *