اندماج الجالية المغربية بالمجتمع الألماني بين التعايش والتناقض

إن ملف اندماج المهاجرين العرب بالمجتمعات الأوروبية، يحظى باهتمام كبير حيث نهجت مجموعة من البلدان الغربية سياسات تهدف لإدماج اللاجئين والمهاجرين العرب، خاصة ألمانيا التي استقبلت في السنوات الأخيرة الآلاف منهم ووضعت قوانين وإجراءات تهدف إلى استقطاب اليد العاملة.

وتعتبر ألمانيا من بين الدول الأوروبية التي تضم جالية مهمة من المغاربة، من الجيل الأول والثاني والثالث، فكيف يتعايش المغاربة المهاجرين داخل المجتمع الألماني؟.

سياسات ألمانيا في الإدماج

أهم خطوة تتخذها ألمانيا في سياسة الإدماج، هي حصول المهاجرين على دورات لتعلم اللغة ودعم التعايش المجتمعي، وذلك من خلال محاربة التمييز والعنصرية وإشراك المهاجرين في التعليم والصحة والعمل، وكذلك وضع تسهيلات في الحصول على الجنسية الألمانية عند استيفاء الشروط المطلوبة، وكذلك إدماجهم في سوق العمل.

اليمين المتطرف

تدفق آلاف المهاجرين لألمانيا، جعل شعبية الحزب البديل لأجل ألمانيا تزداد “اليمين المتطرف”، ويدعو اليمين المحافظ إلى ترويج أفكار عنصرية ضد الأجانب خاصة العرب منهم، بحيث يرفض الحزب سياسة استقبال المهاجرين التي نهجتها المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ماركل، وهذه السياسة ساهمت في بروز الحزب البديل، ونشر أفكار التمييز والعنصرية تجاه المهاجرين.

هل نجحت سياسة الإدماج؟

مريم، ربة بيت، تنحدر من مدينة الزمامرة، مهاجرة مغربية من الجيل الثاني، تقول في حديثها لـ”بلادنا24“، “لقد هاجرت أنا وزوجي سنة 2003، واستقرينا بمدينة كولن بألمانيا، في البداية تخوفنا من هذه الخطوة لكن بسبب ضيق الحال قررنا الهجرة، وبمساعدة بعض الأقارب استطعنا أخيرا الاستقرار في ألمانيا”.

تضيف المتحدثة ذاتها، “في البداية وجدنا صعوبة بالغة في الاندماج داخل المجتمع الألماني، من بينها تعلم اللغة والتواصل، لقد كان غير مرغوب بنا من طرف جيراننا الألمان، في حين كان سهل علينا الحصول على أصدقاء عرب من كل الجاليات”.

وأبرزت مريم، على أن “الصعوبة الحقيقة ليست في اندماجنا كمهاجرين، بل في إدماج أبنائنا، أن ترزق بأطفال هنا “راه بحال القنبلة تتبقا حاضي معها إلى تفرگع في وجهك شي نهار”.. كنت أحاول أنا وزوجي تعليم أطفالنا الثلاثة اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي والصلاة والصوم. إن إقناع الأطفال بتقاليد وعادات المغرب كان أصعب ما عشته خلال العشرين سنة التي تواجدت بها هنا”.

تناقض وتعايش

من جانبه، أكد أسامة العاجي، محام بألمانيا، في حديث مع “بلادنا24“، أن “أول ما يواجه أي مهاجر عربي عموما هو صعوبة التأقلم داخل المجتمع الألماني، وهذا ما ينطبق أيضا على الجالية المغربية، ولكن لا يمكن أن نطبق قاعدة واحدة على الجميع فلكل مهاجر وضعه الخاص وخصوصيته والأسباب التي دفعت به للهجرة”.

وأردف المتحدث، أنه “من السهل جدا على المهاجر الذي هاجر لوحده الاندماج والتأقلم، في المقابل تجد الأسر صعوبة بالغة في ذلك وتواجه الكثير من المشاكل أحيانا”.

وأشار العاجي، إلى أن “محاولة التشبث بالتقاليد والعادات من طرف المهاجرين يواجه بعض الصعوبة، فلا يستطيع أي شخص نشأ وتربى على عادات معينة أن يتماهى بشكل كبير داخل المجتمع الأوروبي البعيد شيئا ما عن عقليته وأفكاره. إن هذا التناقض بين مجتمعين مختلفين يجعل الإندماج لن أقول مستحيلا ولكن صعبا”.

وقال أسامة العاجي، أن “التعايش هو الحل في نظري، على المهاجر كيفما كانت جنسيته ولغته وعاداته أن يركز فقط على الأساسيات والضروريات كاللغة والعمل ومحاولة التواصل بشكل إيجابي مع المجتمع الجديد، ولا أحد سيجبره على التطبيع مع أي عادات تخالف أفكاره”.

خديجة حركات – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *