المساواة في الإرث والزواج من غير المسلم على رأس مطالب حقوقيات

بعد دعوة الملك محمد السادس إلى إجراء مشاورات لتعديل قانون الأسرة المغربي، حيث يأتي هذا الإعلان بعد مرور أكثر من عام على خطاب الملك الذي أقر فيه بالحاجة إلى تغييرات جوهرية في القانون الحالي.

أدخلت مدونة الأسرة، التي تم تطبيقها خلال السنوات الأولى من حكم الملك محمد السادس، إصلاحات ملحوظة في قانون الأسرة، حيث تناول قضايا عدة قضايا تهم الأسرة المغربية. إلا أن ذلك، ومع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن القانون به قيود تعيق تحقيق أهدافه المقصودة.

تدعو العديد من المنظمات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان في المغرب منذ فترة طويلة إلى إجراء إصلاحات تهدف إلى تصحيح الظلم وعدم المساواة في قانون الأسرة. وقد طرحت هذه المنظمات عدة مطالب رئيسية منها المساواة في الميراث، الوصاية القانونية على الأطفال، القضاء على تعدد الزوجات، تجريم زواج القاصرات وموضوع الصداق.

الصداق مبلغ مقابل “خدمات” أم هدية

تمتد مطالب المساواة في قانون الأسرة إلى المهر وأحكام الزواج تقليديا، يُنظر إلى المهر أو “الصداق” على أنه شبكة أمان مالي للعروس. ومع ذلك، يرى أنصار التغيير أن هذا المفهوم يديم عدم المساواة بين الجنسين، حيث يُنظر إليه غالبًا على أنه مبلغ مقابل “خدمات” العروس. تهدف الدعوات لتعديل المهور أو إلغائها تمامًا إلى إرساء أساس أكثر إنصافًا للزوجة.

في هذا الصدد، حثت سميرة موحيا، رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، في تصريح لـ”بلادنا24” على ضرورة “إعادة النظر في دور المهر في الزواج، داعية إلى إزالته كشرط لصحة الزواج، وينبغي اعتبار المهر هدية متبادلة بين الزوجين، متجذرة في التقاليد، وليس عملية تعمل على تشييء المرأة وتهميشها”.

مضيفة “التصور السائد منذ زمن طويل بأن الرجل “يشتري” المرأة من خلال تقديم المهر، خاصة عندما يصل إلى مبالغ باهظة. وفي عالم يسعى جاهداً لتحقيق المساواة بين الجنسين، يُنظر إلى هذه المفاهيم على نحو متزايد على أنها قديمة وضارة. وهي تسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة تقييم المصطلحات المنبثقة من الفقه القديم، مثل “المتعة” و”النكاح” التي غالبًا ما ترتبط بالرجال فقط، مما يديم الفهم الأحادي الجانب للمفهوم”. وتشير محيا إلى أن “الوقت قد حان لاستبدال هذه المصطلحات ببدائل أكثر شمولاً تعكس الطبيعة المتطورة للعلاقات الزوجية”.

إلغاء اعتبار الدين في الزواج

لطالما كانت مسألة الزواج بين امرأة مسلمة ورجل غير مسلم موضوع نقاش بين الفقهاء والعلماء والمدافعين عن المساواة بين الجنسين في سياق الشريعة الإسلامية. حيث يثير هذا النقاش العديد من الأسئلة الفقهية، وغالباً ما يؤدي إلى الارتباك عند مقارنته بالإذن الممنوح للرجال المسلمين بالزواج من غير المسلمات.

ويرى بعض أنصار المساواة أن الزواج، كما هو الحال في العديد من الدول الغربية، يجب أن يكون إجراءً مباشرًا يسمح لكل من الرجال والنساء باختيار شركاء حياتهم بحرية، بغض النظر عن الانتماء الديني. ويشيرون إلى أن هذا النهج من شأنه القضاء على النفاق المجتمعي وتشجيع الاتحادات بين الأديان.

و في هذا السياق أشارت موحيا ورابطة حقوق النساء، “واحد من المطالب الحاسمة هو الدعوة إلى المساواة بين الجنسين في الزواج بين المسلمين وغير المسلمين. تاريخياً، مُنعت المرأة المغربية من الزواج من غير المسلمين، ويعتبر هذا القيد عائقاً مؤقتاً أمام الزواج. و مع تغير المشهد الاجتماعي والاقتصادي في المغرب وتدفق المهاجرين، وخاصة من أفريقيا جنوب الصحراء، أصبحت الحاجة إلى الشمولية والقدرة على التكيف في قوانين الزواج واضحة”.

وأضافت “يدخل العديد من المهاجرين المستقرين في المغرب في علاقات مع نساء مغربيات، إلا أنهم يواجهون عقبات كبيرة، أهمها شرط اعتناق الإسلام. ورغم أن هذا التحول قد يكون عملية رسمية، إلا أنه غالبًا ما يفتقر إلى العمق. إن توقع اعتناق الأفراد من مختلف الأديان الإسلام بين عشية وضحاها أمر غير عملي وغير واقعي”.

وتدعو المحامية والحقوقية إلى “إيجاد حل سريع ومنصف لهذه التحديات داخل النظام القانوني المغربي، ومن الضروري معالجة المشكلات التي يواجهها الأزواج من خلفيات متنوعة في التعامل مع قوانين الزواج التي تم تصميمها” مع أخذ حقبة مختلفة في الاعتبار”، على حد قولها.

المساواة في الميراث

من القضايا المثيرة للجدل في النقاش الدائر هو تقسيم الميراث، باعتبارها نقطة جدلية حساسة في نقاش تعديل مدونة الأسرة بالمغرب، ويقول المدافعون عن الإصلاح أن قوانين الميراث الحالية تديم التمييز بين الجنسين من خلال تفضيل الورثة الذكور. إنهم يسعون إلى التوزيع المتساوي للميراث بين الجنسين.

في الآونة الأخيرة، كانت هناك دعوات لإعادة تقييم هذه المبادئ، مدفوعة بالرغبة في المساواة بين الجنسين والتحول في الأدوار التقليدية للجنسين. تتحدى هذه الدعوات المعايير الراسخة، وتقترح تغييرات كبيرة يمكن أن تعيد تعريف بنية الأسرة.

أحد الدوافع الأساسية وراء هذه الدعوات للتغيير، هو الاعتقاد بأن أدوار المرأة في المجتمع قد تطورت. ولم تعد النساء مجرد معالين، بل أصبحن مساهمات نشطات في الرفاهية المالية للأسرة. يتحدى هذا التحول في الأدوار المجتمعية المفهوم التقليدي للنفقة، حيث يكون الرجال مسؤولين بشكل عام عن تقديم الدعم المالي لزوجاتهم. ويرى المدافعون عن التغيير أنه ينبغي اعتبار المرأة مساهمة متساوية في نفقات الأسرة أو ينبغي أن تتمتع بالاستقلال المالي، مما يجعل مفهوم النفقة عفا عليه الزمن في كثير من الحالات.

وتؤكد رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء على التحول الذي لا يمكن إنكاره في وضع المرأة، مشددة على “أنها الآن تشتغل وتساهم داخل الأسرة مثلها مثل الرجل. وبالتالي، لا يوجد أي مبرر للفوارق الحالية في الميراث بين الرجل والمرأة. ومع كشف الإحصائيات عن وجود 16 بالمئة من الأسر التي تعولها نساء حسب احصائيات المندوبية السامية للتخطيط، ندعو إلى مراجعة شاملة لقوانين الميراث لضمان المساواة بين الجنسين والقضاء على التمييز على أساس الجنس”.

وترى أيضا أن مواءمة نظام الميراث مع الواقع الاقتصادي في المغرب وتعزيز فرص الاستثمار، يستلزم إلغاء التمييز الديني كعائق أمام الميراث، وتسلط وجهة نظر سميرة محيا الضوء على الحاجة إلى نهج أكثر شمولاً وإنصافًا.

ماجدة العجمي – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *