القروض البنكية.. بين الإلزامية وعقلية التباهي وغياب الادخار

العديد من المناسبات تأتي متتابعة في ظرف وجيز، بداية من شهر رمضان، مرورا بعيد الفطر وعيد الأضحى والعطلة الصيفية، وصولا للدخول المدرسي، كلها مناسبات تفرض الزامية القروض على بعض الأسر المغربية التي أثقلت كاهلها التكاليف المادية الخانقة التي تفوق قدرتها.

أضحت القروض البنكية ظاهرة اجتماعية واقتصادية محضة، يعيش ضمن دهاليزها عدد من الأسر، وتتوزع الغايات بين الالزامية وإرضاء حاجيات ثانوية.

وفي هذا السياق، قال محسن بنزاكور، أستاذ علم النفس الاجتماعي، إن المؤسسات العاملة في قطاع القروض، عرفت تزايدا بنسبة كبيرة منذ التسعينات، “لأن طلب الأسر المغربية ذات الدخل المحدود، تقف عاجزة أحيانا كثيرة أمام توفير مستلزماتها الالزامية بشكل كبير”.

وأضاف بنزاكور، في تصريح لـ”بلادنا24“، أن المندوبية السامية للتخطيط، أكدت على أن المدرسة هي أكثر ما يزيد من شدة التزامات الأسر، “ذلك أن عددا كبيرا منها فقدت الثقة في المؤسسات العمومية، حيت أصبح عدد مهم يختار تعليم أبنائه في مؤسسات خاصة، والتي تنهك أكثر من 60 في المائة من دخل المغاربة، باعتبار هذه المؤسسات هي الحل الأنجع للحفاظ على أولادهم وأخلاقهم”.

وأكد المتحدث في نفس السياق، أن المجتمع المغربي الحديث “يعيش علاقة تغير العقليات التي كانت قديما ترتكز في الاستهلاك على الضرورة والإدخار، والآن أصبحت مبنية على الرفاه وتوفير الحاجيات ولو كانت ثانوية، في حين وقتها ولو لم يكن متوفر إمكانياتها. وبالتالي فإن العقلية الآن أصبح يغلب عليها التباهي والكمال نوعا ما”.

وأوضح بنزاكور، أن لـ”القروض مظاهر اجتماعية مختلفة، تحكمها التباهي أكثر من المباديء، والتي يلعب التحريض المستمر على الاستهلاك عبر مختلف المواد الإشهارية دورا مهما في تجسيدها”.

من جانبه، قال رشيد أوراز، الخبير الاقتصادي، إن القروض البنكية في البداية “ليست متاحة للجميع، بل يتعلق الأمر أساسا بالموظفين في القطاع العام وأجراء القطاع الخاص، وكلاهما يلجئ للقروض الاستهلاكية لتغطية نقص ميزانيته فيما يخص تمويل شراء العقارات أو السيارات أو تمويل تعليم الأبناء. وفي كل هذه الحالات، يتعلق الأمر بما يمكن اعتباره نوعا من الاستثمار بالنسبة لهذه الأسر”.

وأضاف أوراز في تصريح لـ”بلادنا24“، إن هذه “ظاهرة معروفة في المغرب، ولها عواقب على دخل الأسر المقترضة، حيث أنها مكلفة بسبب نسب الفوائد المرتفعة على هذه القروض. في نفس الوقت، تكشف هذه الظاهرة عن عجز الأسر على الادخار، وهذا يكشف مشكلا في بنية الاقتصاد المغربي، وأيضا محدودية القدرة الشرائية للمغاربة”.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع إقبال الأسر على القروض البنكية الشخصية “له علاقة مباشرة مع ارتفاع الأسعار، لكنه لا يعني كل المغاربة، فالفئات الفقيرة لا تلجئ للقروض الاستهلاكية”، يضيف قائلا.

بلادنا24مهى الفطيري

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *