الدراسة في الخارج بعد البكالوريا.. بين ضغط الآباء ورهبة خوض غمار جديد

بعد فترة امتحانات البكالوريا، وما رافقها من ضغط وتوتر، يعيش مجموعة من الطلبة المقبلين على الجامعات والمعاهد العليا، حالة جديدة من الضغط الذي لم يتنفسوا منه بعد، خاصة من يرغبون في الدراسة في الخارج بعد البكالوريا، إذ تعيش مجموعة من الأسر، طيلة العطلة الصيفية، رحلة التنقل بين سفارات الدول، وهم يحملون وثائق مختلفة، ويؤدون رسوما كثيرة، وغالية أحيانا، هذه الوثائق التي تمكن أبنائهم من الحصول على إقامة مؤقتة بالدول التي ينوون الدراسة بها، بهدف بناء وإتمام مسارهم الدراسي.

إشكالية تتمثل في الترقب والخوف والضغط، كلها نقاط ترصد بعد فرحة البكالوريا بأيام قليلة فقط، حيث تشرع العائلات في ضخ هذه الأحاسيس في نفوس أبنائها، من خلال فرض التوجه، وأحيانا أخرى تقديم مقارانات بالغير من أجل الإقناع، وهناك من يؤيد رغبة أبنائه، إلا أنه يساهم بشكل أو بآخر في ضغط المعنينن بالأمر أكثر فأكثر.

دوامة الحيرة في الاختيار

“تنتهي مرحلة صعبة وتبدأ مرحلة جديدة تتسم بصعوبات أكثر”، تروي نهيلة الناصيري، تلميذة حاصلة على شهادة البكالوريا هذه السنة بمعدل جيد، وتطمح لاتمام دراستها في الهندسة المعلوماتية بألمانيا، إذ أكدت أنها لازالت في صدد الاستعدادات من ناحية جمع أوراق الإقامة، بعدما تمت الموافقة على طلبها الذي قدمته قبل اجتيازها الامتحان، وكانت تنتظر فقط التأكد من معدل نتيجتها.

وأضافت التلميذة، في حديثها لـ”بلادنا24“، أن “ضغط الأباء يؤثر بشكل كبير، ولحسن الحظ كنت موفقة في إقناع والدي وإثبات تشبثي بالهندسة المعلوماتية، وكيف أرسم خطة لمساري الدراسي، إذ تلقيت الدعم الكامل من طرفهما”، مشيرة أن “الرغبة والقرار النهائي يعود للمعني بالأمر، ويجب على الأباء تفهم هذه المرحلة التي تكون مصيرية وتحتاج للهدوء، بدل الضغط وتعدد الأراء”.

وتابعت المتحدثة، أنها في الوقت الحالي، تحاول إتمام ما يلزمها من أوراق، وتحاول التطلع أكثر على الثقافة الألمانية وتعلم اللغة، في محاولة للاطلاع، مشددة على أهمية الدعم الأسري في هذه المرحلة، من حيث التخفيف، “ولو بالكلام، من ثقل التفكير في خوض هذا الغمار الجديد بعد مرحلة الدراسة في المغرب رفقة الأهل وبالقرب منهم”.

الدراسة في الخارج بعد البكالوريا

من جانب آخر، أكد المدرب في التنمية الذاتية، شعيب صبوري، أن “الحديث عن الدراسة خارجة المغرب بعد الحصول على البكالوريا، هو حديث عن مرحلة انتقالية ومهمة في حياة أي طالب يسعى لتحقيق مساره وأحلامه، لكن قبل خوض هذا الغمار، يجب طرح سؤال ذاتي من لدن المعني بالأمر، وهو التلميذ المقبل على التجربة، هل فعلا هذا ما أرغب فيه؟ أم أنا فقط ضحية تأثير بالغير؟ وهذا السؤال يعني الآباء أيضا، فهناك مجموعة من الأباء يكلفون أنفسهم ويغرقون في إشكاليات مادية، في إطار الامتثال إلى ما أصبح يروج في المجتمع المغربي بعد الحصول على البكالوريا”.

وأشار صبوري في تصريحه لـ”بلادنا24“، أن “الفتوى تتغير حسب الزمان والمكان”، مشددا أن “خير ما يمكن أن نربي في الأبناء، هو التوازن النفسي، لما له من أهمية قبل خوض أي غمار، فالمراهق في سن 17 سنة، بدون تجربة، يحصل على البكالوريا، ويجد نفسه أمام تجربة جديدة وكبيرة، دون اكتساب مسبق لأي تجربة”.

أهمية التجارب في حياة الأبناء

وتابع المتحدث ذاته، “هنا نتكلم عن تجارب قد تبدو بسيطة لكنها غاية في الأهمية، كجعل الطفل والمراهق يعتمد على نفسه من خلال الاشتغال في الصيف، التداريب الميدانية المجانية من أجل الخبرة، أو تحسيس الابن أنه أهل بالمسؤولية من خلال تكليفه بمهام تجعله يكتسب التجربة، يخطأ ويقع لكنه سيقوم بتجربة في حياته، تساهم في استعداده النفسي لأي غمار جديد، كالدراسة خارج أرض الوطن، والتعايش مع الثقافات الأخرى”.

“يجب تربية أبنائنا على اكتساب الشخصية القوية بين سياج الخوف والحدود”، يروي المدرب صبوري، مشيرا أن هذا يعني “أن الأبناء سواء فتاة أو ذكر، يجب أن يعرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات، في إطار معقول”، موجها نصيحة للأباء والطلبة المقبلين على الهجرة نحو بلدان المهجر للدراسة والتكوين، والتي تمثلت في “عدم التأثر بقناعات الآخرين، وتعزيز الميول الشخصي والتعرف عليه”.

علاقة الأبناء والآباء في بناء الشخصية القوية

واستنكر شعيب صبوري، تصرف بعض الآباء تجاه أبناءهم، مؤكدا أهمية “تجنب 3 أمور ضرورية، وهي النقد الذي يسبب دمار نفسي للابن، والمقارنة التي تخرب أشياء جميلة حقيقة تنتمي له، واللوم الذي يتبناه الأباء كوسيلة للتربية، في حين هي وسيلة تكسر شخصية الابن، إذ يتم اللوم في جميع الحالات، ولا يعرف الأبناء ماذا يمكنهم أن يفعلوا بالضبط لإرضاء الآباء”.

وشدد المتحدث، على “ضرورة النظر إلى الأبناء، خاصة في مرحة المراهقة بعين من الرحمة والشفقة، لتعزيز كيانهم الداخلي، من خلال تقوية صلة القرابة ولغة التواصل معهم”.

واختتم حديثه بعبارة من كتاب له، تقول: “العالم يسير بسرعة، وإننا نعاصر جيلا جديدا، وإن تمكنا من فهم هذا الجيل، استطعنا إخراج خير ما فيه”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *