الحبيب الإدريسي.. مسار شاق في سبيل العيش كفنان

يعتبر الفنان الحبيب الإدريسي، واحدا من أشهر نجوم الفن بالمغرب، حيث استطاع أن يقترن اسمه على طول سنوات مسيرته الفنية بالمركز الأول، فهو صاحب أول أغنية مصورة، وأول من تعامل مع كبار الملحنين والكتاب، من خارج المغرب وداخله.

طفولة صعبة ورغبة جامحة نحو الفن

ترعرع الفنان الحبيب الإدريسي في منطقة جبل “أمركو”، المتواجد في منطقة تسمى بفاس البالي، بالقرب من سد الوحدة، لم يشأ القدر أن يتعرف على والده الفقيه، فقد مات وهو لا يزال في عمر الثلاث سنوات، ليكمل سنوات طفولته ومراهقته مع والدته، التي كرست حياتها لرعايته، وكانت الملجأ والمشجع الأول لموهبته، والسند الحقيقي في مسيرته الفنية التي شرفت الأغنية المغربية.

لم يكن طريق الفن في وجه الإدريسي معبدا بالورود، ذلك أنه واجه العديد من العراقيل والصعوبات في سبيل بلوغ اسم “فنان”، خاصة بعدما ولج سوق الشغل بعمر صغير في النجارة لتوفير قوت يوم أسرته، لكنه لم يفارق حلمه وشغفه بالموسيقى والغناء، حيث كانت البداية بالاستماع المطول لأغاني أهرامات الفن في المغرب والعالم العربي ككل، مثل فريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب.

ومع مرور الزمان، لم يستطع الانضباط في أعمال التجارة، ذلك أن أهواء الموسيقى أخذه بعيدا لعالم موازي، قرر فيه أن يكرس سنوات حياته للفن، ليأخذه القدر في البداية للاقتراب من الهدف، والعمل كمراقب في حفلات الحاج أحميد التازي، لتستمر الأيام بنقله بين العائلات وإبقائه في أعمال التجارة والفن في نفس الوقت، لتكون انطلاقته الفعلية بتسجيل أول أغنية له في مدينة فاس.

توالت السنوات وأضحى الحبيب الإدريسي مكلفا باستخلاص عائدات العديد من قاعات السينما، وهو الأمر الذي عبد له الطريق للتوغل في الفن شيئا فشيئا، إلى أن أصبح نجما في سماء الغناء في أواخر الستينيات، خاصة بعد دعم الملحن السقاط الذي شجعه وأشاد بموهبته وصوته القوي والمميز، حيث لمس في الأخير سرعة الحفظ، وإبداع الألحان وتذكرها، الشيء الذي جعله يؤكد على ضرورة تفرغ الحبيب للفن، والبحث عن الشهرة ما دامت مقوماتها بين يديه.

أول أغنية بعد عمر من المعاناة

استطاع الفنان الحبيب الإدريسي أن ينتج لنفسه أولى أغانيه بتعاون مع الملحن عبد الرحيم السقاط، تحت عنوان “غير سير أوكان”، بعدما أبدع في كلماتها حمادي التونسي، وسجلها فرقة الجوق الفاسي. أما إصداره الثاني، فقد عزم على نجاحه، واشتغل فيه بجهد وإبداع كبيرين، لتكون خلاصة “شنو اللي كان”، تحفة فنية خلقت الحدث وزادت من شهرة الفنان بين أقرانه، الشيء الذي فتح له أبواب النجاح من جديد.

ولم يكن للفنان الإدريسي أن يتغمد في كنف نجاح أغنيته الثانية فقط، بل هرع للإبداع مرة أخرى، وأصدر أغنيته الثالثة، تحت عنوان “مابقيتي عندي فالبال”، من ألحان صديقه عبد الرحيم السقاط، وكلمات الفنان عبد الفتاح المغاري، وهي الأخرى نالت إعجاب الجمهور، وتفاعل معها داخل المغرب وخارجه.

لقد كانت لهذه الأغنية مكانة خاصة في مسيرة الفنان، حيث سبق وأن صرح في تفاصيلها أنها أخذت منه أسبوعين فقط لتجهز. غير هذا، فقد تقاضى عليها أجرا هزيلا قدر ما بين 500 و600 درهم. وهكذا استمر الفنان في تقديم إبداعاته بتتابع السنوات، وبسط اسمه وشهرته بين الفنانين المغاربة والعرب.

رحيل الحبيب الادريسي

توفي الفنان الحبيب الإدريسي مساء أمس الأحد، عن عمر يناهز 75 عاما، بعد مسار فني حافل بالنجاحات والإصدارات الفنية الطربية المميزة.

ونعى الفنان الراحل، العديد من نجوم الساحة الفنية المغربية فور تأكيد خبر وفاته، كما اهتزت منصات التواصل الاجتماعي على وقع تداول صوره ومقاطع من أغنيته “مابقيتي عندي فالبال”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *