التراث الحساني.. بوابة الفن والثقافة الصحراوية المليئة بالتجسيدات والدلالات العميقة

تعرف مناطق وأقاليم جنوب المملكة بثقافة تميزها عن باقي المدن الأخرى، فالمغرب من بين أهم الدول التي تنطوي على تنوع ثقافي قل نظيره في عدد من دول العالم، لكنها في المجمل نسيج يترابط وينسجم في قالب يؤثث لنموذج راق من التراث اللامادي، ثقافة فسيفسائية تجعل من المغرب بوابة للعلم وللفن وللتعايش.

وتزامنا مع المسيرة الخضراء، نتطرق للثرات الحساني، فالأقاليم الجنوبية الصحراوية لها ميزة خاصة انطبعت بها التقاليد والعادات الشعبية العريقة، وتعد من بين أهم الركائز الأساسية للهوية المغربية ومصدر اعتزاز لأهل الصحراء بماضيها وحاضرها، فهي حقا ،كما يسميها الكثيرون، منبع للإلهام والابداع على الدوام .

شعب بقيم وتقاليد جد مميزة، واختلاف باد، فمنذ دخولك لبوابة الصحراء “كلميم”، تستشف أسلوب حياة يتمازج فيه عبق الحضارة والجمال المناخي المميز، فلكل مدينة مايميزها عن الأخرى لكن يبقى الكرم والجود محورا يلتقي فيه الكل، شعب فني بامتياز، يميزه التراث الفني الحساني أو مايطلق عليه “ثقافة البيظان”، وهو الخيمة التي تنسج تحت ضلالها أعذب المعزوفات وكؤس الشاي المنغمة بالشعر الحساني.

“لثقافة البيظان” معالم وترياقات تجعل من التعبير الحساني غير المادي، فولكلور وسمفونية مليئة بالأغاني والموسيقى الشعبية، والحكايات والمعارف التقليدية المتوارثة عبر مختلف الأجيال، التي خلقت في جوهرها نبضا للحياة لا يكتمل بريقها إلا بالحلي والملابس المميزة للشعب الصحراوي.

ولعل أبرز مايميز الثقافة الحسانية هو الرقص، الذي تختلف إيحاءاته من جهة لأخرى، لكن النساء عنصر مهم وثابت فيه، فنجد مثلا بأن الكبيرات في السن هن أميرات الرقصة، يضعن اللحاف على وجوههن ويكتفين فقط بحركات اليدين، في مسار يتناغم مع إيقاع موسيقى بطيئة وهادئة وخالية من الصخب، وممتزجة بتصفيقات الحاضرين تبعا للإيقاع، يأتي بعد هذه الرقصة مايسمى ب”الشرعة”، والتي تتميز عن سابقتها بحركة اليدين بإيقاع أكثر سرعة، وهو جزء يختلف تماما عن رقص الفتيات (الطافيلات) الذي يتميز عامة بالجمع بين الخفة والبط،ء كرقصة “كمبة بي بي”، وهو رقص حركي، وهناك أيضا “لعجام” وهو رقص هادئ يعتمد بالأساس على تحريك الكتفين والخصر.

كل منا سمع سابقا برقصة الكدرة، لكن القليل من يعرف معناها وشروط حسن أدائها، فهي رقصة من اختصاص الفتيات والنساء المطلقات، اللواتي تتكلف بإحضارهن معلمة قامت سابقا بتهييئهن وتوصيتهن بعدم فتح أعينهن إلا في إطار محدود،  يمكنهن من رؤية ما بحولهن فقط.
تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *