اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء رهين بعلاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين (دراسة)

يتطلع المغرب من وراء التطبيع مع إسرائيل، وهي الخطوة التي أتت شهر دجنبر من عام 2020، إلى تحقيق عدة مصالح إستراتيجية، لعل من أبرزها “انتزاع موقف إسرائيلي مؤيد لمغربية الصحراء، وفق حسابات ترى أن الاعتراف الإسرائيلي قد ينعكس على موقف دول أخرى، خصوصًا في أوروبا وآسيا، تمامًا مثلما حصل مع الموقف الأميركي بالاعتراف بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء، وكان له تداعيات إيجابية على مواقف عشرات الدول التي باتت تؤيد تسوية النزاع حول الصحراء تحت السيادة المغربية، وأقدمت على فتح قنصليات لها في مدينتي الداخلة والعيون، بل إن تغيير إسبانيا لموقفها بدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية لتكون أرضية للحل السياسي المتوافق عليه، لم يكن ممكنًا لولا الموقف الأميركي المتقدم”.

هذا ما جاءت به ورقة تحليلية صادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، أعدها إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، تحت عنوان “المغرب وإسرائيل: تعميق العلاقات رغم الاتفاق السعودي الإيراني”، نشرت مؤخرا.

وتشير الدراسة العلمية، إلى أن المغرب “يسعى إلى انتزاع موقف إسرائيلي صريح حول مغربية الصحراء، وهو التطور الذي لم يحصل بعد، لكن إسرائيل لم تمنع شركاتها من الاستثمار في أقاليم الصحراء، كما تفعل بعض الدول الأوروبية مثلًا، ويشير ذلك إلى أن الاعتراف الإسرائيلي مسألة وقت فقط، وربما ترهنه إسرائيل بعلاقات دبلوماسية كاملة مع المغرب، أي فتح سفارتين في البلدين، بدل مكتب اتصال فقط”.

ويضيف حمودي، أن المغرب من خلال تطبيع علاقاته مع إسرائيل، فإنه في المقابل يطمح إلى “تعزيز تفوقه العسكري والأمني في المنطقة، وهو ما تعبِّر عنه طبيعة الاتفاقيات الأمنية والعسكرية المبرمة مع إسرائيل، وكذا نوعية الصفقات العسكرية والأمنية المعلن عنها، خصوصًا من لدن الجانب الإسرائيلي، من قبيل منظومة “باراك 8″ للدفاع الجوي والصاروخي، وأسطول من الطائرات المسيرة، والاستعانة بالخبرة الإسرائيلية في إنشاء قطاع محلي للصناعة العسكرية، إلى جانب الدعم الأميركي”.

ويعتبر المصدر، أن “الدعم العسكري والأمني الإسرائيلي للمغرب يحصل في ظل تفاقم حالة التوتر بين المغرب والجزائر، أبرز تجلياتها إعلان الجزائر القطيعة الدبلوماسية الكاملة مع المغرب في أغسطس/آب 2021، وقبل ذلك انسحاب جبهة البوليساريو من اتفاق وقف إطلاق النار في الصحراء في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وحديث قياداتها، منذ ذلك الإعلان، عن مواجهات عسكرية مع الجيش المغربي في مناطق بالصحراء، وذلك في الوقت الذي تصاعدت فيه اتهامات المغرب لإيران بالتدخل في المنطقة وتسليح جبهة البوليساريو”.

وأوضح الباحث، أن “تسريع وتيرة العلاقات المغربية-الإسرائيلية، خصوصًا في الجانب العسكري والأمني، تجد تفسيرها في ارتفاع حدة التوتر بين المغرب والجزائر، والتي كادت أن تصل إلى حافة الحرب”، مبرزا أن “المغرب قد وجد في إسرائيل الدعم العسكري والأمني الذي كان ينتظره من دول أخرى، خصوصًا فرنسا، التي ساءت علاقتها بالمغرب خلال نفس الفترة ولا تزال. ولا تقتصر الأهداف الإستراتيجية للمغرب من وراء تعزيز التعاون مع إسرائيل على منطقة شمال افريقيا، بل تمتد تلك الأهداف نحو الاتحاد الأوروبي ومنطقة غرب إفريقيا، حيث إسرائيل تمارس نفوذًا سياسيًّا وأمنيًّا وعسكريًّا، ويتصور المغرب إمكانية الاستفادة منه”.

من جهة أخرى، أبرز أستاذ العلوم السياسية، أن المغرب يراهن في علاقاته مع إسرائيل، على “تعزيز فرص النمو الاقتصادي، وجلب استثمارات اليهود المغاربة حول العالم، وخصوصًا في قطاعات الماء والأمن الغذائي والبحث العلمي، حيث يواجه صعوبات نتيجة الجفاف والتغيرات المناخية، تهدد السلم الاجتماعي”، مشيرا إلى اللقاءات التي تمت في هذا الجانب، من قبيل المنتدى الاقتصادي الثنائي في تل أبيب شهر مارس من العام الماضي، الذي جمع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، من جهة، واتحاد الصناعيين الإسرائيلي، واتحاد الغرف التجارية الإسرائيلية، من جهة ثانية، تم خلاله الاتفاق على السماح بإنشاء شركات إسرائيلية في المغرب، كما جرى تأسيس مجلس للأعمال المغربي الإسرائيلي.

وفي المقابل، شددت الورقة التحليلية، أن المغرب يواجه “ضغوطًا محرجة في علاقاته بإسرائيل”، لسببين، الأول نظرا لوجود “رفض شعبي مغربي واسع للتطبيع”، والثاني يتعلق بـ”ممارسات إسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، إثر وصول حكومة يمينية إلى السلطة تعد الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل. ورغم التأكيد الرسمي المغربي على أن علاقاته بإسرائيل لن تكون على حساب التزاماته تجاه القضية الفلسطينية، إلا أن التطورات الأخيرة تكشف عن صعوبات في التوفيق وتحقيق التوازن بين المضي في شراكته مع إسرائيل والوفاء بالتزاماته مع الفلسطينيين، خصوصًا أنه لم يستطع لحد الآن توظيف علاقاته مع الطرف الإسرائيلي للعودة إلى طاولة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، أو على الأقل وقف الاستيطان، والعدوان المتكرر على القدس”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *