الإعمار ما بعد الزلزال.. هاجس السلامة وتحدي المحافظة على تراث

بعد زلزال الحوز، الذي ضرب مجموعة من مناطق المملكة المغربية، وخلف العديد من القتلى والجرحى، طرحت إشكالية الدور المتواجدة بالعالم القروي، ومدى صلاحيتها وتحملها لهذه الهزات الأرضية، ولعلى السؤال العريض الذي برز بشكل واضح، هل كان لطبيعة البناء دور في سقوط البنايات بسبب الزلزال؟

في هذا الإطار، يعتبر رشيد بوفوس مهندس معماري، أن “النمط التقليدي للبنايات لا يتماشى نهائيا مع ضوابط البناء العصرية، المضادة للزلزال”، فحسب بوفوس فإن “قانون البناء لا ينطبق على البنايات التقليدية، التي يستعمل فيها خشب النخيل أو اللوز، أو الحجارة أو التراب غير مدكك”.

وفي تصريح لـ”بلادنا24“، يعتبر بوفوس أن “عددا كبيرا من المنازل التي بنيت بالمواد الموجودة محليا بالقرى الجبلية، لم تستحمل الهزات الأرضية للزلزال، ودمرت عن آخرها، حتى تلك التي بنيت بالإسمنت، لكن بطرق عشوائية دون احترام ضوابط قانونية لمكافحة الزلزال”.

وحسب المتحدث، فإن “هذا الأمر جد طبيعي، نظرا لكون القاطنين بالدواوير يصعب عليهم الاستعانة بمهندس معماري أو مهندس الخرسانة، لتتبع أشغال البناء في القرى النائية، أو البعيدة جدا عن المدن أو حتى الطرق العادية”.

وجوابا على سؤالنا المتعلق بالطريقة المثالية لتشيد المنازل بالمناطق القروية، لكي تكون قادرة على مقاومة الزلزال، يقول المهندس المعماري بأنه “يجب أولا احترام قانون مكافحة الزلزال في البناء”، مشيرا إلى “وجود قانون البناء بالطين المعتمد بالمغرب، لكن كلا القانونين لا يستعملان في العالم القروي لمجموعة من الأسباب”.

ويؤكد بوفوس، على “ضرورة وضع قوانين صارمة بالعالم القروي، من أجل احترام القاطنين بالدواويبر قوانين البناء، والاستعانة بالمهندسين المعماريين ومهندسي الخراسنة”.

ويؤكد المتحدث ، على أن “ضوابط البناء المكافحة الزلزال، لا تحمي من انهيارات البنايات، ولكن يتمكن أصحابها من النجاة إلى حين الخروج منها سالمين، لأن قوة الزلزال تكون جد قوية في بعض الأحيان، وجل البنايات لا تستحمل القوة الخارقة لزلزال”.

وأكد المتحدث ، على أنه “من الممكن بناء منازل مضادة للزلزال، لكن الأمر صعب جدا، لكون جل المنازل متفرقة بالعالم القروي، ومتواجدة بجبال الأطلس”، مع تأكيده على عدم تواجد مهندسين بالمغرب بالقدر الكافي، قصد تتبع بناء منزل بعد أخر في دواوير منعزلة يصعب الوصول إليها.

ويرى بأنه “من الممكن أن تقوم الدولة بهذه الخطوة المتعلقة ببناء منازل مضادة للزلازل ، وذلك عبر طلب عروض شراكة مع مقاولات البناء أو المنعشيين العقريين، مع الحفاظ على نمط المنازل التقليدي المغربي الأمازيغي، دون إحداث أي تغيير يجردها من هويتها”.

مشيرا إلى كون سكان تلك الدواوير يسعون إلى غد أفضل، وإلى توفير الدولة لهم فرصا، تمكنهم من تخفيف ما وصفه “بالإقصاء” الذي يعيشون فيه منذ زمن طويل، فمغرب الغد يجب أن يوفر سبل العيش الكريم في القرى وفي المدن على حد سواء.

مريم الحمداوي – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *