هل هي نهاية مسار الإسلاميين في المغرب ؟ انكسار “البيجيدي” بعد استحقاقات 8 شتنبر 2021

مني حزب العدالة والتنمية بخسارة مدوية في انتخابات 8 شتنبر 2021، ليتحول من حزب كان يكتسح الانتخابات ويحصد كما هائلا من الأصوات إلى حزب معارض انقسم إلى تيارات جعلته يعاني من هشاشة وضعف كبيرين. وتعزى هزيمة حزب المصباح إلى عدد من الأسباب والعوامل التي خيبت آمال الناخبين وأفقدتهم الثقة في حزب قدم وعودا أكثر من المكتسبات التي جناها طيلة عشر سنوات من التدبير والتسيير. فما هي الأسباب والعوامل التي أدت إلى خسارة حزب المصباح رئاسة الحكومة؟ وهل ستنهي هذه الخسارة عصر الإسلاميين في المغرب؟ هذا ما سنرد عنه في هذا المقال الذي يحاول استجلاء أسباب انكسار البيجيدي في انتخابات 8 شتنبر.

قال رشيد لزرق، متخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية ومحلل سياسي، في اتصال هاتفي أجراه مع موقع “بلادنا24″، بأن المغرب اختار التعددية منذ أول دستور سنة 1962 وأن الإسلاميين جزء من هذه التعددية السياسية داخل المغرب. مؤكدا بأن حزب العدالة والتنمية عرف تراجعا وتقهقرا خلال الانتخابات الأخيرة، لكن هذا التقهقر لن يلغيه من المشهد السياسي وسيظل يؤثثه هو وباقي الفصائل الإسلامية على اعتبار أننا بلد متنوع وهذا ما يكفله النظام الانتخابي المغربي الذي يزكي هذا التنوع.

وأوضح لزرق بأن تراجع حزب العدالة والتنمية في انتخابات 8 شتنبر يرجع إلى العديد من العوامل، أولها أن 10 سنوات من التدبير ليست بالأمر الهين، هذا بالاضافة إلى التجاذبات والتقاطبات التي عرفها الحزب على المستوى الداخلي ما أدى إلى إضعافه لأن القوة في الوحدة والتماسك والانضباط وهو ما فقده حزب العدالة والتنمية، هذا بالإضافة إلى توقيع البيجيدي على اتفاق استئناف العلاقات المغربية-الإسرائيلية وهو ما أضر بالكتلة الانتخابية للعدالة والتنمية، ودفع حركة التوحيد والإصلاح إلى التقاعس في دعم ومساندة حزب المصباح.

وأضاف المتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية:”في المجال الديمقراطي عموما لا تسير الأحزاب باتجاه خطي، بل تشهد تموجات كما حدث للاتحاد الاشتراكي في حكومة التناوب وكما يقع في كافة الانتخابات الديمقراطية يكون هنالك تراجع وصعود، أما بالنسبة لتراجع الإسلاميين وحزب البيجبيدي فيجب أن نعلم بأن القاعدة الخلفية لحزب المصباح هي حركة التوحيد والإصلاح وبالتالي من الصعب أن نقول بتقهقر الإسلاميين وانزوائهم، وإن كان هنالك تراجع في الانتخابات فإنهم مازالو يتواجدون في المجتمع كمكون أساسي”.

وخلص لزرق إلى أن هنالك عوامل مجتمعة أسفرت عن تراجع العدالة والتنمية كحزب سياسي يمثل تيار الإسلاميين منها التطبيع وتداعيات البلوكاج وبروز بعض التيارات واتجاه بنكيران نحو الهيمنة، وهي عوامل من الممكن أن تعطي البيجيدي تجربة في الممارسة السياسية، ذلك على اعتبار أن التجربة السياسية هي مشوار طويل وشاق، لكن “كما قلت سابقا فإن العدالة والتنمية لن تنمحي لأنها تشكل مكونا من مكونات التعددية السياسية داخل المغرب”.

 

ومن جهته، قال عبد المنعم الكزان، محلل سياسي وعضو مركز شمال إفريقيا للدراسات والبحوث وتقييم السياسات، في تصريح   خص به موقع “بلادنا24″، بأن المتتبع للشأن والسياق المحلي والإقليمي، يرى بوضوح إنحسار الأحزاب الإسلاموية في هذه المرحلة على الأقل، ويجب أن نشير إلى أن لكل دولة خصوصياتها في ما يخص التعاطي مع الأحزاب الإسلاموية، مثلا تجربة مصر وقبلها بعقدين من الزمن تجربة الجزائر تختلف عن تجربة تونس. وكذلك التجربة المغربية لها خصوصيتها على اعتبار أنها التجربة الوحيدة التي امتدت لولايتين تشريعيتين وأنيطت بها مهام تسيير المدن الكبرى إلى أن تم إسقاط البيجيدي عن طريق صناديق الاقتراع في إطار التصويت العقابي.

وأشار الكزان إلى أن هنالك عوامل عديدة ساهمت في حصول العدالة والتنمية على مراتب متدنية على مستوى المؤسسة التشريعية أو الجماعات الترابية، من بين هذه العوامل صراعات الأجنحة  التي كان يعاني منها حزب المصباح ، لكن هذا لا يعني نهاية حزب يستغل الخطاب الديني خصوصا بعد عودة بنكيران، وأضاف:” أعتقد أن أحزاب وفصائل الإسلام  السياسي ستحاول التنسيق في معارك قطاعية مستقبلية ستظهر في المستقبل القريب، معارك سواء ذات طابع إجتماعي أو قيمي، بالإضافة إلى محاولة إضعاف الأغلبية بتنسيقها مع الغاضبين داخل حزب الإستقلال مما قد يخلق أزمة داخل الأغلبية الحكومية مستقبلا خاصة أمام ضعف أحزاب الأغلبية الحكومية على المستوى التنظيمي، ذلك لكونها أحزاب تراهن على الإنتخابات أكثر من رهانها على التواصل والتأطير والتكوين والوساطة بين مؤسسات الدولة والمجتمع.

وخلص المحلل السياسي إلى أنه لا يمكن الجزم بعودة الإسلاموين إلى السلطة على المدى القريب ” لكن ما يمكن أن ننبه له هو أن هنالك مشاورات على مستوى التنظيمات الإسلاموية في ما بينها من جهة، وتنسيق بين حزب العدالة والتنمية وحزب الإستقلال من جهة أخرى، وهو التنسيق الذي بدأت بوادره في  الظهور من خلال بعض الخرجات الإعلامية أو الندوات، مما يظهر نية حركات الإسلام السياسي ومراهنتها على إضعاف الحكومة من الداخل أمام غياب بدائل مرجعية سواء  بسبب ضعف التنظيمي لأحزاب الأغلبية أو ضعف اليسار أكثر من مراهنتها على القيام بأدوار سياسية كبرى، دون أن ننسى الطعون الانتخابية في بعض الدوائر التي قد تمكن العدالة والتنمية من تشكيل فريق نيابي داخل البرلمان، مما يسمح بتفعيل مجموعة من الإختصاصات البرلمانية التي لم يستفد منها حزب العدالة والتنمية حتى الأن”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *