مدونة الأسرة.. نقاش قانوني ومجتمعي حول التعديلات المنتظرة

تعتبر مدونة الأسرة مكسبا قانونيا كبيرا للمرأة المغربية خاصة، وللأسرة بشكل عام، فبعد أزيد من سنة على دعوة الملك محمد السادس لإعادة النظر في المدونة، عاد أمير المؤمنين ليوجه رسالة سامية إلى رئيس الحكومة، من أجل الشروع في التعديلات والإصلاحات والإشكاليات التي تعاني منها المدونة بصيغتها الحالية.

وأسند الملك الإشراف العلمي على الإصلاح المهم، الذي ستعرفه مدونة الأسرة، بشكل جماعي ومشترك إلى كل من وزارة العدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع.

وفي هذا الإطار، لقي البلاغ الملكي استحسانا كبيرا من طرف رجال ونساء القانون، الذين اعتبروا هذه الخطوة دافعا مهما لتعديل بعض المواد بالمدونة.

وفي تعليقها على قرار الإصلاح الذي ستعرفه المدونة، قالت أستاذة القانون بكلية الشريعة بفاس فاطمة شبشوب، أن “صدور مدونة الأسرة سنة 2004 شكل منعطفا تاريخيا في القوانين المغربية، حيث لوحظ من خلال قراءة لموادها أنها جاءت منصفة للمرأة و في الوقت ذاته صانت كرامة الرجل، والأهم من هذا و ذاك أنها جاءت لحماية الطفل، من خلال إثبات النسب في الحمل الناشئ أثناء فترة الخطبة (المادة 156 من مدونة الأسرة)”.

وأكدت شبشوب في تصريحها لـ”بلادنا24“، أن “التعديلات التي ستعرفها مواد مدونة الأسرة هي تعديلات جزئية، على اعتبار أن مدونة الأسرة هي قانون محل تعديل جزئي، لبعض موادها التي كشف التطبيق العملي لها بوجود ثغرات تستدعي التعديل”.

مؤكدة على، أن “هذا التعديل ليس كالتعديل الكلي الذي حدث سنة 1993، عند تم تعديل مدونة الأحوال الشخصية، حيث كانت التعديلات شاملة لجميع نصوص مدونة الأحوال الشخصية هذا من جهة”.

ومن جهة أخرى ، ترى شبشوب أن “المواد التي أصبحت تستدعي تدخل المشرع لتعديلها هي على سبيل المثال لا الحصر، المادة 49 من مدونة الأسرة، المتعلقة بتدبير الأموال المكتسبة بين الزوجين خلال فترة الحياة الزوجية، وأيضا تعديل المواد المنظمة لزواج القاصرات، وأيضا المادة 16 من مدونة الأسرة المتعلقة بثبوت العلاقة الزوجية”.

واعتبرت المتحدثة أنه “آن الأوان للمشرع المغربي التدخل من أجل تعديل مدونة الأسرة، التي مر على تطبيقها على أرض الواقع ما يناهز 19 سنة وما واكبها من تغييرات اقتصادية واجتماعية، وأن التطبيق العملي لموادها كشف عن وجود أسباب ذاتية وموضوعية تدعوا وبإلحاح بضرورة التدخل من أجل تعديل موادها”.

مؤكدة على أن “الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد لسنة 2022 أكد فيه جلالة الملك على ضرورة التعديل، وقد تم تأكيد هذا المقتضى بالرسالة الملكية الأخيرة، لرئيس الحكومة الذي أسند له الإشراف العملي على هذا الإصلاح الشامل بشراكة مع جميع المصالح المعنية”.

من جهته، يرى مصطفى القاسمي أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن “مدونة الأسرة سنة 2004 جاءت بمجموعة من المستجدات التي تصب كلها في صالح المرأة المغربية”.

وبخصوص النقاش العمومي المتعلق بتعديل بنود مدونة الأسرة، قال القاسمي في تصريحه لـ”بلادنا24“، “هناك ثلاث تيارات، أولها معارض لكل هذه التعديلات والمستجدات، والثاني مساند وهو التيار الحقوقي، بينما الثالث يأخذ كل ما يهم الدين الإسلامي ويسايره”.

وأضاف القاسمي، “النص القانوني في مدونة الأسرة ينص على تدبير شؤون الأسرة بين المرأة والرجل”.

مشيرا إلى كون، “مجال تعديل مدونة الأسرة يبقى مجالا دينيا حكرا على جلالة الملك، بحيث أن هذه المطالب تبقى مجرد مطالب”.

مريم الحمداوي – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *