ما الذي ربحته الجزائر من وراء قطع علاقتها مع إسبانيا بسبب المغرب؟

بعد مرور عام ونصف على إعلان السلطات الجزائرية تعليقها لمعاهدة “الصداقة وحسن الجوار والتعاون” مع إسبانيا، وسحب سفيرها من المملكة الإيبيرية، على خلفية إعلان رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي وواقعي لملف الصحراء المغربية، تستعد سلطات قصر المرادية لتعيين سفير لها بمدريد، رغم عدم تخلي إسبانيا عن موقفها الرامي إلى دعم المملكة المغربية في استكمال وحدتها الترابية.

هذه الخطوة الجزائرية تفتح الباب واسعا أمام علامات الاستفهام والتساؤل، حول ما الذي حققته الجزائر من وراء قطع علاقتها مع إسبانيا؟ وهل أصبحت مقتنعة كونها خسرت ملف الصحراء المغربية؟ وهل تتجه نحو الاعتراف بمغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي بعد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحددة، الذي دعا الجزائر إلى تنزيل حسن النية في تدبير هذا النزاع المفتعل والوصول الى حل سياسي؟.

خطأ فادح

المعارض الجزائري، وليد كبير، يرى أن الجزائر لم تحقق أي شيء من ورائها قطع علاقتها مع إسبانيا، سيما وأنه لم يتم قطع العلاقات الدبلوماسية الجزائرية الإسبانية، بل كان هناك تعليق فقط لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار التي تم توقيعها بتاريخ 8 أكتوبر عام 2002، خلال حقبة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

وقال وليد كبير، في تصريحه لـ”بلادنا24“، وهو يعلق على القرار الجزائري، إن “الجزائر قامت بسحب سفيرها، وتعليق العمل في الجانب التجاري، ما عادا ضمان إمدادات الغاز من الجزائر نحو إسبانيا”.

وأشار إلى أن “التراجع الملحوظ من خلال ما قالته الصحيفة الإسبانية “الكونفيدينثيال”، بأن الجزائر ستعين سفيرا بمدريد، يؤكد على أن النظام ارتكب خطأ فادحا عندما تصلب في موقفه بعد إعلان إسبانيا عن موقفها التاريخي الداعم لعدالة قضية المغرب، ودعم مقترح الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي وجاد لملف الصحراء المغربية”.

الجزائر ومغربية الصحراء

وعلى غرار الموقف الإسباني، هل تتجه الجزائر نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي، والجلوس مع المغرب إلى طاولة الحوار، وحل ملف الصحراء؟ تسأل “بلادنا24“، قبل أن يجيب المعارض الجزائري، بالقول إن “النظام الجزائري نرجسي، ولا يعترف بفشله”.

وتابع: “لا أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي سيدعم فيه النظام الجزائري مغربية الصحراء، لأن الجزائر في ظل هذا النظام صعب، لأنه بنى ديمومته على بقاء النزاع في الصحراء”.

وأكد المتحدث، على أن “ما يمكن التنبؤ به، هو في حال وقوع تغيير على مستوى نظام الحكم، بالموازاة مع بناء دولة الحق والقانون، ودولة مدنية ديمقراطية، وعدم مصادرة إرادة الشعب الجزائري.. فهذه هي الشروط التي من شأنها أن تدفع نحو حلحلة الأمور بالنسبة للعلاقات الجزائرية المغربية، والمساهمة في حل نزاع الصحراء المغربية”.

بناء الجسر من طرف واحد

من جانبه، يرى الخبير في العلاقات الدولية، العباس الوردي، في تعيين سفير جديد للجزائر بإسبانيا، “إشارة عريضة على أن الجزائر بعدما خسرت رهان تجديد العلاقات وطي صفحة الماضي، تسعى إلى بناء جسر من جهة واحدة، من أجل إظهار حسن النوايا للملكة الإسبانية، في اطار قبول التوجه الإسباني، ولو بصغة ضمنية واعترافه بحجية مشروع الحكم الذاتي”.

وقال أستاذ القانون العام بجماعة محمد الخامس بالرباط، في تصريحه لـ”بلادنا24“، إنه “باعتبار أن قضية الصحراء المغربية قد عرفت منعطفات جد متقدمة، كان آخرها قرار مجلس الأمن 2703، والذي ذكر اسم الجزائر بصورة واضحة، ودعاها إلى تنزيل حسن النية في تدبير هذا النزاع المفتعل، والوصول الى حل سياسي عنوانه مشروع الحكم الذاتي، وإحصاء ساكنة مخيمات تندوف”.

ولفت الخبير الدولي، إلى أن الجزائر “تريد أن تبين أنها تسعى بعد انتخابات 2024 الرئاسية، إيجاد كاريزما جديدة، ورئيس جديد يعمل على بناء وحدة الصف، وخاصة من خلال ما تعرفه المنظومة الدولية من تقلبات في الشقين الأمني والاقتصادي، عبر قبول سياسة الأمر الواقع المبني على مبدأ الشرعية”.

المغرب واليد الممدودة

وأكد العباس الوردي، إلى أن “المغرب كان يدعو الجزائر دائما، عبر الملك محمد السادس، إلى تبني سياسة اليد الممدودة، وترك الأمور المرتبطة بالخلاف المتعلق بنزاع الصحراء المغربية بيد الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمضي قدما في بناء منطقة المغرب العربي وشمال افريقيا والساحل”.

وأشار إلى أن “هذا التوجه يؤكد بالملموس رغبة الجزائر في إعطاء صورة أخرى لرونقها، ولتوجهها وقنواتها الدبلوماسية على المستوى الخارجي، واستعادة الشراكات مع الشركاء الاستراتيجيين، وخاصة دولة إسبانيا، التي تربطها علاقات اقتصادية مع الجزائر، فضلا عن ربح الوقت”.

وأبرز الخبير الدولي، أن “رئيس قصر المرادية في خطابه بمناسبة ذكرى الثورة، لم يؤكد على ضرورة البوح بالغصة المسكوت عنها من لدن عسكر الجزائر، وخاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، والحديث عنها، بتأييد الطروحات المرتبطة بجبهة البوليساريو، معتبرا هذا الأمر إشارة واضحة على أننا أمام خسارة مدوية للنظام الجزائري على أكثر من جبهة، وهو الآن يتجه نحو إعادة حفظ مياه الوجه، وحفظ وصون هبة الدولة على المستوى الخارجي”.

وخلص الوردي، إلى أن الجزائر، “قد قبلت الخسارة المرتبطة بالتطور الجذري الذي عرفه ملف الصحراء المغربية خاصة منذ 2007، ومنذ قرارات مجلس الأمن المتتالية، والقطع مع أطروحة تقرير المصير والاستفتاء، وتدبير هذه الأزمة، على منحى آخر، عنوانه تجاوز الخلافات مع الشركاء، وعدم التدخل في السياسات الخارجية للدول”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *