موسيقى الشارع.. فن يتحدى الصخب ويطرب مسامع المارة

’’غلطانة جيتيني ندمانة’’، لم يكن مقطعا موسيقيا يصدح به صوت الفنان سعد لمجرد، ولكنه مقطع تعود على أدائه شاب في مقتبل العمر، متسلح بقيثارته، واقف وسط كورنيش ’’أبي رقراق’’ بالرباط، حيث اعتاد على أداء أغاني أشهر الفنانين المغاربة والعرب، متجاوزا ضجيج المارة، وأبواق السيارات.

جمهور من مختلف الأعمار، يتابع بشغف المقاطع الموسيقية التي يؤديها نجوم الشارع، الذين يقفون بثبات كبير، متجاوزين نظرات البعض، متكئين على أكتاف الموهبة، متسلحين بالعزيمة، مظهرين مواهبهم التي احتضنها الشارع.

فن دون قيود

لا ينتظرون دورهم في صالات العرض ليبرزوا مواهبهم، بالتصفيق وترديد الأغاني، ووسط كم لابأس به من الناس، يغازل نجوم الشارع قيثارتهم، ويؤدون المقاطع الموسيقية الشبابية.
دون حصولهم على تراخيص، يؤدون الأغاني التي تطربهم متى سنحت لهم الفرصة بذلك. فتاة ترقص، وأخرى تستبم، وعجوز تظهر على وجهه معاليم الفرح، وسيدة اختارت الجلوس بالقرب من ’’نجوم الشارع’’، لتستطيع سماع الكلمات، وترديدها بأريحية. نوتات موسيقية، غيرت ملامح كورنيش ’’أبي رقراق’’، وبعثت الحياة في جمهور ينغمس طوال الأسبوع في العمل، وأعادت إلى عروق ’’نجوم الشارع’’، دماء فنية جديدة، اتخذت من الشارع مسرح لها.
أخرجوها من المسرح واستوديوهات التسجيل، وانتقلوا بها إلى الشارع لتعانق صخبه، شباب لا يبحثون عن فرصتهم في النجومية، بل وفاء لهواية تعيش معهم. كل مساء يقفون في زاوية من كورنيش ’’أبي رقراق’’، ومعهم آلاتهم الموسيقية، ومكبارت الصوت الصغيرة، ليطربوا آذان الواقفين حولهم، والجالسين في المقاهي المقابلة لهم.

نجوم الشارع

لم يكن لمحمد أمين، وهو شاب في العشرينات من عمره، حل للوصول إلى النجومية التي يريدها، سوى البدء بالعزف في الشارع.
’’لا أنتمي لأي فرقة موسيقية، أعزف وأغني بحب، وألعب موسيقى الشارع ﻷصل إلى تحقيق ما أريد’’. هذا ما قاله الشاب الذي يعتبر نجم من نجوم الشارع، مضيفا أنه درس الموسيقى في أحد المعاهد المتخصصة في ذلك.
وأبرز محمد أمين، في حديث مع ’’بلادنا24’’، أنه يعشق الموسيقى، ويطمح في أن يصنع اسما له، مثل حاتم عمور، وسعد لمجرد، وغيرهما. مضيفا أنه حاصل على ماستر في الدراسات الإنجليزية، كما لازال يطمح في إكمال دراسته، بالموازة مع تحقيقه حلمه.
وعن فكرة الغناء بالشارع، وسط كم هائل من المارة، قال الشاب إنه لم يجد في ذلك عيبا. وأراد أن يوصل موهبته إلى أكبر قدر ممكن من الناس، حيث رأى بأن الشارع هو الحاضنة المناسبة لفنه.

الشارع حاضنة الفن

وبخوص الألوان الموسيقية التي يؤديها، أكد المتحدث، أنه يجيد غناء العديد من الألوان، غير أنه يفضل لون موسقي مختلط، “على اعتبار بأن الشارع يضم العديد من الناس التي لا يمكن تحديد اختياراتها الموسيقية’’. معتبرا أنه ’’يريد إرضاء كل الأذواق’’.
وقال محمد أمين، إن فكرة غنائه بالشارع، جاءت باقتراح من صديق له كان هو الآخر يؤدي أغاني الفنانين العرب والأجانب، قبل أن ينتقل للغناء في مطعم أحد الفنادق الفاخرة، تاركا المكان له بالشارع.
عند انتهاء الفنان، تتصاعد التصفيقات من الجمهور، الذي يطالب بعزف المزيد، ما يؤكد نجاح هذا الفن الذي لا يعترف بالقيود، متغلغلا في المشهد الحضري لمدينة الرباط، راسما الابتسامة على من باتوا في أمس الحاجة إلى ما يروح عليهم، ويساهم في تجاوزهم عبوس الحياة.
تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *