استقالة مديرة مستشفى تازة تثير جدلاً محلياً.. انتقادات ومطالب بـ”النبش” في الأسباب

أثار خبر إقدام الطبيبة خولة بوكيزي، التي تدير مستشفى ابن باجة الإقليمي بتازة، بالنيابة، منذ أشهر، على وضع استقالتها المكتوبة لدى المصالح الإدارية المختصة، أول أمس الأربعاء، في انتظار التأشير عليها من طرف المصالح المركزية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، دون أن توضح الأسباب الكامنة وراء ذلك، (أثار) صدمة واستياء كبيرين، تلتهما موجة واسعة من الاستفسارات من لدن الساكنة المحلية، حول الأسباب الرئيسية التي دفعت الطبيبة “المشهود لها بحسن خلقها وجديتها”، وفق تعبيرهم، إلى الاستقالة من منصبها في هذه المدة الوجيزة، دون أي سابق إنذار.

أصوات “منددة” و”مستفسرة”

وما إن توانى إلى علم الساكنة المحلية، خبر اتجاه الطبيبة خولة بوكيزي إلى الاستقالة، حتى تقاطرت الأصوات “المنددة” و”المستفسرة”، عبر تدوينات متفرقة على منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أجمعوا من خلالها أصحابها، على الاستغراب من خبر الاستقالة هذا، معبرين عن استيائهم من فقدانهم للطبيبة المذكورة. بل إنّ بعضهم ذهب حد وصف الأمر كونه “مؤامرة مزعومة حيكت خيوطها بحرفية ضد الرئيسة الجديدة بالنيابة”، بهدف التخلص منها، كونها “مشهود لها بجديتها وحسن سمعتها بين المرتفقين والشغيلة الصحية بالمستشفى التي تديره”.

وحسب تدوينات متفرقة تم تداولها على نطاق واسع، فقد طالبت فعاليات مدنية، السلطات المختصة، وعلى رأسهم عامل الإقليم، بالتدخل العاجل، وفتح تحقيق آني، للكشف عن أسباب وحيثيات إقدام المعنية على الاستقالة من منصبها الذي تسلمته قبل فترة قصيرة فقط. خصوصاً في ظل وجود ما وصفوه بـ”اللوبيات المسيطرة على القطاع الصحي بالإقليم”، التي حسبهم، “لطالما حاربت كل مسؤول يحاول ممارسة عمله بنزاهة وحرفية بعيداً عنهم”.

وجاءت في تدوينة “فيسبوكية” تم تداولها على نطاق واسع: “بعد فضيحة اختلاس معدات وتجهيزات المستشفى الإقليمي إبن باجة بتازة، واعتقال المدير وبعض الأطباء والموظفين والحكم عليهم بمدد متفرقة، تم تعيين الدكتورة خولة بوكيزي التي كانت تشتغل سابقا طبيبة رئيسة بالمركز الصحي ببورد، مديرة لهذا المستشفى الذي يعد من أكبر المستشفيات على الصعيد الإقليمي”.

ويضيف المصدر ذاته: “وبحكم سمعتها الطيبة وتعاملها الإنساني مع المرضى والمرتفقين وطيبوبتها وتفانيها في العمل التي يقر بها كل ما عاشرها، حاولت هذه الأخيرة أن تكون في مستوى المهمة التي أنيطت بها في مستشفى إبن باجة، محاولة منها تغيير تلك النظرة السلبية على قطاع الصحة بكل تخصصاته في إقليم تازة، وتفعيل مبادئ الحوار مع كل الأطر الطبية وشبه الطبية والعاملين في هذا المرفق العمومي، الذي كان يعج سابقا في عهد مديره السابق المعتقل بتهمة الإختلاس وتبديد أموال عمومية ببعض الأطر الطبية يمثلون فريقا من الممانعين لقرارات الإدارة، ويدخلون في سجالات يومية مع المرضى والمرتفقين”.

لوبيات فاسدة” تسيطر على القطاع الصحي

وعن هذه الأطر الصحية التي وصفتها بـ”الفاسدة”، تقول التدوينة ذاتها، إن “منهم من يتغيب باستمرار عن العمل، ومنهم كذلك من يوجهون المرضى المقبلين على عمليات العظام إلى “بارافارماسي” بعينها لشراء الدعامات الحديدية رغم الفارق الكبير بين أسعارها”. مشيرة إلى أن “الجشع وصل بهم للامتناع عن إجراء العمليات إذا تم شراءها من مكان آخر، ما جعل أحد المرافقين لمريض كان طريح المستشفى في انتظار إجراء العملية لتسجيل دعوى قضائية ضد الطبيب المعالج، فتم إدانة الطبيب ومعه صاحب البارافرماسي”.

وأورد صاحب التدوينة قائلاً: “منذ استلام الدكتورة خولة مهمة مديرة المستشفى وشكايات المواطنين تتقاطر عليها ضد بعض الأطر الطبية، ورغم تدخلاتها في أكثر من محطة لصالح هؤلاء، ووقوفها عن كثب على مجموعة من الحالات الخطيرة لتسيير عملية التطبيب والشفاء، كما هو الحال مع الطفلة التي تعرضت للطعن بسكين من طرف شقيقها وحالات أخرى بشهادة الجميع”؛ مشيراً إلى أنها “تتعرض للانتقادات من طرف الذين ألفوا الفوضى والعمل بعجهية وتعالٍ وتجاوز لكل القرارات الصادرة عن الإدارة”.

وأضاف: “وبعد مضي فترة قصيرة على هذا التعيين وأمام هذا التعنث من قبل زملائها في المهنة، وبعض الفاعلين المنتمين لهذا القطاع، كان لابد لها أن تختار إما الانصياع لهؤلاء الذين رفضوا التغيير والحفاظ على كرسي (المديرة) أو الدخول معهم في سجالات عقيمة لا تخدم مصلحة المرضى وتهدم آخر الجسور بينها وبينهم في لحظة غضب، لكن الطبيبة خولة اختارت أقصر السبل لتمرير احتجاجها وغضبها للجميع بعدما وضعت استقالتها لترتاح من عناء هؤلاء”.

وتساءل المتحدث من خلال التدوينة في هذا السياق، عن “هل المديرية الجهوية للصحة بفاس ومعها مندوبية الصحة بتازة على علم بما يقع داخل المستشفى الإقليمي بتازة، الذي عرف تنحية المدير السابق حميد بن الصغير (قبل المدير المعتقل) رغم طيوبته وتواضعه وتفانيه في العمل؟”؛ مشيراً إلى أن “الدور جاء على الدكتورة خولة التي حاولت جاهدة أن تخدم مصالح المرضى، لتجد نفسها أمام هذا الوضع الخطير مضطرة لتقديم استقالتها”.

مطالب بـ”النبش” في الأسباب

وتساءل مستطرداً: “هل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على علم بأن ساكنة إقليم تازة متذمرة من خدمات هذا المستشفى؟”، وأن “الكثير منهم رغم ظروفهم الإجتماعية الهشة يولون وجهتهم للمصحات الخاصة ودخولهم في عملية “الكريدي” من الأهل والأصدقاء من أجل إجراء العمليات الموجودة داخل مستشفى إبن باجة؟”.

خالصا في هذا الصدد، إلى أن “الجميع يصرح علانية بأن المديرة خولة بوكيزي من أحسن الأطر الطبية التي عينت على رأس التسيير الإداري والطبي في المستشفى الإقليمي بتازة، والكل ضد استقالتها لتبقى كلمة الفصل للمديرية الجهوية بفاس ووزارة الصحة والحماية الإجتماعية بالرباط، للنبش في الأسباب الحقيقية التي دفعتها لتقديم هذه الاستقالة المفاجئة، وإيفاد لجنة مستقلة للوقوف عن كثب على ما يقع داخل هذا المستشفى”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *