من هو النبي الذي امن به كل قومه

النبي الذي آمن به جميع قومه هو يونس عليه السلام، في سورة يونس، يذكر الله أنه لو آمن أهل مدينة نينوى برسالته التي جاء بها يونس، لكشف الله عنهم عذاب الخزي في الدنيا ومتعهم إلى حين، وفي سورة الصافات، يشير الله إلى أنه أرسل يونس إلى مدينة نينوى التي كانت تضم مائة ألف شخص أو أكثر، وقد آمنوا برسالته ورحمة الله وسعتهم، في التالي باقي تفاصيل الجواب على من هو النبي الذي امن به كل قومه؟.

يونس عليه السلام كان نبياً أرسله الله ليدعو قومه إلى التوبة والإيمان، ورغم معارضته في البداية، إلا أن الناس في النهاية آمنوا به وتابوا، فرحم الله عليهم وأخلص لهم معيشتهم إلى حين.

أرسل الله نبيه يونس عليه السلام إلى مدينة نينوى في العراق، في القرن الثامن قبل الميلاد، ليدعو أهلها إلى عبادة الله وحده. لكنهم رفضوا دعوته، فأخبرهم أنهم سيعاقبون بالعذاب بعد ثلاثة أيام. وفي اليوم الثالث، خرج يونس عن المدينة قبل أن يُأذن له بالرحيل من قبل الله. لم يكن يونس قد بعد بعيدًا حتى بدأ العذاب يلحق بأهل المدينة، فأدركوا خطورة موقفهم وصدق دعوته، وعلموا أنهم سيتعرضون للعذاب كما حدث بالأمم السابقة.

فأصابت نفوسهم حالة من اللجوء إلى الله، فآمنوا به وتابوا عن شركهم، واستغفروا الله من ذنوبهم وخطاياهم. ثم خرجوا إلى رؤوس الجبال وتوجهوا بالدعاء إلى الله، وبعد ذلك بسط الله جناح رحمته عليهم، ورفع نقمته عنهم، وقبل توبتهم لأنهم كانوا صادقين في إيمانهم وأخلاصهم في التوبة. فأزال الله العذاب عنهم ومنعهم منه، ثم عادوا إلى ديارهم وهم في أمان، وأملوا أن يعود يونس إليهم ويعيش معهم بينهم.

ولكن انطلق يونس في رحلته، وركب السفينة. وعندما وصلت السفينة إلى مكان في البحر، هيج البحر وأحاط بالسفينة ومن عليها. فلما علم ركابها بالموقف الخطير الذي يهددهم، قال بعضهم: “لا خلاص لكم إلا أن تتخففوا من بعض من على السفينة.” قرروا أن يلقوا بأحد منهم في البحر بواسطة قرعة. كان يونس نبي الله بينهم، ولكنهم لم يتمالكوا أنفسهم لأنهم عرفوا أنه رجل طيب الأخلاق ويحمل كل الصفات الحسنة. لذا قرروا إعادة القرعة مرة أخرى، ووقعت القرعة مجدداً على يونس عليه السلام. ثم أعادوا القرعة مرة ثالثة، ووقعت القرعة مجدداً عليه. ففهم يونس أن هذا كان من تدبير الله، وأدرك خطئه في أنه لم ينتظر إذن الله أو يستشيره قبل المغادرة. لذا، قرر أن يلقي بنفسه في البحر، واستسلم لأمواجه.

فأوحى الله تعالى إلى الحوت أن يبتلع يونس، ويحفظه في بطنه دون أن يؤذيه أو يكسر عظامه، وهكذا بقي يونس في بطن الحوت، يسير معه في أعماق البحر وفي ظلماته. وضاقت به الأمور حتى أنه لجأ إلى الدعاء، فقال الله تعالى: {فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (سورة الأنبياء: 87).

فاستجاب الله لدعاء نبيه يونس، وأمر الحوت أن يلقي به على الساحل، فألقاه الحوت بالفعل على الساحل، ضعيفاً ومنهكاً. واستقبله الله برحمته وعنايته، وأنبت له شجرة يقطين ليأكل من ثمرها ويستظل تحت ظلها. وعادت عافيته إليه بفضل الله، فحمد الله على نعمته عليه. ثم بعد ذلك أوحى الله إليه أن يعود إلى قومه.فلما عاد يونس إلى قومه، وجدهم قد تابوا عن عبادة الأصنام وأصبحوا موحدين بالله.

القصص المستفادة من قصة يونس

أولاً، نرى أن الله تعالى يقبل توبة عبده بعد الخطأ والتقصير، حيث أظهر ذلك في قصة يونس عليه السلام عندما تاب قوم نينوى بعد أن توعدوا بالعذاب، وقال الله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (سورة يونس: 98).

ثانياً، يُظهر لنا قصة يونس عليه السلام أهمية التسبيح والذكر كوسيلة للتخفيف من البلاء والكرب، حيث تأكدت فائدة التسبيح في قصة موسى عليه السلام. {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (سورة الصافات: 143-144).

ثالثاً، من قصة يونس عليه السلام نستفيد من فضل الدعاء وأثره العظيم في حياة المؤمن، حيث جاء في الحديث النبوي: “ألا أدلكم على أسماء الله الحسنى التي إذا دعي بها أجاب، وإذا سئل بها أعطى؟ إن دعاء يونس حين دعا في بطن الحوت، {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}”، وأنه دعاء لا يخص يونس فقط بل ينطبق على كل مؤمن صادق.

رابعاً، تعلمنا من قصة يونس عليه السلام أن الدعاء هو وسيلة للتواصل الفعال مع الله في جميع الأوقات، وأن الله وعد بإجابة دعاء عباده: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (سورة غافر: 60).

خامساً، يظهر لنا من قصة يونس عليه السلام أن الله يفرج عن مؤمنيه ويخرجهم من الضيقات والمحن، فقد قال الله: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الأنبياء: 88).

باختصار، فإن قصة يونس عليه السلام تعلمنا أساليب عديدة للتوبة والاستغفار، وأهمية التسبيح والدعاء في حياة المؤمن، والثقة بوعود الله في إجابة الدعاء وفك الكرب والضيقات.

دعاء سيدنا يونس عليه السلام

دعاء سيدنا يونس عليه السلام عندما كان في بطن الحوت يُعتبر من أفضل الدعوات التي يجب أن يحرص المسلم على دعائها في أي وقت. فقال نبي الله يونس عندما وقع في الكرب: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”، كما جاء في الأحاديث المتفق عليها.

هذا الدعاء يعبر عن اعتراف المسلم بخطيئته وضعفه أمام الله، وعن توحيده له بالعبادة والاستغفار، ويشير إلى التواضع العميق والاستجابة السريعة من قبل الله لدعاء المؤمنين. إنه دعاء ينبغي لكل مسلم أن يحرص على إدراك أهميته، واستعماله في كل شأن من شؤون الحياة، سواء في السراء أو الضراء، فهو دعاء يتضمن الاستغفار الصادق والتوبة النصوح.

لذا، ينبغي أن يكون هذا الدعاء جزءاً من دين وعبادة المسلم المستمرة، حيث يُعبر عن تضرعه واعترافه بذنوبه وتقصيره أمام الله، ويعزز من اتصال المؤمن بربه وتوكله عليه في كل الأوقات والظروف.

 

اقرا ايضا:

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *