جدل يرافق إصدار عقوبات سالبة للحرية في حق مغني “الراب”

أصدرت غرفة الجنح التلبسية بابتدائية فاس، حكمها في قضية تتعلق بالفنان “ب. ع”، المعروف بأغنيته “عمو راك ولدتي الزين”، حيث أدين بالحبس لمدة سنتين مع غرامة نقدية قدرها 10 آلاف درهم، وذلك بسبب مضمون الأغنية التي يعتبرها القضاء مسيئة وغير لائقة، يأتي هذا الحكم بعد صدور حكمين مماثلين بالحبس النافذ لنفس المدة في قضايا مماثلة، حيث أدين أصحاب أغنيتي “شر كبي أتاي” و”شر كبي هواي” بنفس العقوبة.

تسببت الأحكام الصادرة في هذه القضايا في جدل كبير، خاصة لأنها تتعلق بعقوبات سالبة للحرية بحق شباب “متورطين” في الفن، وهذا ما دفع البعض للتساؤل عن مدى ملاءمة هذه العقوبات مع طبيعة الجرائم المرتكبة، ويعتبر البعض من الناشطين في مجال حقوق الإنسان أن هذه العقوبات مبالغ فيها، وأنها لا تلبي الأغراض المرجوة منها، خاصة عندما يتعلق الأمر بتقديرات فنية واستنتاجات حول مدى التأثير السلبي لهذه الأغاني.

في هذا السياق، يقول محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، في تصريح لـ”بلادنا24” معلقا على الجدل الحاصل: “إن الحكم على شخص ما نتيجة عمل قد يدخل ضمن مجال الفن أم لا بعقوبات سالبة للحرية امر مرفوض. إذ كان يكفي للقضاء أن يعمل على ردعهم بعقوبات أخرى تتمثل في غرامات مالية مخففة في الأقصى”.

وأضاف المتحدث قائلا: “كان من الأجدر للقضاء النظر إلى هؤلاء الأشخاص في إطار سياق اجتماعي عام، يتمثل في فشل العديد من المؤسسات الاجتماعية في القيام بادوارها في التربية والتأطير كالأسر والمدرسة والأحزاب والجمعيات، وبالتالي ظهور أفراد، حتى لا أقول فنانين، يستعملون كلمات نابية في انتاجاتهم، لكن كان يمكن استثمار مواهبهم فيما هو أفضل”.

واسترسل بنعيسى حديثه بمقارنة العقوبات الصادرة في مختلف القضايا بشكل عام، قائلا: “إذا قارنا العقوبات المشددة في حقهم مع العقوبات التي تصدر في حق الفاسدين وناهبي المال العام فهذه الأخيرة تبقى جد مخففة رغم الضرر الكبير التي تسببه للمجتمع. ثانيا، ما هو دور المؤسسات المعنية بالفن ببلادنا، وعلى رأسها وزارة الثقافة والاتصال مثلا في التأطير المباشر، ثالثا، إن تركيز الدولة على مثل هذه القضايا يعطينا صورة عن المنحى العام الذي نسير اليه وهو الدولة القلقة على قيم ما، تحرسها ولا تعلنها، بتوظيفها لمؤسسات الرقابة والعقاب”.

وأنهى المتحدث تعليقه بالتساؤل قائلا: “وأخيرا، للأسف الشديد، أن مثل هاته الوقائع تجرنا إلى سؤال علاقة الدولة بالاخلاق والفضاء العام، ومحاولتها التحكم في سلوكات المواطنين وهو تحكم ظاهرة الحفاظ على ” هوية ما ” وباطنه استبدادي”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *