هل انهارت الحكومة؟، سؤال يقفز فجأة إلى سطور المقالات، ليزاحم كل الأفكار الأخرى حول فشل الحكومة، أو عدم انسجامها أو أي فكرة أخرى.
لقد فعل عزيز أخنوش كل شيء من أجل تماسك التحالف الحكومي، وفي كل مرة يطرأ مشكل، يهرول رئيس الحكومة ليطفئ النار تارة، وليهدد تارة أخرى.
لكن يبدو أن الأمور بدأت تصل إلى نهايتها، وأن التحالف الهجين الذي انطلقت به “حكومة الكوارث”، وصل لنهايته، حتى إذا لم نرى تعديلا حكوميا.
فقد صارت الحكومة كخليط من الماء والزيت والغازوال، تستطيع وضعه في كوب واحد، لكنه يظهر للجميع أنه غير متجانس، حتى ولو حاولت الإبقاء عليه كذلك لمدة أطول، وحتى إن كان في البداية قد ظهر للمغاربة أنه متجانس، فذلك مرده إلى كون الكوب تم رجه جيدا، ومنحه التجانس الآني الذي يختفي بمجرد اختفاء فقاعات الرجة.
اجتماع أغلبية للملمة الأشلاء
اجتماع الأغلبية الذي جرى أول أمس الاثنين، كان من أجل إظهار أن الحكومة لا تزال كما كانت، لكن الحقيقة كانت واضحة، بعدما تشبث نواب الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، بالتعديل على صندوق التنمية القروية، الذي يرفض حزب التجمع الوطني للأحرار تقاسمه معهم.
ويكفي أن تفهم بأن الحكومة منهارة حالما تجد أن صندوقا للتنمية، يمسكه الحزب الحاكم، وترغب الأحزاب المتحالفة معه في انتزاعه منه بالقوة.
وفي الحقيقة، لم يستطع حزب الأحرار أن ينمي ولا قرية واحدة بصندوق بداخله 55 مليار درهم سنويا، وهي الملايير التي تستطيع تنمية العالم القروي بشكل حقيقي في غضون سنوات، لكن في يد الأحرار، سيحتاج الأمر لنزول المسيح عيسى ليعرف العالم القروي التنمية.
ويبدو أن الصندوق فعلا عليه إما العودة لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أو يتم فصله عن الوزارات بشكل تام، حتى لا يتم استغلاله انتخابيا مستقبلا.
وليس صندوق التنمية القروية فقط من كشف انهيار الحكومة، بل إن ضعف أخنوش السياسي، وغضب المغاربة عليه، وكرههم لرئاسته، زيادة على انفراط الأمور من بين يديه، حيث صار رئيسا لبعض الوزراء فقط وليس للحكومة، إذ أنه صار عاجزا على أن يكون رئيسا لعبد الوافي لفتيت، وناصر بوريطة، وفوزي لقجع، وخالد آيت الطالب، وفاطمة الزهراء المنصوري، وأحمد التوفيق، وعدد مهم من الوزراء.
الحكومة بعدة رؤساء
لم يعد عزيز أخنوش وحده رئيسا للحكومة، حيث أن بعض الوزراء لديهم رؤساء من خارج الحكومة، ولا يتلقون أوامرهم البتة من أخنوش، بينما لا يرتبط بوريطة ولفتيت بالحكومة بتاتا، في حين أن آيت الطالب وأخنوش صارا قط وفأر، لا يحدث أحدهما الآخر إلا رسميا، بينما تستنكف المنصوري أن تتلقى أي أوامر، لا من أخنوش ولا من عبد اللطيف وهبي.
وحتى نزار بركة الذي كان لا يعصى لأخنوش أي أمر، تؤكد مصادر “بلادنا24“، أنهما لم يعودا على وفاق تام، وإن حاولا إظهار العكس الجميع.
لقد انهارت الحكومة!
أخلاقيا، لقد انهارت الحكومة، وصار في الخفاء كل طرف فيها يكيد للآخر، وحتى إن حاول أخنوش أن يمد في عمر التحالف، و”يمكيج” هذا التحالف بلقاءات الأغلبية والتكذيبات في الإعلام، فإن الواقع سيبقى كما هو، وكلما حاول تمطيط عمر التحالف، ستتسع الهوة بين أعضاء الحكومة، لأن المشكل لا يتعلق فقط بصندوق الحكومة، بل باختلاف تام بين ثلاثة أحزاب، كل واحد فيها يرى أنه الأحق بزعامة الحكومة، وأنه قادر على إخراج المغرب مما هو فيه.