فاطمة رومات: الأسلحة ذاتية التشغيل تخرِق “قانون الحرب” وتُهدّد بنهاية البشرية

“الأسلحة ذاتية التشغيل بإمكانها إنهاء البشرية”. بهذه العبارة علّقت خبيرة الذكاء الإصطناعي في العلاقات الدولية، وأستاذة كلية الحقوق أكدال، فاطمة رومات على التطور الذي بات يعرفه الذكاء المُصطنع وعلاقته مع جانب التسليح والمساهمة في النزاعات المسلحة ومدى تهديده للإنسان مستقبلا، وذلك في إطار تقديم كتابها الأخير “الذكاء الاصطناعي والنظام العالمي الجديد.. أسلحة جديدة وحروب جديدة وموازين قوى جديدة”، في رواق الأمانة العامة للحكومة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، يوم أمس الجمعة بالرباط.

أسلحة بنسبة كبيرة من الاستقلالية

وفي تصريح لـ”بلادنا24” عقِب الندوة التي كشفت من خلالها عن مضمون الكتاب، تقول رومات، “الإصدارات التي قدمتها بخصوص الذكاء الإصطناعي ما هي إلا مساهمة متواضعة من باحثة وأستاذة مغربية، في المجهود التي تنخرط فيه المملكة، في هذا النقاش العالمي حول الذكاء الإصطناعي، في محاولة لطرح الحلول لكل المخاطر التي يطرحها هذا الذكاء المُصطنع، على المستوى الوطني وأيضا على المستويين الإقليمي والدولي”.

fatima roumate2

وأضافت رئيسة المعهد الدولي للبحث العلمي، أن “هناك مخاطر الآن تصل لحدّ تهديد بنهاية البشرية، على اعتبار أن هناك أسلحة ذاتية التشغيل تستخدم أنظمة ذكية، لها نسبة كبيرة من الاستقلالية وفي المستقبل القريب سوف تكون هناك أسلحة لها القدرة في اتخاد القرار بشكل كلي، بحيث تم استخدام هذا النوع من الأسلحة في الحرب على غزة، من طرف الجيش الإسرائيلي وهو ما يُفسّر الارتفاع الكبير للضحايا في صفوف المدنيين”.

ضرورة “أنسنة” الأسلحة ذاتية التشغيل

وتشير فاطمة رومات إلى أن “النظام الذكيّ يحدد الضحية بناءً على بيانات يمكن تحليلها والوصول إلى نتيجة مفادها أن هذا الشخص أو ذاك يُهدّد الأمن القومي الإسرائيلي، رغم أن هذا النظام المُسمى “لافاندر” لديه هامش من الخطأ لكن تم استخدامه في الحرب”، مضيفة “هذه الأسلحة يجب أن تُقنّن أو يجب أن تُحضر بشكل نهائي لأنه يمكن أن تساهم في نهاية البشرية، وتخرق القانون الدولي الإنساني جملة وتفصيلا، بخصوص حماية المدنيين، وأنسنة الحروب”.

وخلصت المتحدثة في تصريحها، “إذا كانت في الحروب الكلاسيكية، تكون التكلفة البشرية مُحدّدة فاليوم مع الأسلحة ذاتية التشغيل فستكون التكلفة في الجانب البشري كبيرة جدّاً، لاسيما على مستوى الأطفال كما شاهدنا في الحرب على غزة”.

fatima roumate

وناقشت الكاتبة في كلمتها، الأفكار الأساسية التي ترتكز عليها هذه “نظرية الذكاء الاصطناعي”، مع تسليط الضوء على نقاط الالتقاء بينها  وبين بعض نظريات العلاقات الدولية وخاصة الواقعية والليبرالية و المقاربات التكنولوجية، كما أشارت إلى كون الكتاب “يدرس تأثير الأفراد الذين يعتبرون مصدر رئيسي لإنتاج البيانات الضخمة التي غالباً ما يشار إليها بوقود الذكاء الاصطناعي”.

“الذكاء الاصطناعي والنظام العالمي الجديد” بعيون خبراء دوليين

وتستشكل الكاتبة عبر الدراسة والتحليل التطورات التي عرفتها مجموعة من المفاهيم ذات الصلة بالسيادة و الدبلوماسية والامن و السلطة مع ظهور مجالات جديدة للسلطة عابرة للأوطان.كل هذه التغيرات و التحديات و التهديدات تقودنا الى النقاش الدولي حول تقنين الذكاء الاصطناعي و أخلاقيات الذكاء الاصطناعي و انخراط المغرب في المجهودات والمساعي الدولية ذات الصلة،  و من هنا يأتي اهتمام الأمانة العامة للحكومة بتقديم هذا الكتاب الذي يعتبر تقنين الذكاء الاصطناعي في صلب ما ما طرحته المؤلفة بيندفتي الكتاب من دراسة للتطورات التي عرفها العالم بعد جائحة كرونا و محاولة تقديم بعض الحلول و الاختيارات البديلة. ذلك ان من المقاربات الأساسية التي اعتمدتها الكاتبة في مؤلفها،”المقاربة القانونية” وذلك بدراسة التحديات التي تطرح على مستوى القانون الدولي العام بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الاقتصادي و القانون الدولي الإنساني و التركيز بشكل اكبر على الآليات الدولية و الإقليمية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، فضلا عن تسليط الضوء على بعض التشريعات المقارنة للدول التي وضعت مبادئ اخلاقية للذكاء الاصطناعي. و كل هذه المواضيع تندرج في صلب اهتمامات الأمانة العامة للحكومة التي ترتكز في أنشطتها على اليقظة الاستراتيجية و التكنولوجية.

ويتضمن الكتاب مقدمة و13 فصلا وخاتمة. يستهل الكتاب في صفحاته الأولى بتعليقات لخبراء دوليين قرؤوا المؤلف قبل نشره وأبدو ارأيهم فيه، منهم الخبراء والمتخصصون في القانون العام والقانون الدولي والقانون الجنائي والعلاقات الدولية والسوسيولوجياوالإعلام، ونذكر منهم رئيس مركز World Geostrategic Insights بإيطاليا وآخرون من الهند ودول أوروبية ومن امريكا اللاتينية وروسيا.

fatima roumate3

تناول الكتاب في فصوله مجموعة من القضايا والإشكالات المعرفية، الذكاء الاصطناعي، “حروب جديدة، أسلحة جديدة، لاعبين جدد في العلاقات الدولية و موازين قوى جديدة”، بالإضافة للأشكال الجديدة للقوة( الصلبة و الناعمة و الذكية)، والأنماط الجديدة للسيادةعلى وجه التخصيص “السيادة على البيانات” و “السيادة السيبرانية” و “السيادة التكنولوجية”، و ضرورة  إعادة التفكير في السياسة الخارجية في عصر الذكاء الاصطناعي مع ما يطرحه هذا الأخير من تحديات جديدة على الدبلوماسية و ظهور دبلوماسية الذكاء الاصطناعي. اهم هذه التحدياتالاستخدام الخبيث للذكاء الاصطناعي و الذي يشكل تهديدا للأمن النفسيالدولي و ذلك لما يقدمه من فرص لتعزيز دور الإعلام في التأثير على الرأي العام و توجيهه و استخدام قوة المعلومة و قوة التكنولوجيا لإحداث التغييرات في الأنظمة السياسية للدول إذا ما تعارضت مع مصالح دول أخرى. و هنا تأتي أهمية الفصل الخاص بالآليات الدولية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي و طرح الجواب على السؤال الخاص بأية استراتيجيات وإجراءات سياسة اجتماعية للتحديات الحالية والمستقبلية، مع الأخد بعين الاعتبار الانتقال الى عصر الذكاء الاصطناعي كسمة أساسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد.

في الختام، في عصر أصبحت دمغته الأساسية الدينامكيات الرقمية، تصبح أخلاقيات الذكاء الاصطناعي مهمة وملحة. وإن الانتقال إلى عصر الذكاء الاصطناعي يسترعي وضع آليات قانونية جديدة واستراتيجيات جديدة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، قبل أن تشير كاتبة المقال إلى كون “الذكاء الاصطناعي هو المفتاح لفهم العلاقات الدولية خلال فترة السلم والحرب وهو عامل مهم لضمان السلم والأمن الدوليين في عالم متعدد الأقطاب”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *