أي تأثير لصعود اليمين المتطرف بأوروبا على مصالح المغرب ووضعية مهاجريه؟

طرح الفوز الكاسح الذي حققته الأحزاب اليمينية المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، في عدد من الدول، وفي مقدمتها فرنسا، وألمانيا، (طرح) مخاوف كثيرة، وردود أفعال متشائمة. كما طرح تساؤلات عدة، حول تداعيات صعود اليمين المتطرف بأوروبا، على مصالح هذه الدول المغاربية، ووضعية رعاياها، وفي مقدمتها المغرب، الذي يتوفر على أكبر عدد من المهاجرين، خصوصا في فرنسا.

فوز اليمين المتطرف وعودة “النازية”

النتائج الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبي، والتي انتصرت لليمين المتطرف، ما شكلت انتكاسة مريرة لزعيمي القوتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، المستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن بشكل مفاجئ عن حل البرلمان، وإجراء انتخابات عامة مبكرة، (النتائج) وصفها بعض المحللين، بالهزيمة القاسية في حق الأحزاب السياسية التي عمرت طويلا داخل سدة البرلمان الأوروبي، ودليل قوية على عودة “النازية”، لتعزز قبضتها من جديد في المشهد السياسي الأوروبي.

هذه الانتخابات التي دعي إليها أكثر من 360 مليون ناخب، لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، منذ الخميس، في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم، خلفت ترقبا كبيرا من قبل أفراد الجالية المغربية، والعربية، والمسلمة، لاسيما وأن هذه الأحزاب، لا تخفي محاولاتها إلصاق كل مشاكل المجتمعات الأوروبية بالوافدين إلى القارة العجوز.

تسونامي داخل أوروبا

ولتفسير هذا الاكتساح الساحق الذي أحدثه اليمين داخل أوروبا، أوضح محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “البرلمان الأوروبي عرف انتخابات تهم 21 دولة أوروبية، مما أحدث ما يشبه تسونامي ضرب هذه الدول، من بينها فرنسا وألمانيا، بسبب الصعود القوي لليمين المتطرف، مما أثار استغراب الجميع، بل ودفع بالرئيس الفرنسي إلى اتخاذ قرار اعتبره البعض شجاع، فيما رآه البعض الآخر، قرار صبياني، والمتمثل في حل الجمعية الوطنية، وإجراء انتخابات مبكرة يوم 30 يونيو الجاري، و7 يوليوز المقبل”.

واعتبر تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “هذه الخطوة التي أقدم عليها ايمانويل ماكرون، مجازفة، كانت الجبهة الوطنية وحلفائها يتمنون حدوثها، مما وضعه بين نارين، إما أن يتمكن من الحصول على نسبة مرتفعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، أو يسلم الحكومة الفرنسية لليمين المتطرف، في سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ الفرنسي”.

وضعية مهاجري البلدان المغاربية

وعن انعكاسات هذا الصعود على مصالح الدول المغاربية عامة، والمغرب خاصة، أوضح الخبير في القانون الدولي، أن “وصول اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في البلدان الأوروبية، ستكون له انعكاسات سلبية على بلدان الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، وخاصة على المغرب، لا سيما وأن أجندة هذه الأحزاب، تتضمن عدة التزامات واستحقاقات، تهم القضايا الأساسية لهذه البلدان، لعل أبرزها، مسألة الهجرة الجماعية، التي يؤكد اليمين على ضرورة إيقافها بشكل مطلق ونهائي”.

وإلى جانب هذا، شدد المتحدث، على أن “مصير المهاجرين المغاربة، وباقي بلدان جنوب البحر المتوسط، داخل أوروبا، سيواجهون الشتات”. مشيراً إلى أنهم “قد يتعرضون للطرد الجماعي، ومعاملات غير منصفة، فيما يتعلق بحقوق الإنسان بشكل عام، وسط تحديات تشكل خطورة بالنسبة للتعايش السلمي في هذه المنطقة من العالم”.

قدرة المغرب على التعايش

وفي هذا السياق، أشار محمد تاج الدين الحسيني، إلى أنه، “نظرا لتفتح المغرب، وقدرته على الحوار، سيتمكن بوسائله الخاصة، من التعايش مع أي نظام تفرضه الوضعية الراهنة، بل وحتى تحدياته في المستقبل، وعلى رأس هذه الإشكالات، المهاجرين المغاربة الموجودين داخل التراب الفرنسي، والذين يتجاوز عددهم مليون نسمة”.

بل، والأكثر من ذلك، يضيف أستاذ العلاقات الدولية، أن “المغرب سيكون مستعدا لإظهار نماذج أخرى من التعاون مع بلدان الاتحاد الأوروبي، بما فيها فرنسا”. مشيراً إلى أن “الزيارات المتكررة التي قام بها مسؤولون فرنسيون خلال الأشهر الماضية، والتي أعادت الدفئ مرة أخرى للعلاقة المغربية الفرنسية التي طبعها نوع من الجمود، كانت منتجة، وأدت إلى وضع برامج طويلة الأمد”. مستبعدا “إضعافها بوجود اليمين المتطرف، أو إحداث تراجعات بخصوصها، وهو الشأن بالنسبة كذلك، لعدد من المجالات التي ستعرف تطورا بين البلدين في المستقبل”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *