عيد الأضحى.. شعيرة دينية أم عادة مجتمعية؟

أصبحت مناسبة عيد الأضحى تكتنز اعتبارات اجتماعية متعددة، إذ أنه أمام اتساع رقعة التباهي والتفاخر بحجم أضاحي العيد، تتجه العائلات نحو الاقتراض وتدبير الأموال لاقتناء “حولي العيد”، بعيدا كل البعد عن الشعيرة الدينية، كون الأضحية المقصود منها هو التقرب إلى الله، وليس التفاخر بنوع “الحولي” وثمنه.

الدين والتدين

وفي هذا الصدد، يرى فريد بوجيدة، أستاذ السوسيولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، أنه من الناحية المبدئية لابد من استحضار معطيين أساسيين: أولا ضرورة التمييز بين الدين والتدين أي بين التعاليم الدينية البسيطة والممارسة الدينية المعقدة.

وأضاف فريد بوجيدة في تصريحه لـ”بلادنا24“، “حينما نتحدث عن أضحية العيد  لابد من استحضار السياق الاجتماعي  والاقتصادي العام  الذي يعيش فيه الناس الذين نتحدث عنهم؛  المعطى الأول يكشف أن الدين لا يلزم الناس بنمط محدد من الممارسات ( إلا في حدود ضيقة) و التي تتعدد بتعدد المجتمعات، وتبقى قابلة للاجتهاد”.

وأشار الباحث السوسيولجي، أن المؤمن الحقيقي عليه أن يقتنع بأن ذبح الأضحية ما هو إلا تقربا من الله ولا يهمه إن كان “صرديا” أو من النجود العليا.. مؤكدا على أن هذا المعطى يكشف كذلك أن  تعقيدات الحياة ابعدت الأفراد من  الإيمان البسيط وشكلت ثقافة اجتماعية جديدة تتلون وفق الحياة الاجتماعية لنجد في الأسواق  تراتبية إيمانية تعكس التراتبية الاجتماعية( كبش السيد وكبش التابع وكبش تابع التابع ) .

الغلاء والجفاف

ولفت أستاذ السوسيولوجيا، إلى أن المعطى الثاني يفرض قراءة المشهد باستحضار مجموعة من الشروط  بل واستنطاق بعض الإحصاءات، إذ هناك ما يرتبط بالطبيعة كتأثير الجفاف وما يترتب عنه من  نقص في تغذية الماشية.. وهناك ما يرتبط بالغلاء وهو من نتائج التضخم الاقتصادي، فضلا عن جشع الوسطاء الذي يبقى عاملا مهما في غلاء الأضاحي هذه السنة.

وتابع، “علينا الانتباه إلى ما أشارت إليه بعض الإحصائيات شبه الرسمية والتي أكدت  على أن عددا كبيرا من العائلات المغربية لم تشتر أضحية العيد، وإذا صدقنا الأرقام فإننا لابد من التسطير على هذا الرقم”.

وأكد فريد بوجيدة، على “أننا أمام متغيرين مهمين: الأول ثقافي ويتشكل تدريجيا لدى الطبقة الوسطى ويتعلق إما بقناعة فكرية تحترم العيد وتنظر إليه كطقس مرتبط بمجتمع غير حداثي، أو قناعة براغماتية تحترم العيد لكنها تحاول أن تبرر عدم شراء الأضحية بالسكن الضيق وبرفضها اللجوء إلى الاقتراض، أمران أحلاهما مر”.

تعاليم دينية

وأوضح أن المتغير الثاني اقتصادي وهو يفسر جانبا دراماتيكيا في التعاطي مع  المسألة، حيث يتشبث الناس البسطاء بالدين ويعتبرون ذبح الأضحية جزء لا يتجزأ من التعاليم الدينية، لكنهم لايستطيعون شراءها، ويعيشون قلقا حقيقيا مابين متطلباتهم الايمانية، وواقعهم المزري.

وأكد الباحث في السوسيولوجيا، على أن هذه المتطلبات الدينية انتقلت من طقس العبور كما سماه عبد الله حمودي إلى طقس اجتماعي، يتمثل العيد كممارسة للتباهي أمام العائلة الكبيرة والجيران

فشل حكومي

ومضى وهو يقول :”أشرنا في البداية إلى عامل الجفاف وغلاء العلف انسجاما مع موجة الغلاء على جميع المستويات مما يوضح غلاء أضحية العيد وعدم شراءها بل ومقاطعتها من طرف البعض، لكن الجديد أن أشكال التضامن الاجتماعي لم تعد تستجيب للطلب بمعنى أن الفقر استفحل، وأصبحنا أمام وضع اجتماعي مزري.

وخلص قوله إلى أن “ما يفسر ما قامت به الحكومة من خلال تسبيق حوالات الموظفين كإعلان واضح عن فشلها الكبير على المستوى الاجتماعي.. إن الوضع يتطلب إجراءات أكثر فعالية لتغطية الضرر الاقتصادي، وليس إبداء التعاطف كجرعة أمل عابرة في مقابل التغاضي عن مجمل التجاوزات التي ساهمت في ارتفاع ثمن الأضاحي”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *