هل يفضح نفاذ تذاكر “موازين” في ظل دعوات المقاطعة نفاقا اجتماعيا؟

يشهد المجتمع المغربي في الوقت الراهن، تحولات جذرية شملت مختلف الأصعدة، هذه التحولات، التي انعكست بشكل واضح على سلوكيات وتطلعات وقناعات المغاربة، تبرز التناقضات الصارخة بين مواقفهم تجاه بعض القضايا.

ففي الوقت الذي يبدي فيه العديد من المغاربة تضامنا قويا مع الفلسطينيين، وينتقدون بشدة سياسات الدولة التي يرونها متخاذلة في هذا الصدد، نجد في المقابل إقبالا كبيرا على تذاكر مهرجان “موازين”، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وحملات المقاطعة.

هذا التباين يثير تساؤلات عميقة حول مدى إمكانية اعتبار هذا التباين في المواقف بين الواقع والمواقع، مظهرا من مظاهر النفاق الاجتماعي، أم أنه يعكس التنوع الكبير في توجهات وأولويات أفراد المجتمع المغربي؟

انقسام آراء المجتمع المغربي

وفي تعليقه على الموضوع، قال المحلل والباحث في النفس الاجتماعي، علي شعباني، إننا “لا نعيش في مجتمع منسجم، فالمجتمع المغربي الحالي خضع لتحولات عميقة على مستويات متعددة، ثقافية، اجتماعية، اقتصادية وحضارية. هذه التحولات تنعكس على تطلعات وسلوكيات وقناعات العديد من المغاربة”.

وأضاف المحلل الاجتماعي في تصريح لـ”بلادنا24” أن “هذه الرقعة التي تسمى المغرب، يعيش فيها المسلم، والشيوعي، واليميني، والمتطرف، والمعتدل، والإنسان الذي لا ينتمي إلى أي طائفة من هذه الطوائف”.

وأكد شعباني أنه “لا يمكن أن نستغرب من وجود طوائف متعددة تناصر القضية الفلسطينية وتقف مع غزة، وتناهض العديد من السلوكيات التي تقوم بها الدولة عندما تراها تنحاز عن هذا التضامن، الذي يجب أن يكون لغزة ولفلسطين في هذه الظرفية، والوقوف ضد الكيان الصهيوني وما يقوم به من جرائم”.

وأوضح المتحدث أن “فئة عريضة من المغاربة ترى أنه لا مانع من الاستمتاع بوقتها، سواء في موازين أو غيرها، معتبرين ذلك حركة ثقافية وطنية وظرفية ستمر مثلما مرت سابقاتها، كما هناك من يفضل عدم التضحية بمرور هذه الفرص، ويرى عدم حرمان نفسه من التمتع بما سيشاهده في هذه التظاهرة الثقافية والفنية”.

وتابع حديثه: “لهذا قد نجد نفاذ تذاكر موازين بالرغم من أن فئة عريضة من المغاربة، تتضامن مع القضية الفلسطينية ومع الغزاويين، وتنتقد كل ما تقوم به الحركة الصهيونية، من قتل وإجرام وفظائع، لا يمكن أن تتقبلها البشرية في الوقت الراهن”.

تحول بنية المجتمع المغربي

واعتبر الباحث في النفس الاجتماعي أن “نفاذ تذاكر موازين لا يمكن اعتباره نفاقا اجتماعيا، لأن فئة عريضة من المجتمع منقسمة، لها تطلعات وأفكار وتوجهات متعددة. لذلك قد نجد فئات تناصر القضية الفلسطينية وتدعو إلى مقاطعة موازين، مثلما هناك فئات أخرى تقبل عليه”.

المحلل الاجتماعي أكد أن “الإقبال على هذه التذاكر بأسعارها المرتفعة، يعكس مشكلة أعمق في بنية المجتمع المغربي، بحيث أننا نواجه ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والضائقة الاقتصادية، ومع ذلك، نجد نفاذ التذاكر التي لا يمكن أن تكون في متناول الجميع”.

كما أكد علي شعباني أنه “يجب علينا أن نسلط الضوء على هذا التناقض الحاصل، بين نفاذ هذه التذاكر والظروف الاقتصادية الصعبة”. مستدلا بأزمة القراءة والكتاب في المجتمع المغربي، بالرغم من نفاذ الكتب كلما طرحت في السوق. متسائلا “عمن يقرأها إذا كانت هناك أزمة؟”.

وأبرز المتحدث في ختام تصريحه أن “هذا الأمر ينطبق أيضا على مهرجان موازين، بحيث أن الكل يشتكي من الأزمة الاقتصادية، ولكن عندما يأتي موازين أو أي مهرجان آخر، تنفذ التذاكر”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *