’’الكراب’’.. ملاذ العطشان داخل دروب المدن العتيقة خلال الصيف

بملابسه المزركشة وقبعته الكبيرة التي تحميه من أشعة الشمس وضرباته الخطيرة، وناقوسه النحاسي الذي يتردد صداعه وسط الفضاءات المزدحمة، يجوب ’’الكراب’’، شوارع وأزقة المدن العتيقة ليسقي الناس شربة الماء من ’’قربته’’ الكببرة التي يحملها على ظهره.

’’برد أعطشان’’، ’’إينوب إينوب’’، وغيرها من العبارات التي يرددها ’’الكراب’’ أو الساقي التقليدي، أو بائع الماء كما يسميه البعض، من أجل تقديم الماء البارد لكل عطشان يعاني من حر الجو خلال فصل الصيف.

يعتبر ’’الكراب’’، رمزا فلكلوريا، بملابسه العتيقة والغريبة أحيانا، حيث يتجول بالمدن العتيقة وساحاتها المشهورة، مثل ساحة جامع لفنا بمراكش  وساحة لهديم بمكناس، وساحة باب بوجلود بفاس، وباب شالة وباب الأحد بالرباط، وغيرها من الأماكن العتيقة الأخرى.

مهتة قديمة في طريقها اليوم إلى الإنقراض والاندثار، فعندما يلفظ فصل الصيف أنفاسه الأخيرة، تبدأ مداخيلهم، القليلة أصلا، في الانحسار، مع انتهاء فصل الخريف، وحلول فصل الشتاء بأمطاره وبرده، تبور بضاعتهم تماما، ويصيرون دون مدخول.

ورغم قناعتهم بدراهم قليلة بعد رواء ظمأ العطشى، إلا أنه اليوم ما عادت مداخيلهم تكفي لشيء، وصار لزاما على كثير منهم أن يبحثوا عن مورد رزق آخر، يعيلون به أسرهم.

وفي مهنة لا تكفل لهم سبل العيش الكريم، يستمر ’’الكراب’’، بوجهه الملفوح بالشمس وتجاعيده وأخاديد الزمن الذي لا يرحم في البجث عن لقمة عيشه،  أما الذي لم تسعفه إمكانياته، أو صحّتهم، في مزاولة مهنة غير مهنته الأصلية،  كف يديه عن مد أقداح الماء المُنسم بنكهة القطران للناس.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *