ما هي خلفيات وإشارات تخفيض بنك المغرب سعر الفائدة الرئيسي؟

في الوقت الذي أجمع فيه عدد من المحليين في الشأن الاقتصادي، إبقاء بنك المغرب، سعر الفائدة الرئيسي، عند 3 في المائة دون تغيير، بفعل الضغوط التضخمية التي عاشتها البلاد، قرر البنك، وفي خطوة غير متوقعة، خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2,75 في المائة، بعدما كان قد عمد إلى رفعه في ثلاث مناسبات، بين شتنبر 2022، ومارس 2023، بـ 150 نقطة.

تحفيز أسعار الأسهم

ورغم أن خفض البنوك المركزية، لسعر الفائدة الرئيس بشكل عام، بحسب فاعلين اقتصاديين، يشكل عاملا إيجابيا يحفز أسعار الأسهم، لا سيما أسهم النمو، التي تكتسب قيمتها من قدرة الشركات على تحقيق أرباح في المستقبل، إلا أنه يطرح عدة مخاوف، بسبب استمرار ارتفاع معدل التضخم، وتباطؤ نمو القروض البنكية الموجهة للقطاع غير المالي، وهو ما تطبعه هذه المرحلة التي تتسم باللااستقرار، ليس فقط في المغرب، وإنما في جل دول العالم.

وبرر بنك المغرب، هذا القرار، في بلاغ له، عقب اجتماعه مجلسه، أول أمس الثلاثاء، الذي خصص للدراسة والمصادقة على التقرير السنوي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية للمملكة، وكذا حول أنشطة البنك برسم سنة 2023، بناء على معايرة تشديد السياسة النقدية، والتتبع المنتظم لانتقال قراراته، وكذا التدابير المتخذة من طرف الحكومة لدعم القدرة الشرائية للأسر وبعض الأنشطة الاقتصادية. موضحا أن هذه الإجراءات، “مكنت من إحراز تقدم جد ملموس من أجل عودة التضخم إلى مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار، مع الحفاظ على انتعاش النشاط الاقتصادي بعد الجائحة”.

قرار منطقي كان متوقعا

وتعليقا على الموضوع، أكد محمد جذري، الخبير الاقتصادي، على أن هذا القرار “كان متوقعا”. موضحا أن “بنك المغرب، كان أمام خيارين، إما الابقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، في 3 في المائة، بعدما عمد إلى ذاك خلال أربعة اجتماعات متتالية، أو تخفيضه بنسبة 25 في المائة”.

وشدد محمد جذري، في تصريح لـ”بلادنا24“، على أن هذه الخطوة، تأتي نظرا لوجود عدة عوامل مجتمعة، “سواء على المستويين الدولي والمحلي، والتي تشجع على خفض السياسة النقدية، والتي كان المغرب قد رفعها في وقت سابق، انطلاقا من مراقبة الوضع الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بمستوى التضخم، الذي مازال مرتفعا بشكل طفيف”.

استقرار أسعار المحروقات

وفي معرض حديثه، لفت الخبير الاقتصادي، إلى أنه “نظرا لاستقرار أسعار المحروقات على المستوى العالمي، بنسبة مقبولة، حيت لا يتجاوز اليوم سعر البرميل 80 دولار، بالإضافة إلى تراجع نسب التضخم في المغرب، فإن قرار خفض سعر الفائدة بنسبة 25 في المائة، يبقى منطقيا”. مردفا أن “السياسة النقدية التشددية التي قام بها بنك المغرب، منذ سنة ونصف تقريبا، أعطت أكلها، وهو ما انعكس إيجابا على نسب التضخم، التي كانت قد حققت مستويات قياسية خلال السنوات الماضية”.

وعن تأثير هذا القرار على المقاولات، والأسهم منخفضة الجودة، والسندات مرتفعة العوائد، قال المتحدث، إن هذا التخفيض، “إشارة إيجابية للاستثمار، وسط توقعات بدفع بنك المغرب تخفيض هذه النسبة في قادم الأشهر، ما سيساهم في خفض أسعار الفائدة، بعدما عرفت ارتفاعا خلال السنة الماضية، بمقدار 1.17 في المائة”.

تحسين الولوج إلى التمويلات البنكية

هذا، وتوقع جذري، تحسين الولوج إلى التمويلات البنكية نهاية السنة الجارية، خصوصا بالنسبة للمقاولات المتوسطة، “ما من شأنه أن يعطي انتعاشة اقتصادية”. موضحا أن “نسب 2.5 في المائة، و3 في المائة، تبقى اليوم، نسب معقولة، مقارنة مع الموجة التضخمية التي يشهدها العالم، والتي عانى منها الاقتصاد الوطني خلال السنتين الماضيتين.

وعلى غرار بنك المغرب، قام البنك المركزي الأوروبي، الشريك الأول للاقتصاد المغربي، بدوره، بخفض سعر الفائدة بحوالي 0.25 في المائة. فيما أبقى الفيدرالي الأميركي، الفائدة ما بين 5.25 في المائة، و5.5 في المائة، دون تغيير، حتى نهاية العام، ورؤية مسار تطور الأسعار.

وبحسب ما جاء في تحليلات عدد من الخبراء في تصريحات متفرقة لـ”بلادنا24“، فإن الحروب، والنزاعات السياسية، واضطرابات ما بعد كوفيد 19، التي وضعت العالم تحت ضغط تضخمي مرحلي جيو-سياسي، وليس تضخما نقديا، هي من العوامل الرئيسية التي تدفع الدول إلى الإبقاء على سعر الفائدة مرتفعا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *