بنزاكور لـ”بلادنا24″: هناك احتمالية كبيرة أن يحدث تغيير لدى الأجيال الصاعدة بقيم عيد الأضحى

تشكل احتفالات المناسبات الدينية في المغرب، وبقية أقطار العالم الإسلامي، جزءا لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية والثقافية. ومن بين هذه المناسبات، يبرز عيد الأضحى بأهميته الفريدة.

إنه ليس مجرد حدث ديني عابر فقط، بل مناسبة تجمع أفراد الأسرة، وتعزز روابط المحبة، والترابط بين أفراد المجتمع. تتسم أجواءها بروح من التعاون والتضامن، حيث يتبادل الناس التهاني والزيارات، معبرين عن قيم التآزر والتضامن التي تعززها هذه الشعيرة الدينية.

إلا أنه في الفترة الأخيرة، لوحظ تغير في سلوك بعض الأسر حيال احتفالات عيد الأضحى، حيث بدأت بعضها تتبنى نهجا مختلفا عن اللمة العائلية التقليدية المعروفة عند سائر المغاربة من صغيرهم إلى كبيرهم، وأصبحت تميل تدريجيا نحو الاحتفال بالعيد في الفنادق، بدلا من الاحتفالات التقليدية في المنزل.

التغيير في تقاليد العيد بسبب الأعباء المنزلية

محسن بنزاكور، أخصائي علم النفس الاجتماعي، أكد أن “عيد الأضحى ليس فرضا على المسلمين، ولكنه سنة، وإذا كان بمقدورهم ذبح الأضحية، هذا جيد، ويحمل معه حسنات، ولا ذنب علي إن لم يقم به”.

وفي تصريح لـ”بلادنا24″، وضع بنزاكور، العوامل التي تقف وراء هذه الظاهرة تحت المجهر، وأبرز أن غالبية نساء الطبقة الميسورة، يشتغلن طوال السنة، ولذا يأتي عيد الأضحى كفرصة للاسترخاء والاستمتاع. فتفكر الأسر بطريقة مختلفة خلال هذه الأيام الخاصة، وقد يقضونها في الفنادق للاستجمام والراحة.

وأوضح الدكتور في علم النفس، أن المرأة تجد أن الأعمال المنزلية في عيد الأضحى، أو ما يعرف بـ”تمارة”، ليست سهلة، خاصة عندما يتجاهل الرجال المساهمة فيها. ونتيجة لذلك، يمكن أن تجد الأسر الميسورة نفسها متفقة على قضاء عطلة العيد في الفنادق.

الأرقام والإحصاءات وإغراءات الفنادق

وتسلح بنزاكور في حديثه، بأرقام المندوبية السامية للتخطيط، التي أظهرت بياناتها أن 14.3 بالمائة من الأسر المغربية، لا تحتفل بعيد الأضحى، وتفضل الإقامة في الفنادق. مؤكدا أنه “بتوسيع هذا الرقم إلى الأسر التي قد تتألف من أربعة أفراد، يعني ذلك أن حوالي 4 ملايين مغربي لا يحتفلون بالعيد بالطريقة التقليدية”.

وأشار المحلل الاجتماعي، إلى أن الفنادق، أصبحت تقدم عروضا خاصة لهذه الأسر، بهدف جذبهم، وتوفير أجواء عيد الأضحى، من خلال “البوفيهات”، والأطعمة التقليدية، التي تعد خصيصا لهذه المناسبة.

وأبرز بنزاكور، أن “قانون السوق معروف، فإذا زاد الطلب، يزداد العرض. ونتيجة لذلك، بدأت الفنادق في استثمار هذا الجانب، مما يعكس تغييرا في سلوك بعض الأسر المغربية”. ومع ذلك، يضيف أنه “يظل ما يقارب من 85 بالمائة من المغاربة، يحتفلون بالعيد بالطرق التقليدية، ويتمسكون بالتقاليد المعتادة المتداولة بين المغاربة”.

وأكد الأستاذ الجامعي، في تصريحه، على أنه “لم نصل بعد إلى تغيير في القيم، لأنه ليس من حقنا التدخل في عقائد الناس أو نواياهم”. في المقابل، يشير إلى وجود تغيير في التقاليد، “حيث يشهد تراجعا كبيرا في العادات، مثل وضع الحناء على الخروف، أو رش الدم بالملح، أو الاحتفال بالطريقة التقليدية، والرواج الذي يعرف عيد الأضحى”. متوقعا أن يستمر هذا التراجع في السنوات القادمة.

ولفت أيضا، إلى أن أسعار الأضاحي هذا العام، وصلت إلى مستويات خيالية، “مما يجعل من المتوقع أن تزيد نسبة الأسر التي تختار الاحتفال في الفنادق، إلى ما بين 20 و25 بالمائة”. موضحا أن “هذا التغيير ليس مقتصرا على المفاهيم القيمية فقط، بل يعود أيضا إلى الظروف الاقتصادية التي تقف وراء هذه الظاهرة”.

تأثير التغييرات على الأطفال وفهمهم للتقاليد

وفي إجابته عن كيفية يؤثر هذا التحول على الأطفال وفهمهم لتقاليد عيد الأضحى، أوضح محسن بنزاكور، أن أطفال الطبقة الميسورة، يعيشون بعيدا عن الأحياء الشعبية وتقاليدها. مشيرا إلى أن هذا الأمر “أثار تساؤلات حول مدى تأثير تغيير التقاليد والعادات على الانتماء، وفهمهم لتامغرابيت”.

كما أضاف أن “هناك احتمالية كبيرة أن يتأثر هؤلاء الأطفال الذين يعيشون بعيدا عن هذه الأمور، بمعنى أنهم قد لا يتعايشون مع هذه التقاليد”.

وفي هذا الصدد، استدل المتحدث ذاته بمهرجان “بوجلود” التي تشتهر به سوس. لافتا إلى أن العديد من أشخاص الطبقة الميسورة، أبدوا خوفهم عندما شاهدوا هذا المهرجان، لأنهم لم يكونوا يعرفون أن هذه الأمور. “هي أمور تقليدية عادية في المجتمع المغربي”.

وسجل بنزاكور، أن أطفال هذه الطبقة، هناك احتمالية كبيرة أنهم قد لا يستمرون في اعتماد احتفالات العيد، وذلك ليس بسبب الظروف الاقتصادية، وإنما بسبب تغيير في القيم.

وختم الخبير الاجتماعي تصريحه، بالقول: “إذا ذهبنا إلى الأجيال الثانية أو الثالثة المستقبلية، وبقينا على هذا النموذج، هناك احتمالية كبيرة أن يكون هناك تغيير إيمان الأطفال بهذه القيم، وهذا لا يعني أنهم لن يبقوا مسلمين، وإنما سيعتبرون أن عيد الأضحى شيئا ثانويا، وليس من الضروري الاحتفال به”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *