من بينها شي الرؤوس وجمع الجلود.. مهن تقليدية تنشط صبيحة عيد الأضحى

مع اقتراب عيد الأضحى من كل عام، تظهر العديد من المهن الموسمية، التي تنعش جيوب العاملين فيها، حيث يلجأ العديد من المواطنين، وخاصة الشباب منهم، إلى هذه الفرص المؤقتة لتحقيق دخل يساعدهم على تغطية نفقاتهم.

هذه المهن، لا تقتصر على الأيام التي تسبق عيد الأضحى فحسب، بل تمتد أيضا إلى صبيحة العيد ذاته، وقد تستمر حتى عشيته. فمثلما تزدهر بعض المهن الموسمية قبل العيد، تظهر مهن أخرى بنشاطها المكثف في ذات اليوم.

ذبح وسلخ وتقطيع الأضحية

مع أولى ساعات صباح عيد الأضحى، ذلك الحدث الديني الذي يجمع بين الروحانية والتقاليد الاجتماعية، وقبل أن تشرق الشمس بوقت طويل، وفي هدوء تلك اللحظات الأولى، يبدأ الجزارون في التحرك بين الأحياء والدروب والبيوت، ويتنقلون مثنى أو فرادى، يحملون سكاكينهم الحادة، ووزراتهم البيضاء، في جاهزية تامة لأداء المهمة.

فور انتهاء صلاة العيد، يبدأ هؤلاء الأشخاص في عمليات الذبح، بينما تنتظر العديد من الأسر، دورها، لذبح أضحيتها، خاصة إذا لم يكن لديها شخص يتولى هذه المهمة داخل المنزل.

يختار الجزار المتجول عادة، الذبائح السهلة، مثل الماعز والخراف، متجنباً ذبح البقر والعجول. فالحيوانات الكبيرة تحتاج إلى ثلاثة أو أربعة أفراد لذبحها، كما أنها تستغرق وقتاً طويلاً في الذبح والتقطيع، بعكس الذبائح الصغيرة التي يمكن التعامل معها بسهولة وسرعة.

بعد عملية الذبح، تأتي مرحلة سلخ الأضاحي وتقطيعها، وهي خطوة حاسمة، خاصة في الأيام الحارة لتفادي تلف اللحم، وظهور رائحة كريهة. في هذه المرحلة، يسارع الجزار المتجول، بمساعدة أفراد الأسرة، إلى إزالة الجلد بسرعة ودقة. بعد ذلك تأتي مرحلة التقطيع، خاصة وأن اللحم إذا تعرض للحرارة المرتفعة، قد تتسبب في فساده، حيث يُقسم اللحم إلى قطع مناسبة للتخزين والتوزيع.

“تشواط ريوس والفراقش”

ولأن العديد من الشباب يرغبون في العمل خلال أيام العيد لكسب بعض المال، يجتمعون في الأحياء الشعبية في مواقع تبعد نسبيا عن المنازل. هناك، يستقبلون رؤوس الأضاحي، ويبدأون عملية “الشي”، وسط دخان كثيف يتصاعد من النار والحطب المشتعل خصيصا لهذا الغرض. هذه المهنة موسمية، تظهر فقط خلال عيد الأضحى، وتختفي طوال العام، لتشكل ملاذا للشباب الباحثين عن دخل إضافي، ولو مؤقتا.

تبدأ عملية “تشواط ريوس” بجمع الأخشاب، بأنواعها المختلفة، بهدف إيقاد النار في ساعات الصباح الأولى، لضمان أنها تكون مشتعلة وجاهزة عند ذبح أول كبش في الحي. وعلى الرغم من كثرة الزبائن، فإن العملية لا تخلو من منافسة بين الشباب الذين يسعون لتقديم أفضل خدمة، وكسب أكبر عدد من العملاء.

أما بالنسبة لأدوات العمل، فهي تشمل، إلى جانب الأخشاب والنار، مجموعة من الفؤوس، والسيخ الحديدية. تُستخدم الفؤوس لفصل القرون عن الرأس بدقة ومهارة، وهي عملية تتطلب قوة وتحكماً جيداً. بعد ذلك، يأتي دور السيخ الحديدية التي تُغرس في الرأس، مما يسمح بقلبه وتحريكه بسهولة أثناء تعريضه للنار، لضمان شواء متساوٍ من جميع الجوانب.

في نفس المكان، يتجمع الناس، البعض ينتظر رأس أضحيته، والبعض الآخر يشاهد العملية، وآخرون يلتقون بمعارفهم لتبادل تهاني العيد والمشاركة في الأجواء الاحتفالية.

جمع الجلود

جمع الجلود، هي صورة يمكنك أن ترى في كل المدن، حيث ينخرط الشباب في مهنة موسمية تتيح لهم كسب المال، وتساهم في تقليل التلوث خلال عيد الأضحى. ففي ساعات الصباح الأولى من أول أيام العيد، إلى غاية اليوم الثالث، ينتشر عشرات الشباب في الأزقة لجمع جلود الأضاحي التي تتخلص منها العديد من الأسر.

ولأن بعض التجار الموسميين، يدركون قيمة الصوف، والجلود التي تتخلص منها العائلات المغربية فور الانتهاء من ذبح الأضاحي، لهذا يعمل جامعو الجلود على جمعها من المنازل، بكميات كبيرة، لبيعها لمن يستثمرون فيها من جديد. هؤلاء التجار يفصلون الصوف عن الجلود، ويبيعون كل مادة بشكل منفصل.

ففي الساعات التي تلي عملية النحر، يتجمع الشباب في مجموعات، ويتفرقون في الأزقة الشعبية، يطرقون الأبواب بحثا عن الجلود، وغالبا ما يجدون بعض العائلات قد أعدت لهم الجلود في أكياس بلاستيكية، ووضعتها على جوانب الطرق.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *