العيد والعطلة الصيفية والدخول المدرسي.. ثالوث ينذر المغاربة بصيف حارق

صيف حارق هذا الذي ينتظر الأسر المغربية، فبعد الخروج من بوابة عيد الأضحى، الذي مازالت أسعاره الملتهبة تكوي جيوب المواطنين، على بعد أيام معدودة من إحيائه، يجد المغاربة أنفسهم أمام موعد جديد، مع مصاريف العطلة الصيفية، والدخول المدرسي، الذي يأتي بعدها مباشرة، وذلك في ظل الأوضاع المعيشية المتدهورة لأغلب الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط.

استمرار ارتفاع الأسعار

سيناريو لثلاثي مرعب، تكرر كثيراً خلال السنوات الأخيرة، ما ينذر بأزمة جديدة، ترخي بظلالها على جيوب الأسر المغربية، لتزيد من تعميق معاناة المواطنين الذين عاشوا مراحل صعبة لأشهر طويلة، بسبب الأسعار المرتفعة التي عرفتها جل المواد الغذائية الأساسية. كما أن توالي المناسبات، وخاصة تلك التي تتطلب ميزانية استثنائية، تساهم في تأزيم وضعية تتسم بصعوبة التسيير بالنسبة لعدد كبير من هؤلاء الأسر.

وفي الوقت الذي كان فيه فصل الصيف سابقا، يشكل فرصة لإراحة النفس، والابتعاد عن صخب الحياة والعمل، وغيرها، بات اليوم، يحمل طعما آخر مختلف عن ذي قبل، حيث أصبحت نفقات عطلة الصيف، وعيد الأضحى، والدخول المدرسي، عنوانه العريض الذي يخيف من يتحمل مسؤوليتها، ما يدفع البعض للجوء إلى الاقتراض، لتغطية تكاليف هذه المناسبات، التي تثير حماسا خاصا بين الأطفال.

صيف حارق ومراجعة لسياسة استهلاكية

وفي هذا السياق، تنبأ الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، بصيف صعب لعدد كبير من الأسر المغربية، خصوصا ذات الدخل النقدي المحدود، والتي عانت وما زالت تعاني من تراجع قدرتها الشرائية، نتيجة الارتفاع الكبير في أثمان المواد الغذائية، الذي خلفه توالي سنوات الجفاف، وأحوال السوق العالمية المتقلبة، بسبب الحروب والنزاعات، من جهة، والسياسات الحكومية التي تصفها المعارضة بـ”الفاشلة”، من جهى أخرى.

وأكد عمر الكتاني، في تصريح لـ”بلادنا24“، على أن “هذه الفترة تشكل فرصة لكل الأسر المغربية، لمراجعة سياستها الاستهلاكية، وتنظيم حياتها المعيشية في هذا الشأن”. مشيراً إلى أن “هناك بعض السلوكيات التي تكشف غياب رأية مستقبلية لغالبية الأسر التي تعيش بطريقة عشوائية، دون ضرب حسابات للمستقبل”.

وسجل الاقتصادي والجامعي المغربي، أن “المنطق الحالي يؤشر على عدم قدرة عدد مهم من الأسر المغربية على السفر وقضاء عطلة الصيف هذه السنة”. مشددا على أن “جزء من هذه الإشكالية، تتحمل الأسر مسؤوليته، فيما تتحمل الحكومة الجزأ الأكبر، إثر سياستها الاقتصادية التي تتعارض مع الواقع المعيشي للمواطنين، والتي تروم دون محافظتها على قدرتهم الشرائية”.

مسؤولية حكومية

وعن مسؤولية هذه الأخيرة، أعطى الكتاني، مثالا عن النفقات التي ترافق الدخول المدرسي، متسائلا عن “السبب الذي يدفع الحكومة على إرغام الآباء لشراء الكتب الدراسية كل سنة، على الرغم من عدم خضوعها إلى أي تغيير على مستوى المضمون”. مردفا أن “عدد كبير من الدول الغربية تجبر مدارسها على كراء الكتب لفائدة التلاميذ، مما يخفف من عبئ هذه النفقات، ويسمح لغالبية الأسر لشراء المستلزمات الضرورية فقط”.

ورجح الخبير الاقتصادي، في معرض حديثه، استمرار هذه الأوضاع، إلى “وجود لوبيات تعمل على استغلال هذه المناسبات لتحقيق أرباح باهظة تقدر بملايير الدراهم، من خلال قيامها بشراكات مع جهات معنية ومؤسسات تعليمية، لفرض شراء هذه الكتب”. مشيراً إلى أن “هذه الأساليب التي يتم التعامل بها مع الأسر المغربية، تتسم بنوع من الظلم والاستغلال في حقهم”.

وهنا، شدد عمر الكتاني، على ضرورة وجود رؤية حكومية نبيلة، تنبني على تقاسم الشعور بالمسؤولية تجاه الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، من خلال وضع أفكار وبرامج للنهوض بالأوضاع المعيشية للأسر، ومساعدتهم على تجاوز الأزمات.

الاقتراض وتعميق الإشكالية

وعن لجوء بعض الأسر المغربية إلى الاقتراض، من أجل تحقيق رغباتها في السفر والاحتفال بالعيد، وغيره، حذر المتحدث، من “ارتفاع ظاهرة القروض الاستهلاكية التي تنشط خلال هذه المناسبات”. مشيرا إلى أن “الأسر التي أخذت هذه القروض لشراء عيد الأضحى، وتريد واحدة جديدة لقضاء فصل الصيف، ستدخل مرحلة اقتصادية معيشية صعبة”.

ولتفادي هذه الحلول الترقيعية، اقترح الخبير الاقتصادي، إمكانية تشارك أضحية العيد بين العائلات الصغيرة، ووضع أماكن سياحية رهن إشارة المواطن، إما مجانا، أو بثمن رمزي ،يتناسب وقدرته المادية، بمعية تسهيل عملية الدخول المدرسي، وغيرها من الحلول التي تشترك فيها الأسر، والجهات الوصية على كل قطاع.

 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *