“العيد الكبير”.. بيوت تعج بروائح الشواء وأخرى فقيرة تتذوق طعم الغلاء

في الوقت الذي كانت فيه شعيرة عيد الأضحى، فرصة مميزة، ينتظر أجواءها الاستثنائية، الصغار والكبار. إلا أن هذه المناسبة، أصبح اليوم لها طعم مغاير عما عهدناه من قبل، حيث باتت مرتبطة بدرجة أولى بالغلاء الذي قهر المواطن، خصوصا الفقير. أما الأسباب، فتعددت واختلفت، بين مربو المواشي الذين يفسرون الارتفاع في أسعار الأغنام، بالغلاء الذي طال الأعلاف، في ظل غياب دعم حكومي للتخفيف من معاناتهم. في حين تتهم الحكومة، الطبيعة في تأزيم الأوضاع، بسبب شح التساقطات المطرية التي أثرت على القطاع الفلاحي بشكل عام.

وبين هذه الروايات، يقف المواطن البسيط، يكتوي بحرقة الغلاء، وحسرة البعض منهم على عدم القدرة على إسعاد أطفالهم بشراء خروف العيد. كيف لا يحدث ذلك، ولغة الرحمة قد ولت، وتقاعست غالبية جهود التكافل الاجتماعي عن أداء واجبها، حتى بات المواطن الفقير مجبرا على التعايش مع واقع مؤلم، وقضاء مناسبة العيد بعيدا عن الأنظار. إلا أن نسمات الهواء، ترفض التخلي عن دورها في توصيل روائح الشواء إلى أنوف من يختبئون منها.

ورغم التعايش مع معاناتهم، وظروفهم الصعبة، إلا أن قدوم العيد، يدفع الهموم والأحزان في رأس الفقير، فتهد كيانه، وتحطم أركانه، وهو يرى جيرانه يسرحون ويمرحون. يرتفع منسوب الحسرات خصوصا من لهم أبناء، لا سيما بعدما يرون غيرهم من الأطفال، يفرحون بقدوم العيد، بينما ترتسم على وجوههم عبس العيش من الفقر المستفحل الذي يعيشونه.

عدم تكليف النفس أكثر من المستطاع

وفي هذا الصدد، أوضح عمر الكتاني، الخبير الاقتصادي، أن تراجع القدرة الشرائية لعدد كبير من المغاربة، بسبب الأسعار المرتفعة التي عرفتها جل المواد الغذائية الأساسية، زادت من تعميق الفوارق الاجتماعية، “إذ بات البعض لا يستطيع توفير حاجياته اليومية البسيطة، فما بالك بمثل هذه المناسبات التي تتطلب ميزانية استثنائية”.

وقال الكتاني، في تصريح لـ”بلادنا24“، إن “منطق السوق الوطنية الذي يتسم بالغلاء في الماشية، حرم عدد كبير من الأسر المغربية ذات الدخل المحدود والمتوسط، من الظفر بخروف العيد، نظرا للفارق الكبير في الأثمان المعروضة ومدخول العائلات، مما دفع العديد إلى التخلي عن إحياء هذه الشعيرة، وعدم تكليف النفس أكثر من المستطاع”.

وبعد إشارة إلى أهمية هذه المناسبة في تحريك عجلة الاقتصاد لفئة كبيرة من الفلاحين، الذين يتخذون منها فرصة لتحقيق هامش ربحي معين، من خلال بيع ماشيتهم التي يتم تجهيزها طيلة العام خصيصا لهذه الفترة، سلط الخبير الاقتصادي، الضوء على عمق الإشكالية عند الأسر الفقيرة، وما يرافقها من “المتاعب المالية”، فتتحول من شعائر دينية للتقرب من الله، إلى فترات موسمية “مرهقة اقتصاديا”.

ولمعالجة هذه الأزمة التي تتجدد بين الفينة والأخرى عند الأسر الفقيرة، خلال كل مناسبة، حث عمر الكتاني، إلى وضع استراتيجية حكومية تتماشى والوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، وذلك لمساعدتهم على تجاوز الأزمات. مؤكدا على ضرورة تفادي الحلول الترقيعية.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *