رمضان كريم
رمضان كريم
رمضان كريم

هل يتجه المغرب لكسر حياده من الصراع الروسي الأوكراني؟

في خطوة وصفها خبراء بأنها “فريدة”، استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، مطلع الأسبوع الجاري في الرباط؛ حيث أعلن رئيس الدبلوماسية الأوكرانية، الذي حل بالعاصمة المغربية أول أمس الأحد، على تطبيق “إنستغرام” أن سبب الزيارة هو إشراك أكبر عدد ممكن من الدول الأفريقية في “تنفيذ خطة رئيس بلاده للسلام”.

ولعل دعم أوكرانيا لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء الذي قدمه المغرب عام 2007، كأساس “جدي وذي مصداقية”، على لسان وزير خارجيتها خلال ندوة صحفية مشتركة أمس الاثنين، أبرز دليل على اتفاق “سري” بين كييف والرباط.

تجليات زيارة كوليبا

تتويج زيارة دميترو كوليبا إلى الرباط، يعتبر تغييرًا بطيئًا وسريًا في موقف المغرب من الصراع بين كييف وموسكو؛ فإذا نجح المغرب في الحفاظ على حياد معين وإيجابي لعدة أشهر، فإن الضغط الممارس من طرف حلفائه الغربيين، وعلى رأسهم دول ذات نفوذ في الاتحاد الأوروبي، إضافة لضغط واشنطن المعترفة بسيادة المملكة على الصحراء في عهدة ترامب، قد أقنعه أخيرًا بتغيير موقفه من الصراع، مما سيؤدي دون شك إلى عواقب مستقبلًا.

هذه الخطوة التي تعتبر دون شك تجسيدًا واضحًا لموقف المغرب من الصراع الأوكراني الروسي، لم تكن هي الأولى من نوعها، بل هي تكملة لخطوات سابقة، بدءًا بمشاركة المغرب في القمة التي احتضنتها ألمانيا في شهر أبريل من العام المنصرم حول تقديم المساعدات العسكرية والسياسية إلى أوكرانيا، وهي القمة التي عرفت مشاركة أكثر من 40 دولة ودعت لها الولايات المتحدة؛ حيث اعتبرت مشاركة المغرب مفاجأة حقيقية بحكم “موقفه الحيادي” لينخرط في “الدعم العسكري” مباشرة.

تلت هذه الخطوة تصويت المملكة لصالح قرار أممي يدعو موسكو إلى سحب قوّاتها من أوكرانيا، وتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في “كييف”.

وضوح موقف المغرب من الصراع

وفي هذا السياق، قال أنوار مزروب، الباحث في القانون العام الدولي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، ورئيس المركز الإفريقي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية “كاريس”، (قال) “أعتقد أن الأزمة الأوكرانية قدمت مؤشرات إضافية على عقيدة سياسية جديدة للديبلوماسية المغربية، قوامها الحياد والابتعاد عن الاصطفافات الغير منتجة بالنسبة للمصالح المغربية؛ هذا الحياد يجد تفسيره العقدي في التوجه الجديد للمغرب المبني على تنويع الشراكات و الانفتاح على كل القوى الصانعة للقرار الدولي في مجلس الأمن، بما فيها روسيا”.

وأورد الباحث في القانون العام الدولي، في تصريحه لـ”بلادنا24“، أنه “بالنسبة لعواقب فقدان المغرب لحياده في الأزمة الأوكرانية التي دولت و أصبحت تتخذ أكثر فأكثر شكل حرب بالوكالة، أظن أن هذا التخمين سابق لأوانه على اعتبار أن سيرغي لافروف سبق وزير الخارجية الأوكراني إلى الرباط في يناير الماضي، وأظن أن توجه حياد الرباط توجه استراتيجي يجد جدوره في صفقة القرار الاممي 2494 التي تزامنت مع زيارة أخرى للافروف سنة 2019، بتعبير آخر، أظن أن موقف المغرب مبني على حسابات استراتيجية متعلقة بالقضية الوطنية وتأثير روسيا على الجزائر أكثر من ارتهانه بحسابات أوكرانيا ومآلات صراعها مع روسيا”.

هذا، ويبدو أن تغيير المغرب لموقفه هذا، قد يشكل منعطفا “حادًا” في الصراع الروسي الأوكراني؛ حيث ربطه خبراء بتجاوز الخلافات مع الولايات المتحدة التي تبنت سياسة وصفوها بال”غامضة” في قضية الصحراء المغربية، وذلك بعد ان اعترفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة المغرب على صحرائه؛ وكذلك في تجميد بعض صفقات الأسلحة ومنها طائرات بدون طيار جد متطورة.

كما أن توجه السياسة الخارجية المغربية أصبح في الآونة الأخيرة متسم بتعدد الشركاء والبحث عن المصالح لتعزيز السيادة، مما دفع الرباط للاتجاه صوب اختيار الطرف “الرابح” في الصراع المستمر منذ أزيد من سنة؛ والذي قد يبدو كصراع بين دولتين، إلا أنه في الحقيقة صراع بين معسكرين غريمين، لطالما جمعتهما المواجهات على مر التاريخ.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *