هل ستمهد مفاوضات ترسيم الحدود إلى تبديد الخلافات بين الرباط ومدريد؟

تعتبر البحار منفذا لكل دولة من الدول المطلة على البحار أو المحيطات وهذا المنفذ يمثل رئة تساعد على الديمومة والاستمرار اقتصاديا وتعاونا دوليين كما جرى به العرف والقانون.

ولكل دولة الحق في ما يسمى بالمياه الاقليمية التي تكون تحت وصاية وتملك الدولة المعنية بالأمر وقد ينشأ خلاف بين الدول المطلة على البحار فيلجأ في هذه الحال إلى التحكيم الدولي وفق قانون البحار.

وسبتة ومليلية وجزر الكناري تحت هذا المفهوم تعتبر في المياه الإقليمية للمملكة المغربية بحسب المساحة وطول السواحل التي تعطي للمغرب امتيازا في هذا الصدد.

وهذا مصدر قلق لاسبانيا على الخصوص نظرا لتواجد المغرب ونظرا لانكانياته التي تتطور وتنمو يوما بعد يوم، على الرغم من عودة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية بين البلدين.

تبديد الخلافات

في هذا الصدد، صرح حسن الخطابي محام بهيئة الرباط وأستاذ زائر بجامعة الحسن الثاني لجريدة “بلادنا24” بقوله “المقصود بالحدود في هذه الحالة تلك الواقعة بين السواحل الصحراوية المغربية وجزر الكناري الإسبانية، فهناك من جهة دولة قارية هي المغرب، وهناك من جهة أخرى جزر صغيرة هي الكاناري”.

وتابع حديثه” وحسب قواعد القانون الدولي للبحار فإن تقسيم الجرف القاري بينهما يجب أن يتناسب مع المساحة، وبما أن مساحة المغرب أكبر من مساحة جزر الكاناري فإن نصيبه من الجرف القاري في المحيط الأطلسي، سيكون أكبر من نصيب جزر الكاناري”.

قسم قانون البحار الحدود البحرية  إلى مياه داخلية تشكل جميع أشكال المياه من بحيرات وممرات مائية ضمن خط أساس الدولة، ومياه إقليمية التي ترسي الدولة قواعد المرور البري ويبلغ مداها 12 ميل.

في حين تشمل المنطقة المتلاصقة 22 كلم إضافية لكن دون أن تكون للدولة سيادة مطلقة عليها، أما المنطقة الاقتصادية تبلغ 200 ميلا ويكون للدولة الحق المطلق في استغلال مواردها الطبيعية.

ومنذ أن استعاد البلدين علاقاتهما الدبلوماسية في جو يسوده التعاون والانسجام يرمي إلى إذابة جليد الخلافات السابقة سارع الطرفان إلى الاتفاق وفق خارطة طريق واضحة على ترسيم الحدود البحرية  خلال اجتماع مجموعة العمل المغربية الإسبانية.

المغرب..فوة إقليمية

وسبق أن أثارت قضية ترسيم الحدود جدلا بين البلدين، من خلال تقديم مبادرة من قبل مدريد بشكل أحادي تهدف إلى ترسيم مياهها الإقليمية وذلك بوضع طلب لدى منظمة الأمم المتحدة مما أثار حفيظة المملكة المغربية.

كما أثار قرار المغرب الرامي إلى ترسيم حدوده البحرية والذي تعتبره الرباط قرارا سياديا غضب اسبانيا مما دفعها إلى تحليق طائراتها الحربية فوق البحر في جزر الكناري في رسالة ضمنية موجهة للرباط مفادها أن “الإسبان متيقظين”.

ويتجلى ذلك، من خلال القانون 38.17 الرامي إلى تتميم القانون رقم 1,81 المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري، والقانون 37.17 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.211 المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية.

وعبر وزير الخارجية، ناصر بوريطة آنذاك أن مشروعي قانون يكتسبان أهمية خالصة خاصة في سياق مسلسل تحيين القوانين الوطنية المتعلقة بالمجالات والحدود البحرية للمملكة المغربية، وأضاف ” هذه التوجيهات الملكية تستنهضنا لتدارك الفراغ التشريعي الذي يعتري المنظمة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، وملاءمتها مع السيادة الوطنية للمملكة”.

واعتبر الخطابي أنه يمكن للمغرب أن يمد ولايته على جرفه القاري الذي يفصله عن جزر الكاناري، وهذا يخوله الحق في استغلال كل الموارد الطبيعية المعدنية والطاقية التي يختزنها الجرف القاري.

ويرى المتحدث ذاته، أن إسبانيا تتخوف من تحول المغرب إلى قوة إقليمية لأنه سيصبح منافسا لها عوض أن يبقى تابعا لها اقتصاديا، لذا تحاول دائما فرملة تطويره لإمكانياته الاقتصادية والجيوستراتيجية كبوابة لإفريقيا التي أصبحت قبلة للقوى الاقتصادية الكبرى.

وأردف حسن الخطابي قائلا “لقد استطاع المغرب أن يفرض على إسبانيا تقسيما جديدا لحدوده البحرية مع جزر الكناري طبقا للقواعد القانون الدولي للبحار، وهو ما كان مبعث تخوف إسبانيا من أن يطالبها بإعادة تقسيم حدوده البحرية على البحر المتوسط مع الحدود الإسبانية في سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وذلك باعتماد قاعدة التناسب مع المساحة، وقد يتطور الأمر إلى مطالبة المغرب باسترجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية”.

تخوف إسباني

وبعد أن منحت المغرب بعض التراخيص للتنقيب النفطي لبعض الشركات الأجنبية زادت مخاوف اسبانيا وتعالت الأصوات خوفا من أن يتوسع التنقيب المغربي ليطال مناطق متنازع عليها خاصة عندما توقعت شركة “أوروبا أوبل آند غاز” البريطانية استخراج أزيد من ألف مليون برميل من النفط في حوض أغادير.

لكن وزير الخارجية الإسباني كان قد طمن الإسبان في تصريح سابق بأن مدريد غير متخوفة من الاكتشاف النفطي لأنه يقع على الجانب المغربي من المياه المشتركة.

من جهنه شدد رئيس جزر الكناري أنخيل فيكتور توريس على أن تكون حكومة جزر الكناري حاضرة في المفاوضات الثنائية بين البلدين والتي تهدف إلى رسم حدود البحرية، كما عارض عمليات التنقيب بالمغرب.

ويبقى موضوع ترسيم الحدود من بين المواضيع الشائكة والمعقدة التي تعكر صفو التقارب الإسباني المغربي الأخير،وقد تضع التطبيع بين البلدين على المحك خاصة وأن إسبانيا تعتبر أن أي  تفاوض على معاهدة مع المغرب تشمل المياه الإقليمية للصحراء سيمثل انتهاكا للقانون الدولي لأنها إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي.

بلادنا24 – مريم الأحمد

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *