هاشتاغ “أخنوش ارحل”.. هل أصبح الاحتجاج الرقمي بديلا عن الاحتجاج الميداني؟

هل أصبح الاحتجاج الافتراضي بديلا عن الاحتجاج الميداني لدى المغاربة؟ وهل بات المغاربة يثقون في وسائط التواصل الاجتماعي أكثر من ثقتهم في الوسائط التقليدية، من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني؟ وهل يتخذ المسؤول السياسي الموقف الصحيح حين يدير ظهره لأشكال الاحتجاج باستعمال الوسائط الرقمية عوض استخلاص الدروس والعبر؟

هي أسئلة من بين أخرى تشغل بال المهتمين بهذا الشكل الاحتجاجي الجديد، الذي يمكن وصفه أيضا بـ”الاحتجاج الرقمي”، في كل مرة يعلن المغاربة عن غضبهم الجماعي على منصات التواصل الاجتماعي، من أحد القرارات التي تهدد معيشهم اليومي.

ليس بديلا

وتفاعلا مع هذه الأسئلة، قال إبراهيم الشعبي، أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، ورئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لـ”بلادنا24“، إن “الاحتجاج الرقمي ليس بديلا، لأن وسائل الاحتجاج الأخرى التقليدية مازالت مستمرة. وأعتقد أن الاحتجاج الرقمي هو آلية إضافية للضغط على الجهة المستهدفة”، وفق تعبيره.

وكشف الشعبي، أن الاحتجاج بالوسائل الرقمية “أعطى نتائج كبيرة خلال الثورات التي شهدتها دول عربية سنة 2011، وخلال حملة المقاطعة التي استهدفت شركات مغربية سنة 2018، وكذلك خلال التجربة الحالية المتمثلة في هاشتاغين يطالبان بتخفيض أسعار المحروقات إلى النصف تقريبا، وهاشتاغ ثالث يطالب برحيل رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش”، مشيرا إلى أن “الناشطين يحتجون رقميا، وعندما لا يكون هناك تجاوب، قد يخرجون إلى الشارع بطرق مختلفة”، بحسب تعبيره.

وأورد المتحدث، أمثلة كثيرة عن هذا التحول من الرقمي إلى الواقعي، ومن بينها ترديد شعار “أخنوش لرحل” خلال حضور رئيس الحكومة للدورة الأخيرة من مهرجان تيمتار بأكادير، وترديد نفس الشعار خلال نصف نهائي ونهائي كأس إفريقيا للسيدات، وتوزيع الحزب الليبرالي الحر ملصقات للهاشتاغات سالفة الذكر على المواطنين، ومن بينهم سائقو سيارات الأجرة الذين قاموا بإلصاقها على الزجاجات الخلفية للطاكسيات.

واعتبر الأستاذ الباحث، أن الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش “تماهى مع الهاشتاغات حين تحدث عن وجود مضاربات وعن أشخاص ينمون ثرواتهم الشخصية على حساب التنمية. وهذه إشارات بشكل مباشر أو غير مباشر عن المضاربات التي تجاوزت حدودها لتفقير وتهميش المغاربة”، وفق قوله.

ويختلف الاحتجاج الرقمي، بحسب المتخصص، عن احتجاج الشارع، بكونه غير مكلف ماديا، وقادر على حشد أعداد كبيرة من الجماهير، كما أن المحتجين رقميا يظلون في منأى عن “القمع” و”الاعتقالات” و”التمرميد”، مستحضرا في هذا السياق التدخل الأمني الذي تعرضت له الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها حزب النهج الديمقراطي أمام وزارة الداخلية.

فقدان الثقة في الوسائط التقليدية

وأعرب الشعبي عن اتفاقه مع الطرح القائل بأن المغاربة أصبحوا يثقون في الوسائط الاحتجاجية بصيغتها الرقمية أكثر من ثقتهم في الوسائط التقليدية، “وليس فقط على مستوى الهاشتاغات، وإنما أيضا على مستوى أن الأحزاب والنقابات أصبحت متجاوزة من خلال التنسيقيات، بعد أن تم دفعها لكي لا تقوم بعملها نتيجة تعرضها للتدجين”.

ولفت رئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان، إلى أن “المجتمع المدني مازال حاضرا والهاشتاغات نابعة من فاعلين في هذا الميدان، من ضمنهم سياسيون وحقوقيون ونقابيون، وهي استمرار للنضال على مستوى منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصا “فيسبوك”، الذي يحضر فيه المغاربة بشكل قوي”، بحسب قوله.

التجاهل.. مجرد انطباع

وعن تجاهل المسؤولين لصيحات الغضب على المنصات الرقمية عوض التجاوب مع مطالب الغاضبين، قال خبير الإعلام والتواصل، إن “المسؤولين يعطون الانطباع بأنهم غير مهتمين برسائل الاحتجاح من وراء الهاشتاغات، لكن الخرجات الأخيرة لأعضاء في حزب التجمع الوطني للأحرار وغيره، تبين أن الهاشتاغ قام بما يجب أن يقوم به”.

وفي سياق حديثه عن ردود أعضاء بحزب “الأحرار” عن حملة الغضب ضد الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبر المتحدث أن حديث البرلماني، محمد السيمو، عن أن الهاشتاغات التي تستهدف رئيس الحكومة، جزائرية، “يحمل إهانة للدولة وللمحتجين المغاربة، على اعتبار أن هؤلاء يسيرون من طرف العسكر الجزائري”.

وتكشف مثل هذه الردود، بحسب إبراهيم الشعبي، أن الحزب الذي يقود الحكومة “ينتبه ولا يقلل من قيمة الاحتجاج الرقمي الموجه ضده، خاصة وأن حملة المقاطعة كبدت شركة “إفريقيا” للمحروقات خسائر مالية كبيرة سنة 2018، وبالتالي عزيز أخنوش، مالك الشركة، يعرف أن الهاشتاغ له قوة ويعرف أنه إذا لم يلب مطالب المواطنين سيخرجون إلى الشارع، وإذا خرجوا ستتم إقالته، وإن كان الهدف ليس هو مغادرة أخنوش لمنصب رئيس الحكومة، وإنما إعادة النظر في أسعار المحروقات التي تؤثر على باقي مناحي الحياة”.

ويميل أستاذ الإعلام والاتصال، إلى الاعتقاد أن الخطاب الملكي الأخير “سيدفع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى التفكير مليون مرة في مراجعة المنحى التصاعدي لأسعار الغازوال والبنزين، وخصوصا إذا علمنا أن الأسعار مازالت مرتفعة، بالرغم من تراجع سعر البرميل في السوق الدولية”.

بلادنا24جمال العبيد 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *