مراكز حماية الطفولة بالمغرب | بين التنظيم المؤسساتي والإشكالات الواقعية

أفادت وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الشباب-، أن هناك 20 مؤسسة لحماية الأطفال موزعة بين الأقاليم بطاقة استيعابية تقدر بـ 2075 مركزاً، منها 5 مراكز خاصة بالإناث وما تبقى منها  مخصصة للذكور بما فيها ناديين للعمل الاجتماعي.

الإشكالات الواقعية

ويُعد المغرب من بين الدول التي صادقت على مجموعة من الاتفاقيات الدولية في إطار حماية حقوق الطفل، إلاّ أنه بالنسبة لمراكز حماية الطفولة بالمملكة فإنها لا تتوفر لحد الساعة على المعايير والموصفات الدولية المرجوة.

وفي هذا السياق ترى المحامية بهيئة الرباط خديجة بحني خلال تصريحها لبلادنا24، أن المغرب ” لازال لم يرقَ لمستوى مراكز حماية الطفولة بتلك المعايير الدولية المطلوبة، وهذا بالرغم من مصادقته على مجموعة من الاتفاقيات التي تضمن حقوق وحريات الأطفال وتضمن لهم الحماية من شتى أنواع العنف والتمييز وكذا التهميش”.

وتضيف خديجة بحني وهي المسؤولة كذلك عن وحدة الأطفال في نزاع مع القانون والأطفال في وضعية صعبة بالعيادة القانونية التابعة لمدينتي المحمدية والرباط، أنه من بين الإشكالات التي تعاني منها مراكز حماية الطفولة في المغرب هو مشكل التصنيف بحيث يتم الجمع بين حالة الأطفال في نزاع مع القانون وحالة الأطفال في وضعية صعبة في نفس المركز، الشيء الذي يجعل الأطفال الذين لا تكمن فيهم الخطورة الإجرامية ويحتاجون فقط لمأوى ولرعاية، يحتكون بالأطفال الجانحين والمرتكبين لجناية مما يؤثر فيهم لا محالة ويجعلهم يتحولون من أطفال محتاجين للرعاية إلى أطفال يرتكبون كذلك جرائم وجنايات بسبب اختلاطهم مع ذوي السوابق.

وأشارت المحامية بحني إلى وجود إشكال آخر يكمن في إحالة الأطفال والأحداث المدمنين إلى مراكز حماية الطفولة بأمر من قاضي الأحداث، وهو ما يدعو إلى طرح التساؤل حول هذه الفئة هل هي بحاجة إلى مركز لحماية الطفولة أم إلى مصحة من أجل معالجة الإدمان؟

وفي هذا الجانب يقول مدير مركز عبد السلام بناني لحماية الطفولة الخاص بالإناث والمتواجد بمدينة الدار البيضاء، موحى مزيان: “بالفعل تُعاني أطر مركز عبد السلام بناني كباقي المراكز الأخرى المعنية بحماية الطفولة من مشكل الإدمان لدى النازلات اللواتي يأتين بأمر من قاضي الأحداث، إما في حالة وضعية صعبة أو على إثر ارتكابهن لجناية أو جنحة، إذ أننا كأطر في المركز لا تكون لنا دراية عن كيفية التعامل معهن وهم في حالة إدمان، وبالخصوص حينما يأتي موعد أخد جرعة المخدر وهو الأمر الذي يطرح في الغالب عدة مشاكل داخل المركز، الشيء الذي ينبغي إعادة النظر فيه من قبل القضاة من أجل أن تتم إحالة الأطفال والأحداث المدمنين إلى مصحات للعلاج وليس إلى مراكز حماية الطفولة “.

وفي نفس السياق، أشارت المحامية بحني إلى وجود فئة أخرى تحتاج رعاية خاصة كالقاصرات الحوامل واللواتي وضعن مواليدهن، وكذا ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحتاجون لرعاية صحية أكثر من حاجتهم لمأوى.

كما تحدث مزيان عن وجود مشاكل أخرى تعاني منها مراكز حماية الطفولة، تتمثل في غياب متابعة ومواكبة نفسية للنازلات بالمركز، اللواتي يحتجن لرعاية صحية ونفسية وكذا اجتماعية، لأنهن يكن قادمات من بيئات مهمشة تعاني من عدة مشاكل على جميع المستويات، وهو الأمر الذي تتم المطالبة به للجهات المعنية كلما سمحت الفرصة بذلك.

وفي السياق ذاته، صرح مزيان لـ”بلادنا24” بأن مركز عبد السلام بناني وباجتهاد أُطره تم التعاون بين المركز ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، وعلى إثره جرى تعيين طبيبة نفسية تقوم بتفقد المركز كل 15 يوماً من أجل المواكبة النفسية للنازلات، كما أكد بأنه في حالة مرض إحدى النازلات يتم نقلهن إلى مستشفى ابن رشد.

حالات إيجابية

وبالرغم من الإشكالات التي تُعاني منها مراكز حماية الطفولة بالمغرب، إلا أن هناك حالات استثنائية وإيجابية تمكنت من التفوق رغم الظروف والصعوبات، بحيث أشار مزيان عقب تصريحه إلى وجود نازلات أكملن دراستهن وحصلن على شهادة البكالوريا، إحداهن تم إرسالها بعد إتمامها لسن الثامنة عشر إلى جمعية إيوينو بمدينة أكادير من أجل إتمام دراستها العليا هناك، وأخرى التحقت بالمعهد الملكي لتكوين الأطر وأصبحت تشتغل على مواضيع حماية الطفولة بالمغرب.

وبالنسبة لمشكل الاكتظاظ بمركز حماية الطفولة عبد السلام بناني تم تجاوزه حسب مديره منذ ظهور الجائحة، بحيث تم إرسال بعض النازلات إلى عائلاتهن وخروج البعض الآخر على إثر إتمامهن لسن الثامنة عشر، وإلى غاية صباح اليوم يتوفر مركز عبد السلام بناني على 55 نازلة في حين تشكل الطاقة الاستيعابية للمركز 120.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *