ما بعد 16 ماي.. المغرب وإعادة هيكلة الحقل الديني

فوضى عارمة، والعشرات من الجثة المتناثرة، والعديد من الأسئلة دون جواب، من؟ وكيف؟ ولماذا؟

كانت تلك المعالم الأساسية للحظة 16 ماي 2003 الأليمة، والتي ضربت قلب العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، لتعلن بذلك أن المغرب ليس بمنأى عن خطر الفكر ”المتشدد” و”الإرهابي”.

بعد لحظة الصدمة الأولى، سيحاول المغرب الإجابة عن الأسئلة الكثيرة التي طرحتها لحظة 16 ماي، وفي المقام الأول الأسئلة “الشائكة” المرتبطة بالمجال الديني، لينطلق بذلك مسلسل الإصلاح الطويل، الذي حاول أن يؤسس لمجال ديني مؤطر، عبر الاعتماد على خصوصية التدين المغربي، بعد سنوات من ”الفوضى الدينية”، كانت من ضمن المسببات الرئيسية في أحداث 16 ماي.

ما قبل الصدمة.. كيف وصلنا إلى 16 ماي؟

في هذا الإطار، يرى الأستاذ الباحث منتصر حمادة، والذي اضطلع بدراسة تحولات الحقل الديني بالمغرب، في حديثه لـ”بلادنا24″، أن ”السياق الدولي إلى جانب المحددات الداخلية، ساهم في الوصول إلى لحظة 16 ماي، وأهم معطى في السياق الإقليمي، العشرية السوداء بالجزائر، أما المستوى الداخلي فتأثر بما يقع على المستوى الدولي، مثل ظهور تنظيم القاعدة، ونذكر هنا على سبيل المثال فتوى علماء المغرب حول دخول المغرب ودول العالم الإسلامي في الحلف الذي دعت إليه أمريكا ضد الإرهاب، وهي مؤرخة في 18 شتنبر 2001″.

ويضيف منتصر حمادة، أن “كل هذه المؤشرات دفعت إلى التفكير في إعادة هيكلة الحقل الديني قبيل 16 من ماي، ونتذكر هنا إذن، إعفاء الراحل عبد الكبير العلوي المدغري من تدبير الوزارة الوصية على الشأن الديني، وتعيين أحمد التوفيق، وجرى التعيين في نونبر 2002”.

من 16 ماي إلى هيكلة الحقل الديني

وحول خارطة الطريق المؤدية إلى إعادة هيكلة الحقل الديني يرى الباحث منتصر حمادة، أن “إعادة الهيكلة مر من مجموعة من المحطات على المستوى المؤسساتي، بداية بخطاب 29 ماي 2003 بالدار البيضاء، والذي تضمن الخطوط العريضة حول الإجراءات والتدابير التي سوف تنخرط فيها الدولة المغربية، وجاءت المحطة الثانية والمفصلية في خطاب 30 أبريل 2004 بالدار البيضاء، أمام المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الإقليمية”.

ويضيف منتصر حمادة، أنه ”في الشق الخاص بفوضى إصدار الآراء الدينية تحت مسمى الفتاوى، أسندت مهمة إصدار الفتوى إلى مؤسسة المجلس العلمي الأعلى، التي تقترح الفتوى على مؤسسة إمارة المؤمنين، وبالتالي نحن أمام مأسسة الفتوى”.

وزارة الأوقاف وإخراج المؤسسة من سباتها العميق

وفي جوابه حول وضعية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، داخل خارطة إعادة هيكلة الحقل الديني، قال منتصر حمادة، “وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أعيد هيكلتها بإحداث مديرية للتعليم العتيق، وأخرى مختصة بالمساجد، كما أعيد النظر في التشريع المتعلق بأماكن العبادات، إلى جانب تعيين مندوبين جهويين للوزارة، وإعادة هيكلة رابطة علماء المغرب لتصبح الرابطة المحمدية للعلماء، إذ تحدث الخطاب الملكي بشكل صريح عن إخراج المؤسسة من سباتها العميق”.

“وواكبت عملية إعادة الهيكلة المؤسساتية، محاولة لتأطير الحقل الديني خاصة في شقه الإعلامي، عبر إطلاق منابر إعلامية دينية، من قبيل إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم أو قناة محمد السادس للقرآن الكريم”، يؤكد الأستاذ الباحث في القضايا الدينية في تصريحه.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *