خبير حقوقي لـ”بلادنا24″: يجب السماح لـ”العلاقات الرضائية” وفقا للمواثيق الدولية

أثار النقاش حول الحريات الفردية جدلاً عارماً في أوساط المجتمع المغربي، بين رفض الأشخاص ذوي المرجعية “المحافظة”، ودفاع التقدمييين والحداثيين عن هذه الحريات، وبين صمت النخبة والأحزاب السياسة وتجنبهم تناول مثل هذه المواضيع درء لأي انتقاد.

وفي ظل هذا الصمت المريب للفعاليات المعنية بهذا الشأن، يظل جدل الحريات الفردية قائماً، يطفو على السطح كلّما حدثت واقعة معينة تتطلب النقاش حولها، ويخبو بعد ذلك.

وبالرغم من المكتسبات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان إلاّ أننا مازلنا نشهد تراجعاً أو على الأقل عدم التقدم فيما يخص ملائمة بعض القوانين التي تكفل للأشخاص ممارسة حقوقهم وحرياتهم في حدود ما صادق عليه المغرب من اتفاقيات في هذا الجانب.

وأكد عزيز إيدامين، الخبير في حقوق الإنسان، في تصريح خص به موقع “بلادنا24″، بأن هنالك تقابل ما بين الحقوق وإكراهات المجتمع، وأنه يمكننا مناقشة موضوع العلاقات الرضائية بين الراشدين على عدة مستويات من بينها مستوى التشريع ومستوى الممارسة والخطاب.

على مستوى التشريع، فنحن نتحدث عن “العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج” بينما التعريف الأصلي والحقوقي المتعارف عليه دولياً هو “العلاقات الرضائية بين الراشدين”، وفي مواضيع مثل هذه فإننا نحتكم للمعايير الدولية التي تكفل للفرد حرية تصرفه في جسده مهما كان جنسه أو مذهبه ،رافضاً تدخل الدولة في هذا الحق، على اعتبار أنه من غير المقبول أن تُمارس الدولة الوصاية أو تراقب ما يقع  داخل البيوت المغلقة وفوق الأسرة.

وأوضح إيدامين بأن المغرب صادق على الاتفاقيات التسع الأساسية المعنية بحقوق الإنسان،كما صادق على أغلب البروتوكولات الملحقة بهذه الاتفاقيات.

ومن بين الاتفاقيات الأساسية التي صادق عليها المغرب، والتي تُعنى بحق الأشخاص في ممارسة العلاقات الرضائية هي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية السيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)، كما رفع المغرب تحفظاته على بعض مواد هذه الاتفاقيات، لكن الأمم المتحدة تسمح للدول بأن تقدم ما يسمى بـ”الإعلانات التفسيرية”، والتي تعني أن تقدم دولة ما إعلاناً تفسيرياً على مادة صادقت ورفعت تحفظها عليها، ويهدف هذا الإعلان إلى توضيح كيف تقرأ تلك الدولة هذه المادة انطلاقاً من قانونها الداخلي ودستورها، ومن بين الإعلانات التفسيرية التي قدمها المغرب على إحدى المواد أن يتم إعطاء الأولوية للتشريع الوطني إذا تعارض مع الاتفاقية الدولية، لذا فمن الممكن أن نعتبر بأن الإعلانات التفسيرية تقيد ممارسة الحقوق في هذا المجال.

وأضاف الخبير في حقوق الإنسان:” هنالك إشكالية أخرى وهي إشكالية ملائمة القوانين، ذلك لأنه بالرغم من مصادقة المغرب على اتفاقيات تتيح للأفراد ممارسة العلاقات الجنسية الرضائية إلا أن هذا غير ممكن واقعياً، فعلى مستوى التطبيق الأمر غير ممكن لأن هنالك فصل يجرم هذه العلاقات في القانون المغربي، وهنا نقع في إشكالية الملائمة، ففي المغرب هنالك حزمة من القوانين المغربية والتي تقدر بنسبة 50 في المائة لا تتلائم مع الاتفاقيات والمعاهدات التي صادقت عليها المملكة، ويجب بذل مجهود كبير من أجل ملائمة هذه القوانين”.

وعلى مستوى الممارسة والخطاب أشار إيدامين إلى العوائق الاجتماعية والدينية والثقافية التي تحول دون السماح بممارسة العلاقات الرضائية، معتبراً بأنها عوائق مرحلية يمكن تجاوزها بالتربية والتعليم على اعتبار أن العلاقة الجنسية بين طرفين راشدين أمر يخصهما معاً ولا يحق لأي شخص أو كيان ذاتي أو معنوي أن يتدخل في هذا الشأن في ظل توفر شرط الرشد والرضائية.

وأضاف المتحدث نفسه: “العلاقات خارج مؤسسة الزواج منتشرة في المغرب بشكل كبير جداً وما يثبت ذلك هو عدد الخيانات الزوجية وأوكار الدعارة وعدد الأمهات العازبات وعمليات الإجهاض والأطفال المتخلى عنهم، فحسب إحصائيات إحدى الجمعيات، فقد تم تسجيل عدد يتراوح ما بين 600 إلى 800 أم عازبة في الشهر. ما يؤكد بأن هنالك مؤشرات كثيرة توضح بأن الممارسات الجنسية بين الراشدين أمر واقع، إلا أنه بسبب النفاق وازدواجية الخطاب و المعايير نجد الأمر مرفوضاً في مجتمعنا، ونجد بأن نفس الأشخاص الذين يمارسون الجنس خارج مؤسسة الزواج يدينون هذا الفعل جهراً وبمارسونه سراً، وبالتالي  فإن القانون لا يجب أن يكون رهيناً لهذه الازدواجية في الخطاب والمعايير وسكيزوفرينيا المجتمع بل يجب أن يهدف إلى تطور المجتمع وتقدمه”.

وخلص إيدامين إلى أن: “هنالك قوانين لا يمكن تطبيقها فمثلاً قانون العلاقات الرضائية أو ما يسمى في القانون المغربي بـ”الفساد” إذا تم تطبيقه بشكل صارم فسيتم الزج بنصف المغاربة في السجن، بالإضافة إلى أن هذه المادة تطبق فقط على الفئات الهشة والفقيرة التي ترغب في اقتناص لحظة حميمية ولا تتوفر على شقق مفروشة وإمكانيات للتواري عن الأنظار من أجل ممارسة حرياتها”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *