دعاة لـ”بلادنا24″: “رمضان هذه السنة له نكهة خاصة بعودة المساجد”

ينتظر المسلمون قدوم شهر رمضان تلهفاً واشتياقاً، لما فيه من مشاعر روحية، وخصائص تعبدية، تتجلى في الصيام والقيام وقراءة القرآن امتثالاً لقول الله عز وجل”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، ورمضان شهر مفضل على سائر الشهور عند المسلمين لما خصه الله عز وجل من نزول للقرآن وليلة القدر، وهو بهذا المعنى خير شهور السنة الهجرية فضلا وتزكية لروحانيته وتجليات لياليه المفعمة بالمغفرة والقبول.

ولو ألقينا نظرة سريعة على رمضان السنوات الأخيرة، وبالمقارنة لجيل الآباء أو الاجداد لرأينا الفوارق الكثيرة من حيث الروحانيات، وإذا كانت التراويح من المميزات الخاصة برمضان، فالكثير من الناس وجدوا في تجوال الليالي بديلا عنها، كما أصبحت فضائل رمضان التعبدية عادة تنتهي بانتهائه، ولعل الأجيال السابقة كانت أكثر إحساساً بقيمته وفضائله.

وفي هذا الصدد، صرح رئيس رابطة علماء المغرب العربي الحسن الكتاني، لـ”بلادنا24″ قائلاً:” رمضان فعلا تحول إلى عادة لدى كثير من الناس، ونجد البعض يصوم ولا يبالي بفعل الحرام، ويتلفظ بعبارات نابية، وبلغ الأمر إلى أن البعض إذا غضب يُبرر ذلك بأنه ” يترمضن”، وبات رمضان والصيام سببا في الأفعال السيئة الصادرة منهم، وهذا راجع إلى قلة التربية، وعلاج ذلك في حضور مجالس العلم والذكر، وفي التمعن بكتاب الله والتخلق بصفات رسولنا الكريم وأصحابه”.

ويرى الكتاني بأن شهر رمضان له نكهة خاصة هذه السنة، لأنه جاء بعد سنتين من الحجر والوباء ظلت فيها المساجد مغلقة، مردفا” أتصور أن الناس سيأتون للمساجد مشتاقين للصلاة، وللأجواء الرمضانية، وقد يكون هناك إفطارات جماعية تعطي لهذا الشهر الكريم نكهته الخاصة”.

وفيما إذا بات رمضان شهر للاستهلاك المادي فقط دون ارتقاء البعض إلى سموه الروحي، علق رئيس رابطة علماء المغرب العربي بالقول “نعم كثر من يستقبلون رمضان بما لذ وطاب، لأن طبيعة الإنسان  يشتاق إلى ما امتنع عنه، لذلك نجد رغبته في الأطعمة تتصاعد، ويتصور أنه يمكن أن يأكل كل ما سوف تصل إليه يده،  وهذا ما يحدث للناس في شهر رمضان، والسبب في ذلك أيضا، هو أننا جعلنا الشهر فقط للمأكولات بدلا من أن يكون شهرا للغذاء الروحي والإيماني”.

وتابع حديثه” لا حرج من صنع هذه المأكولات، شريطة ألا يبالغ فيها، امتثالا لقول الله عز وجل ” إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وكان الشيطان لربه كفورا”،  لكن إذا كانت الأمور وسطا فهذا لا عيب فيه كما قال رسول الله عليه الصلام والسلام، “للصائم فرحتان فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه”.

وعن كيفية الاستثمار الجيد للوقت في شهر رمضان، قال الكتاني ” الاستثمار الجيد يكمن في أن يحول الناس شهر رمضان إلى طاعة بدل أن يصبح مجرد عادة وذلك من خلال التمعن بمعاني كتاب الله، فهو شهر القرآن، وهناك الكثير من كتب التفسير التي تعينه على التفكر والتدبر، فضلا عن الإكثار من التذكير، فالإنسان يذكر نفسه وينصت للدروس، والأحاديث التي يجدها بوفرة في وسائل التواصل، ومن يريد أن يتعبد أكثر لن يعدم الوسيلة”.

من جانبه، يرى رئيس المجلس العلمي بوجدة مصطفى بن حمزة في حديثه مع “بلادنا24” أن عبادة  الصيام في شهر رمضان هي مكونة من جملة عبادات كلها تتآزر في بلوغ الغاية التي حددها القرآن وهي التقوى لما قال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام، كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”، مردفا “كلما شعر الإنسان أنه بلغ هذه الغاية، يكون قد حقق صياما صحيحا، وهذه الروحانية ليست مجنحة، ولا تفسر بناء على أهواء الناس، وإنما لها موجبات أولها قراءة القرآن في رمضان، والإكثار منه سواء في المسجد أو في بيته”.

و استطرد قائلا “كذلك تحصيل العلم تعد واحدة من العبادات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه جبريل وهو  صائم، ويدارسه الوحي، وتصبح مدارسة العلم جزءا من فريضة الصيام، ومن مقومات الصيام الصحيح، فضلا عن العطاء والإنفاق على المحتاجين، فالجود من مستلزمات الصيام، بالإضافة إلى الكف عن شهوتي البطن والفرج، فمن كان ملتزما بهذه المقومات الأربع فهو يسير في الاتجاه الصحيح”.

وواصل شرحه بالقول “لكن من يبذر الوقت قصدا في أشياء لا نفع لها، أو ربما قد تنقص من إيمانه، وتجعله يعيش جوا من الفراغ الديني، فهذا يبخس من قيمة هذا الشهر، وللأسف الشديد الكثير ممن لديهم بضاعات راكدة من الأعمال التلفزيونية يجد ضالته في رمضان، وهذا ما يفسر الإقبال عليها في هذا الشهر دون باقي أشهر السنة، فيستغلون بذلك حاجة الإنسان لإمضاء الوقت”.

وعن الإسراف في الطعام في شهر رمضان يقول بن حمزة “في ظل الركود الإقتصادي الذي نعيشه لا ننصح الناس بعدم الإستهلاك لأنه جزء من الحل، لكن في ظل الظروف العادية ندعو إلى الوسطية والاعتدال، دون أن يبالغ الشخص في استهلاكه كي لا يكون بذلك مسرفا سواء في رمضان أو خارجه”.

وختم بن حمزة حديثه بالقول “بعض الأشخاص يرون رمضان عادة، لكن الكثير يتعمقون في فحواه، ويتعبدون، ويتصدقون، ونتمنى أن يكون الحزن والوباء قل في هذا الشهر، وأن يكون خيرا من سابقه”.

بلادنا24 – مريم الأحمد

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *