خبير العلاقات الدولية لـ”بلادنا24″: النظام الجزائري فقد البوصلة السياسية والدبلوماسية

بلادنا24- مريم الأحمد|

باتت الجزائر كدمية في مهب الريح تتقاذفها الآراء والأهواء وهي رهينة لهذه التجاذبات التي تفقدها كثيرا من مزايا السيادة الوطنية التي تتحلى بها الدول، ولعل هاجس العداء للمغرب يدفعها في كثير من الأحيان إلى تبني سياسات مصطنعة ومواقف ضعيفة في تعاملها مع العالم الخارجي.

وحقيقة موقفها من اسبانيا يعود في الأصل إلى رغبة الأخيرة في تعميق العلاقات والمعاملات مع المغرب وهذا ما دفعها بقوة الأصدقاء ” روسيا” إلى إلغاء معاهدة الصداقة وحسن الجوار دون التبصر بالعواقب التي ينبني عليها هذا الموقف إذ باتت علاقة الجزائر مع اسبانيا والاتحاد الأوروبي علاقة متنافرة والسبب في رأي الجزائر هو المغرب أولا وأخيرا حسدا من أنفسهم.

وفي حوار أجرته جريدة “بلادنا24” مع خبير العلاقات الدولية حسن بلوان أكد على أن أي قراءة للموقف الجزائري الأخير يجب ألا يكون بمنأى عن زيارة وزير الخارجية الروسي إلى الجزائر، مشيرا إلى أن هناك ارتباطا وثيق الصلة بين تحركات روسيا في المنطقة المغاربية والحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا وذلك برغبة روسيا في توظيف النظام الجزائري كوسيلة لخلط الاوراق في غرب المتوسط بتوظيف أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار العالمية.

وفيما يلي نص الحوار:

هل يمثل الموقف الروسي مع الجزائر تكتيكا مرحليا أو استراتيجية تمتد إلى جذور سابقة؟

لا يمكن فصل المواقف المتشنجة للجزائر اتجاه محيطها الاقليمي بمعزل عن زيارة وزير الخارجية الروسي إلى الجزائر العاصمة الشهر الماضي في إطار سياسة شد الحبل بين الغرب وروسيا بسبب الحرب في اوكرانيا، ومن الطبيعي أن تنساق الجزائر مع حليفها التقليدي الروسي باعتباره المزود الرئيسي للعسكر الجزائري بالسلاح والعتاد الحربي.

لذلك، أعتقد أن الاستراتيجية الروسية في توظيف حكام الجزائر تكتيك متوسط وبعيد المدى تتبعه روسيا لاعتبارات تاريخية واقتصادية وعسكرية وحتى سياسية، مستغلة في ذلك التفكك والتخبط الداخلي الذي يعيشه النظام في الجزائر الذي لا زال يفكر بعقلية الحرب الباردة.

لكن جميع هذه الحسابات لم تفلح في عزل المغرب بحكم موقفه المتوازن من الحرب الدائرة في اوكرانيا ونجاحه في تحييد الموقف الروسي من منطقة الانحياز المكشوف إلى الجزائر في قضية الصحراء المغربية.

هل يمثل موقف روسيا ردا على سياسة الابعاد التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي في حربها ضد أوكرانيا؟

بالطبع هناك ارتباط وثيق بين تحركات روسيا في المنطقة المغاربية وما يحري من أحداث دامية في اوكرانيا، على اعتبار أن الصراع بين الغرب وروسيا اشتدت حدته بعد هذه الحرب وشمل جميع مناطق النفوذ في العالم،  ولا شك أن تقوم روسيا بتوظيف النظام الجزائري في خلط الأوراق في غرب المتوسط بتوظيف أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار العالمية، لكن مع الأسف هذا التوظيف يأتي على حساب المصالح الاستراتيجية للشعب الجزائري الذي ادخلته قيادته في عزلة اقليمية ودولية بعد مواجهته المباشرة مع اسبانيا والاتحاد الاوربي.

هل باتت الجزائر ضحية الأمم القوية في الصراع ما بين الشرق والغرب؟

مع الأسف النظام الجزائري فقد البوصلة السياسية والدبلوماسية، وعوض أن تسعى لمصالحها الاستراتيجية وتوظيف عائدات النفط والغاز الطبيعي للتنمية الداخلية ورفاهية الشعب الجزائري إلا أنها اصبحت ورقة توظفها القوى العالمية المؤثرة، فلا هي استطاعت أن تقف الى جانب روسيا في مواجهتها مع الغرب، ولا هي قادرة على نسج علاقات متكافئة مع الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يفسر الفشل والخيبات التي تلاحقها في جميع الملفات والقضايا الخارجية.

هل تعي الجزائر ما يحاك لها من قبل الطرفين روسيا والغرب أم أن تعنتها أمام المغرب يفقدها معنى السيادة الوطنية؟

مع الأسف القيادة الجزائرية لا تمتلك سياسة داخلية وخارجية واضحة باستثناء ردود الفعل المتشنجة التي تزيدها عزلة في المحيط الاستراتيجي، وما يزيد القرارات الجزائرية غرابة هو ارتباطها الدائم لمعاكسة النجاحات والاختراقات المغربية الشيء الذي يفقدها أي مصداقية ويزيد من سقوطها المدوي أمام الشراكة الاوربية والتعاون مع مؤسسات الاتحاد الأوربي.

سياسة الجزائر الخارجية غريبة وبعيدة عن لغة المصالح، وتبقى رهينة لردود الفعل المتشنجة، مما يفقدها التوازن ويضرب في الصميم مفهوم السيادة الوطنية بفعل تقاذفها بين محوري الشرق والغرب.

وفي المجمل لا يمكن أن تنجح اختيارات الجزائر في عزل المغرب الذي انطلقت ديناميته الدبلوماسية دون توقف وتكسب المزيد من النقاط والنجاحات، بينما تجني الجزائر الفشل والخيبات.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *