رمضان كريم
رمضان كريم
رمضان كريم

خاص: القصة الكاملة لإلغاء الباشلور من طرف ميراوي دفاعا عن “الفرنكوفونية”

أثار تعليق العمل بنظام الباشلور الذي تم إطلاقه خلال الموسم الجامعي 2021-2022، مباشرة بعد تعيين عبد اللطيف ميراوي وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، سخط عموم من اشتغل على تطويره وتنزيله، من أطر تربوية وبيداغوجية وإدارية وفاعلين سوسيو-اقتصاديين، واستياء الطلبة ال24.000 الذين غرر بهم، بعدما اجتاز أزيد من 100.000 طالب مباريات الانتقاء الأولية.

قرار إنهاء العمل بنظام “الباكالوريوس” أفصح عنه ميراوي جهرا وبالواضح، أمام أنظار رؤساء الجامعات خلال أول اجتماع لندوة الرؤساء، بالضبط خلال الأسبوع الثاني الذي تلى تعيينه وزيرا، أي مباشرة بعد عودته من فرنسا التي غادر إليها مهرولا يوما واحدا بعد مراسيم تنصيبه على رأس الوزارة حيث قضى بها زهاء أسبوع.

التخلي عن الباشلور

 

وخلال هذا الاجتماع، طلب ميراوي من الرؤساء الحاضرين، أمام اندهاشهم، التخلي عن الباشلور، بحكم، كما شدد على ذلك، “ليس قانونيا ولا يتوافق مع خصوصيات الجامعة المغربية”، كما طلب منهم، “بطريقة مباشرة”، التراجع عن التزاماتهم تجاه الطلبة وبضرورة تقديم التعاليل اللازمة لهم لإدماجهم في مسالك غير التي أتوا لأجلها إلى الجامعة، خاصة الإجازة المهنية، ملوحا، بخصوص هذا الموضوع، نيته تفييئ رؤساء الجامعات إلى من معه ومن ضده!

هذا القرار المزاجي لم يستسغه كذلك مسؤولو الإدارة المركزية الذين اشتغلوا لمدة قاربت ثلاث سنوات على تنزيله بعدما تم اعتماد أزيد من 100 مسلك بمختلف الجامعات العمومية من لدن اللجنة الوطنية لتنسيق التعليم العالي التي يؤلفها كل المتدخلين المعنيين بالقطاع، سواء البيداغوجيين والإداريين منهم أو الاجتماعيين والاقتصاديين.

قرار الميراوي. الإحباط

 

قرار القطع مع نظام الباشلور خلق كذلك إحباطًا لدى مختلف الأطر والمسؤولين الإداريين والجامعيين الذين شاركوا وساهموا في جولات التعريف والترويج والتعبئة بشأنه والتي نظمتها الوزارة الوصية بمختلف ربوع المملكة حتى يتسنى للفاعل الجامعي المساهمة الفعلية في تنزيل الهندسة البيداغوجية الجديدة الخاصة به.

للتذكير، فإن فكرة اعتماد الباشلور كنظام بيداغوجي انبثقت من مخرجات أشغال الورشات الموضوعاتية التي تم تنظيمها بالموازاة مع الملتقى البيداغوجي الوطني الذي ترأسه رئيس الحكومة شهر أكتوبر من سنة 2018 بمدينة مراكش، والذي شهد مشاركة ومساهمة أزيد من 700 فاعل لهم علاقة مباشرة بإصلاح نظام الإجازة.

المفارقة العجيبة التي تهم هذا الملتقى هو أن عبد اللطيف ميراوي، بصفته آنذاك رئيسا لجامعة القاضي عياض بمراكش، المدينة التي استضافت الحدث، سير خلاله ورشة موضوعاتية تهم الباشلور الذي جاء من بعد ذلك ليحاربه من موقعه الحكومي والذي، للتذكير، تم تضمينه إلى برنامج الحكومة التي ينتمي إليها وتم تخصيص حيز مهم له في الصفحة رقم 45 منه.

 

قرار “إعدام” نظام الباشلور أعلن عنه ميراوي، بصفة شبه رسمية، بتاريخ 4 نونبر 2021، خلال تقديمه للميزانية الفرعية للوزارة للسنة المالية 2022 أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب حيث دعا إلى إعادة النظر في هذا النظام، مع العلم أنه لم تمضي على إطلاقه إلا بضعة أيام!!

وفق أي معطيات موضوعية تمت تقييم المسالة حتى يقرر، بجرة قلم، أن يعلق العمل به؟

بعد هذا التاريخ، طلب ميراوي من رؤساء الجامعات تفريغ الطلبة المسجلين بنظام الباشلور بمسالك الإجازة المهنية وهو الأمر الذي أخرج طلبة الدار البيضاء والجديدة وسطات وغيرها من المدن إلى الاحتجاج على هذا القرار الذي، حسبهم، يضرب في مبدأ استمرارية مؤسسات الدولة والمرفق العمومي.

لم تمر إلا أسابيع معدودات على هذه القرارات المزاجية حتى أعلن ميراوي عن تعليق العمل نهائيا بنظام الباشلور، متحججا في ذلك برأي “المحاباة” الذي أصدرته، نهاية دجنبر 2021، بإسم المجلس الأعلى للتربية والتكوين، أمينته العامة، إ. ك، الذي تجمعه معها علاقة شخصية مثينة منذ أن استقطبها كاتبة عامة لجامعة القاضي عياض بمراكش، والتي استغلت منصبها وصفة مؤسسة دستورية لتصفية حسابات شخصية ضيقة لصالح “صديقها” ولتكريس نموذج جامعي بات غير مرحب به في المغرب، نزولا عند طلب الوزير الذي يدافع باستماتة عن الفرنكوفونية الذي ترأس وكالتها الجامعية في وقت سابق.

المفارقة العجيبة التي تهم كركب هو أنها قد شاركت في الجولات الجهوية للترويج لنظام الباشلور لما شغلت منصب مديرة الميزانية والشؤون العامة بالوزارة (2019-2020) قبيل تعيينها بالمجلس المذكور الذي، للتأكيد، انتهت ولايته ولم يجتمع مكتبه ولا جمعيته العامة ولا انعقدت لجانه الدائمة منذ يوليوز 2019.

من جهة أخرى، وجبت الإشارة إلى أن إ. ك سبق وأن تم إعفاءها من منصب الكاتبة العامة لجامعة القاضي عياض بقرار من الوزير السابق لحسن الداودي بعد سلسلة احتجاجات طويلة خاضها الموظفون برئاسة الجامعة وطالبوا من خلالها برحيلها حيث اتهموها “بالاستبداد ونقص الكفاءة والتجربة المهنية” ونظرا ل”فضائح التعويضات المالية الكبيرة التي تلقتها هذه المسؤولة وتورطها أيضا في محاولة ترجيح كفة ترشيح أخيها لشغل منصب مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش (قبل إلغاء نتائج الانتقاء من قبل الوزير آنذاك)”.

وجزاءً لـ”إ” للخدمات الجليلة التي أسدتها لصديقها “عبد اللطيف”، فقد ثبت هذا الأخير شقيقها، م. ع ك، عميدا للكلية متعددة التخصصات بالعرائش خلال شهر أبريل المنصرم، على أمل أن يمنح له، في الأسابيع المقبلة، رئاسة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة.

مفارقة طريفة

 

وفي الوقت الذي أعلن ميراوي عن تعليق العمل بنظام الباشلور، قررت فرنسا، عبر مؤسساتها المعتمدة بالمغرب، أن تصدر لنا ذات النظام الذي اعتمدته لديها، في مفارقة طريفة، حيث رخص اعتماده لمدرسة فرنسية للتجارة لها مقر في ضواحي العاصمة الرباط، في إشارة إلى ESSEC، وأخرى بالدار البيضاء، Toulouse Business School، والمفتوحتين في وجه الأجانب وبعض من الميسورين من المغاربة. دون غيرهما من المؤسسات المغربية.

ويتساءل الفاعل الجامعي عن سبب استثناء الجامعات المغربية من إمكانية التوفر على نظام الباشلور، مع العلم أنه تم تخصيص 3 سنوات لدراسة الموضوع وللتنسيق مع الشعب ولتعبئة الأساتذة ولتوفير الوسائل اللوجستية ولإبرام الاتفاقيات لتنزيل وحدات المهارات الحياتية، قبل أن يصدم الأساتذة والطلبة على حد سواء بقرار الحدف الذي أعلن عنه الوزير، دون سبق إشعار.

الولاء تجاه فرنسا ومبادئها

 

بغض النظر عن الولاء الذي يمكن يعلن عنه ميراوي تجاه فرنسا ومبادئها، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يتم التغرير بالطالب المغربي الذي سوق له نموذج بيداغوجي جديد بمعايير دولية، قبل أن يتم إجهاض الآفاق الواسعة التي جاء بها وهل لرأي استشاري، غير ملزم، للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، المنتهية ولايته. والذي للتذكير لم يدعو قط إلى تعليقه، أن يكون كافيا لإلغاء نظام تعليمي، ساهم في إعداد تصوره الوزير الحالي نفسه، لما كان رئيسا لجامعة مراكش، وساهمت في تنزيله وجابت الجامعات للترويج له الأمينة العامة الحالية للمجلس، صاحبة الرأي، لما كانت مديرة مركزية بالوزارة الوصية خلال الولاية الحكومية السابقة؟.

هل بقرارات متسرعة، مطبوعة بالمزاجية والانتقامية، يتم رهن مستقبل الطالب المغربي وخلق فئوية اجتماعية داخل وسط يفترض فيه التجانس والتناقح، دون تقديم أي بديل لمؤسسات الاستقطاب المفتوح والتي تعرف هدرا واسعا وإحباطا كبيرا من لدن الأساتذة والطلبة؟.

الأفظع في الأمر هو أنه، ونحن على أبواب الدخول الجامعي، لم يقدم ميراوي أي بديل بيداغوجي، مقابل سياسته المبنية على الإلغاء والتعليق والتوقيف.

بلادنا24

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *