المغرب ما بعد تفجيرات 16 ماي 2003.. الريادة في مواجهة الإرهاب

يستحضر المغاربة اليوم، الذكرى العشرين للأحداث الدامية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء، في 16 ماي 2003، حين قرر 14 شابا، تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاما، استهداف مناطق حيوية بالعاصمة الاقتصادية بالأحزمة الناسفة، بدءا بفندق “فرح”، ومطعم “دار إسبانيا”، وكذلك استهداف مطعم إيطالي، ومركز اجتماعي يهودي كان مقفلا في ذاك اليوم، ومقبرة يهودية قديمة، وقنصلية بلجيكا.

وفي الوقت الذي كان يعتقد فيه أن البلاد في مأمن من الهجمات الإرهابية، حدثت تفجيرات 16 ماي، وجرت وراءها عقدين من الألم، حيث تسببت في في مقتل 45 شخصا، من بينهم 12 انتحاريا، وإصابة نحو 100 آخرين.

وكما خلفت هذه الأحداث ضحايا وآلاما، حملت معها أيضا العديد من التغييرات المتتالية التي طبعت ملامح جديدة للسياسة العامة للدولة، أهمها نهج المغرب لسياسة دينية جديدة لمحاربة التطرف، وكذلك تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية في سنة 2015، المعروف اختصارا بـ”البسيج” بالإضافة إلى الحملات الأمنية الاستباقية التي أسفرت عن تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، آخرها عملية توقيف 13 مواليا لتنظيم “داعش” الإرهابي، في عدة مدن، شهر أبريل الماضي، وأخيرا برنامج “مصالحة”، وهو أحد ركائز المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في محاربة التطرف، وتدبير ملف المعتقلين على خلفية قانون مكافحة الإرهاب، بهدف تخليصهم من الأفكار المتطرفة، وإدماجهم في المجتمع.

إذن، وبعد مرور 20 عاما على تفجيرات 16 ماي، هل نجحت سياسة المغرب ف محاربة الفكر المتطرف؟

الريادة في مواجهة الإرهاب

وفي هذا السياق، قال المفكر والباحث في الجماعات الإسلامية، إدريس الكنبوري، في حديثه لـ”بلادنا24“، إن “المغرب حقق إنجازات مهمة على صعيد مواجهة الإرهاب والتطرف منذ تفجيرات الدار البيضاء عام 2003. فقد وضع سياسات جديدة في مجالات الأمن والدين والتعليم والسكن الاجتماعي لمحاربة التطرف، واليوم أصبح المغرب نموذجا دوليا وإقليميا في مجال مكافحة الإرهاب، بحيث أن بلدانا أوروبية صارت تطلب خبرته لمواجهة الإرهاب في أراضيها”.

نهج سياسات جديدة

من جهته، أوضح محمد الطيار، الخبير والباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن “أحداث 16 ماي، قد شكلت رجة كبيرة في عمل مؤسسات الدولة، إذ دفعت المغرب إلى إعادة النظر في سياسته الأمنية، وكذلك في طريقة التنسيق بين الأجهزة المكلفة بالحفاظ على الأمن، كما قامت أيضا بإعادة النظر في ترسانتها القانونية وسياستها الدينية وفي جغرافية سياستها التنموية”.

وأضاف الطيار في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “هذا الحدث الكبير الذي وقع، دفع الدولة لإعادة النظر في العديد من الأمور، لأن الفعل الإرهابي ليس عمل منفرد في حد ذاته، ولكنه نتاج العديد من العوامل، من بينها الأوضاع الاجتماعية وحقوق الإنسان وخطاب القيم. وباعتبار أن الإرهاب والجريمة المنظمة يجب التعامل معهما عن طريق استراتيجية شمولية ومقاربة واسعة لا تستثني جانبا معينا”.

وتابع المتحدث، قائلا إن “هذه التدابير لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على الأمن القومي المغربي، وكان لها صدى أيضا على المستوى الدولي، فقد جعلت أحداث الدار البيضاء وما أحاط بها من تهديدات إرهابية، المغرب ينهج مقاربة مختلفة ومتنوعة في التعاطي مع مخاطر الإرهاب الداخلي، والإرهاب العابر للحدود. وتقوم هذه المقاربة على شكل مثلث، أولا نهج سياسة اجتماعية، ثانيا تعزيز الحملات الاستباقية ضد الخلايا المتطرفة، وثالثا تطوير الترسانة القانونية، فضلا عن القيام بعدة تدابير مرتبطة بإصلاح العمل الشرطي والاستخباراتي”.

وبعد 20 سنة، يقول محمد الطيار، إنه “ظهرت الآثار الإيجابية الناجحة لهذه الاستراتيجية والسياسية، والتي تتجسد في الأمن والاستقرار الذي أصبحت تنعم به الدولة المغربية، ويتجسد كذلك في السمعة الكبيرة التي أصبحت تحظى بها المنظومة الأمنية على مستوى العالم، وخير دليل على ذلك، عدد الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها داخل البلاد، والتي باعتماد المقاربة الاستباقية، تم تجنيب المغرب العديد من الأحداث الدموية”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *