رمضان كريم
رمضان كريم
رمضان كريم

بورتريه| عبد الواحد الراضي.. تراث البرلمان العالمي

وفاة أقدم برلماني في العالم“، هذه هي الجملة التي انتشرت في منصات التواصل الاجتماعي، بعد وفاة زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ووزير العدل السابق، عبد الواحد الراضي. هذا الرجل الذي ارتبط اسمه بقضايا سياسية كبرى، خلفت وفاته حالة حزن كبيرة في صفوف المنتسبات والمنتسبين للحزب الذي أسسه رفقة عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بن بركة، وعمر بن جلون، وغيرهم من رجالات الدولة، ورموز الحركة الوطنية، وجيش التحرير.

عبد الواحد الراضي، هذا الرجل الذي أطلق صرخته الأولى في مدينة سلا سنة 1936، اقترن اسمه كثيرا بالعمل الحزبي والسياسي، حيث تقلد العديد من المناصب، وتحمل عدة مسؤوليات، سواء الحزبية، أو الوزارية، أو التمثيلية داخل قبة البرلمان، وهو ما جعله يحظى بلقب “أقدم برلماني في العالم”.

فالمقربون منه، يحكون عنه كونه شخصية كاريزمية، فضلا عن أنه يجيد خلق التوازنات والتوافقات، بحكم اكتسابه لتجربة سياسية كبيرة ما قبل وبعد استقلال المغرب، ومعاشرته لشخصيات وازنة، وهو ما مكنه من تقلد مناصب وزارية ومعاشرته لثلاثة ملوك.

مسار رجل

يعد الراحل، عبد الواحد الراضي، من مؤسسي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959، إلى جانب ما يصفه الاتحاديون واليساريون بـ”عريس الشهداء”، المهدي بن بركة، و”أب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، الفقيد عبد الرحيم بوعبيد، وقائد حكومة التناوب التوافقي، المناضل والمجاهد الراحل، عبد الرحمان اليوسفي، وغيرهم من رموز حزب “الوردة”.

نبذة حياة الراحل، تحكي عن أنه ساهم في تأسيس جمعيات تربوية وثقافية، ومنظمات نقابية، كحركة الطفولة الشعبية، والجمعية المغربية لتربية الشبيبة، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والتي تحمل في إطارها مسؤوليات قيادية، فضلا عن  مساهمته إلى جانب المهدي بنبركة في الإعداد والإشراف على بناء “طريق الوحدة”، في بداية مرحلة استقلال المغرب.

وبالموازاة مع نشاطه الجمعوي والمدني والنقابي، عرف الراحل بنضاله السياسي داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي انتخب عضوا في مجلسه الوطني عام 1962، ثم عضوا في لجنته الإدارية عام 1967، قبل أن يتم انتخابه عضوا في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ 1989، وبعدها كاتبا أولا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في المؤتمر الوطني الثامن للحزب، الذي انعقد أيام 7-8-9 نونبر 2008 بالصخيرات.

أقدم برلماني في العالم

وقضى، عبد الواحد الراضي، 60 سنة داخل قبة البرلمان، متأرجحا بين الأغلبية والمعارضة، متقلدا العديد من المناصب، حيث ولج الغرفة الأولى سنة 1963، ولم يغادرها إلى بعد أن وافته المنية بفرنسا.

وكان عمر عبد الواحد الراضي، 27 سنة، لما وطأت أقدامه قبة البرلمان، ولما يغادره إلا بعد أن وصل سنه 88 عاما، وهو ما يبين أن الراحل لم يرسب ولو مرة واحدة في الانتخابات، بل كان له حضور دائم، وهو ما جعله يصنف سنة 2019 من قبل  منظمة اليونسكو بالتراث البرلماني العالمي، لكونه الأطول مكوثاً بالمنصب في تاريخ البشرية.

وتحمل بهذه الصفة، عدة مسؤوليات برلمانية، حيث تولى خلال الولاية التشريعية 1963- 1964 رئاسة لجنة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، ومهمة نائب رئيس الفريق الاتحادي بمجلس النواب، قبل أن يتولى سنة 1977 رئاسة الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، وهي المهمة التي استمر فيها إلى حين تعيينه من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، وزيرا للتعاون سنة 1983.

وعين عبد الواحد الراضي في عام 1984، أمينا عاما للاتحاد العربي الإفريقي، الذي كان يضم المغرب والجماهيرية الليبية، فيما سنة 1993، انتخب نائبا أولا لرئيس مجلس النواب، ثم رئيسا للمجلس خلال ولايتين تشريعيتن  (1997 –2002) و(2002 – 2007).

فقدان مؤلم

شقران أمام، رئيس الفريق الاشتراكي السابق بالغرفة الأولى، قال إن رحيل عبد الواحد الراضي، هو “فقدان مؤلم في هذه الأيام المباركة”، قبل أن يضيف، “شخصيا كانت لي علاقة جد طيبة مع المرحوم، حيث تعلمت منه الشيء الكثير، خاصة في سنوات رئاستي للفريق الاشتراكي بمجلس النواب، حيث ظل يشجعني ويمدني بنصائحه ويدعمني في عدد من القرارات والاختيارات”.

وأضاف شقران أمام، في حديثه لـ”بلادنا24“، قائلا: “كنت كلما تدخلت في الجلسة العامة أسأله عن رأيه في المداخلة فور عودتي للمقعد والجلوس إلى جانبه، ذلك أنه كان يرفض الاطلاع عليها قبل ذلك، رغم إلحاحي في مناسبات متعددة”.

وأشار المتحدث، إلى أنه “رجل بتجربته الطويلة في الممارسة السياسية وتحمل المسؤولية، يشكل مدرسة حقيقية كان لي شرف النهل منها، هو رجل دولة بامتياز، وطني غيور على وطنه، وصادق في تحليله وقراءته للواقع، مثقف ومتشبع بقيم الممارسة الديمقراطية، وهادئ في تعامله مع مختلف الوقائع التي يتعاطى معها بكثير من الحكمة وبعد النظر”.

وخلص أمام: “بصدق، يمكنني القول بأنني لم أتعرف على المرحوم عن قرب إلا في الولاية التشريعية السابقة، حيث وقفت عند شخصية الرجل القيادة، وحسن إنصاته للرأي الآخر، ومدى قدرته على التعامل بصبر كبير مع كثير من الأمور التي كانت له ملاحظات بشأنها، خاصة ما يهم الحياة الداخلية للاتحاد، بحيث كان يشدد على ضرورة الحفاظ على الحزب ووحدته”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *