بعد ما يقارب عقدين من أحداث 16 ماي.. أبو حفص: الإرهاب مرفوض ومدان في كل الشرائع والأديان والقوانين (حوار)

بلادنا24 – مريم الأحمد |

تعود ذكرى تفجيرات 16 ماي 2003 من جديد لكي تثير الكثير من التساؤلات حول الأسباب والنتائج التي جعلتها حدثا مأساويا في تاريخ المغرب الحديث، مما حول الأنظار إلى الإسلام، والنطر إليه على أنه دين إرهاب وتطرف، والإسلام براء من ذلك، لكنها بعض النفوس المريضة فكريا والمستلبة عقائديا التي تسيئ للدين الاسلامي بصورة عامة.

ولهذا تداعت الأصوات العلمانية والمستلبة فكرا غربيا إلى اتهام الإسلام بكل سلبية وعنصرية، وبكل ما يتناسب مع أفكارهم المتأثرة بالثقافة الغربية.

إنها ذكرى مؤلمة نظرا لما خلفته من ضحايا وتدمير ممتلكات واعتداء على الملك العام. والغريب في الأمر أنه لم تتبنى أية جهة هذا التفجير المؤلم إلى اليوم.

وفي حوار أجرته “بلادنا24” مع الباحث في الفكر الإسلامي، محمد عبد الوهاب رفيقي، أكد الأخير أن الشرائع والأديان جميعها تدين أعمال الإرهاب، لأن الدين مبعثه الرحمة والتسامح لا التطرف والإرهاب، كما أن هذه الظاهرة، بحسب رفيقي، مرتبطة بسياقات سياسية متشنجة ومتوترة أثمرت فهما مغلوطا للدين.

فيما يلي نص الحوار:

كيف تنظرون إلى أحداث 16 ماي من وجهة نظر إسلامية؟

لا يحتاج ذلك إلى بيان بحكم أن الإرهاب مرفوض ومدان في كل الشرائع والأديان والقوانين، وبالتالي لا يمكن الحديث عن رأي الدين فيما وقع من إرهاب، هو أمر يتفق عليه الناس جميعا، مسلمين وغير مسلمين على أن ما وقع يوم 16 ماي جريمة إرهابية يرفضها الدين والعقل والقانون، وترفضها الإنسانية، وبالتالي هي ذكرى محزنة ومؤلمة لكل المغاربة والمسلمين وأحرار العالم

ما هي الدوافع والأسباب التي أدت إلى تفجيرات 16 ماي؟

الدوافع والأسباب التي أدت إلى تفجيرات 16 ماي، هي الأسباب ذاتها التي أدت إلى أعمال إرهابية في مختلف دول العالم، هي نفسها الأسباب التي بسببها نشأت هذه الظاهرة في مختلف الدول والبقع والأماكن.

أسباب مختلفة بعضها سياسي، والبعض الآخر اجتماعي، وهناك دوافع اقتصادية، وأخرى دينية، وفكرية، وأنتجت هذه الظاهرة المرتبطة بسياقات سياسية متشنجة ومتوترة أثمرت فهما مغلوطا للدين، وتشويها له باعتقاد بعض شباب المسلمين أن الإرهاب هو الطريق الذي يمكنهم من استعادة ما ضاع منهم من مجد، وتقدم، وقيادة للعالم في سابق التاريخ.

طبعا هناك أسباب اجتماعية واقتصادية مرتبطة بوضع الهشاشة والفقر وعدم وجود برامج تنموية واجتماعية في ذلك الوقت، فالإحساس بالإهانة وانعدام الكرامة، كذلك، من الأسباب التي تؤدي إلى برود ظاهرة الارهاب.

لكن العامل الأساسي هو الفكر الديني المغلوط والإيديولوجيا الإرهابية التي تغسل عقول وأدمغة الشباب وتدفعهم نحو التطرف وسلوك مسالك القتل والإرهاب والتفجير.

ما هي الرسائل التي يمكن أن تحد من سلسلة التفجيرات أيا كان مرتكبوها؟

الرسائل التي يمكن أن تحد من ذلك ليست بالسهولة التي يتصور. ولا أعتقد أن الرسائل بإمكانها أن تحد من ظاهرة الإرهاب، فالحد منها يحتاج إلى عمل كبير وكبير جدا، لا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ولا على المستوى الفكري والتعليمي، والإعلامي وبرامج الدولة، والمجتمع المدني.

كل ذلك يجب أن يتكاثف ويتحد لمواجهة هذه الظاهرة المعقدة، بل بالغة التعقيد، والتعامل معها ينبغي أن يكون بحساسية وأن يكون عن علم ومعرفة وعمق، وإلا فإن النتائج تكون للأسف الشديد مدمرة، لكن ما أنصح به الشباب كوقاية وتجنب الوقوع في براثن التطرف بالمعرفة والقراءة وتطوير النفس وإثباتها بمختلف الوسائل السلمية وعدم تسليم عقولهم للغير.

هل ساهمت هذه التفجيرات في النظر إلى الإسلام على أنه دين إرهاب ؟ وكيف ترد على من يتبنى هذه المقولة؟

لا أعتقد أن أحداث 16 ماي قد ساهمت في ذلك، فهي أحداث محلية ليست مثل أحداث 11 من سبتمبر، ثم المجتمع المحلي المغربي رفض هذه الأحداث جملة وتفصيلا بكل فئاته ونخبه وطوائفه، فالجميع أدان هذه العمليات وكان موقف المجتمع منها قويا، وبالتالي لا أعتقد أنها تسيئ إلى الإسلام، أو أنها تجعل الاعتقاد أن الدين الإسلامي دين تفجير وإرهاب، ربما هذا وقع بعد أحداث 11 سبتمبر، لكن ما وقع في المغرب بعيد عن تكريس هذه الصورة رغم أنها أحداث إرهابية وجرائم غير مقبولة. من وجهة نظر دينية ما هو المنهج المتبع في التحسيس بهذه الجرائم والقضاء عليها تدريجيا؟

المنهج المتبع في التحسيس بهذه الجرائم والقضاء عليها، يعتمد على ترسيخ خطاب ديني معتدل فيه كثير من الوسطية ونشره بين الناس واقناعهم به، ثم تفكيك الخطاب المتطرف وبيان تناقضه وخطره على الأمن والسلام وعلى المجتمع.

وأيضا يمكن التحسيس بهذه الجرائم من خلال المنابر الدينية، سواء خطب الجمعة أو الدروس التي تلقى في المساجد، وأيضا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي لها دور كبير أيضا في القيام بواجب التحسيس والتوعية.

ما حكم الشرع في مثل هذه النوازل التي تحدث لأسباب كثيرة؟

هي أحداث إجرامية باتفاق الملل والأديان والشرائع والقوانين، وعند المسلمين وغيرهم، وهي أحداث مقصودة ومدانة شرعا وعقلا ولا يمكن الحديث عن أي تبرير أو مسوغ لها ديني أو غير ديني.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *