بعد أحداث مليلية.. المهاجرون يتوارون عن الأنظار بشوارع الناظور

بلادنا 24 – كمال لمريني |

توارى المهاجرون المنحدرون من دول جنوب الصحراء عن الأنظار بشوارع مدينة الناظور، وبالقرب من محيط مدينة مليلية المحتلة، بعد أن تبخر حلم الهجرة لديهم وتحول إلى مأساة، عقب وفاة 23 مهاجرا في آخر محاولة لهم لتنفيذ “غارتهم البشرية” على الحدود، وإصابة نحو 140 عنصر أمن بجروح، الأمر الذي جعلهم يختبئون بالغابات خوفا من أن تطالهم الاعتقالات، فيما قرر آخرون مغادرة إقليم الناظور والتوجه صوب مدينة بركان.

وعلى مستوى الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين الناظور وبركان وجنباتها، تتراءى لك مجموعة من المهاجرين غير النظاميين، وهم يتجهون مشيا على الأقدام في اتجاه مدينة بركان، وذلك مباشرة بعد الأحداث التي شهدها المعبر الحدودي “باريتشينو” لمليلية السليبة.

ويحكي أحمد (مهاجر سوداني) في حديثه لـ”بلادنا24“، أنه غادر مدينة الناظور رفقة أصدقائه بعد أن باءت محاولة دخول المهاجرين إلى مليلية، الجمعة الماضية، بالفشل، وذلك خوفا من أن يطاله الاعتقال، مشيرا إلى أن السلطات تشن حملة واسعة في صفوف المهاجرين غير النظاميين.

ونفى المهاجر، أن يكون قد شارك في عملية الهجوم على السياج الحدودي لمليلية المحتلة، واصفا العملية بـ”غير المقبولة”. لكن بمجرد أن علم بأن الشخص الذي يتحدث إليه إعلامي، رفض الخوض في تفاصيل المواجهات التي اندلعت بين المهاجرين وقوات الأمن قبل اقتحام المعبر الحدودي لمليلية المحتلة.

هذا الشاب الذي يبلغ من العمر نحو 28 عاما، يستعمل كلمات قليلة في الحديث، ويتهرب من الإجابة على الأسئلة التي تطرح عليه، فيما يحدق بعينيه السوداويتين في السيارات التي تقطع الطريق، غير أن الملاحظ هو أن علامات الخوف والارتباك كانت بادية عليه.

ولم يغادر جميع المهاجرين المناطق القريبة من مليلية المحتلة، إذ هناك من اختار الاختباء في الغابات، كما هو الشأن بالنسبة للمهاجر الإيفواري “دومينيك”، والذي قال في مكالمة هاتفية أجرتها معه “الفارو دي مليلية”، إنه يختبئ حاليًا في الغابة بالقرب من الناظور لتجنب إلقاء القبض عليه من قبل السلطات المغربية.

وقال إنه قلق للغاية بشأن ما سيحدث للمهاجرين بعد أحداث سياج مليلية، بينما انتقد “العنف الشديد” الذي تعاملوا به يوم الجمعة الماضية، أثناء محاولتهم العبور إلى مليلية، موضحا:” نحن لا نستخدم العصي أو الزجاجات أو السكاكين أبدًا. نحن مسالمون، ونوضح دائمًا لزملائنا أنه لا يمكننا اللجوء إلى العنف”.

ويؤكد هذا المهاجر الشاب أنه عندما تتدخل السلطات لتفريقهم وإبعادهم عن أي محاولة للقفز على السياج، فإنهم يردون بـ”تغطية وجوههم بأذرعهم” عند تعرضهم للضرب، في حين كشف عن أن الأحداث التي وقعت، الخميس الماضي، بأحد الغابات، تزعهما مهاجرون سودانيون بعد تدمير ممتلكاتهم من قبل السلطات، وهو ما جعلهم يقومون بحرق الغابة.

وبخصوص اقتحام السياج الحدودي لمدينة مليلية المحتلة، أوضح المهاجر الايفواري، أن حشد السودانيين الذين اقتحموا السياج انضم إليهم عدد قليل من المهاجرين الكاميرونيين والإيفواريين والغينيين والماليين وآخرين، ليتابع، “قالوا لنا إنهم سيظهرون لهم (قوات الأمن المغربية) أنهم يعرفون أيضًا كيف يتصرفون بالعنف. ولم يستمعوا إلى نصيحتنا، ولهذا السبب لم ينضم العديد من المهاجرين إلى المحاولة”.

وأكد دومينيك أن مجتمع المهاجرين السودانيين، الذي يسافر آلاف الكيلومترات للعبور إلى إسبانيا هاربًا من بلد في حالة حرب، حديث العهد، وبدأ يستقر في المنطقة في عام 2020، على عكس الجنسيات الكلاسيكية الأخرى التي تنتظر بالقرب من الحدود البرية مع مليلية، مشيرا إلى أن عددهم يتزايد بشكل كبير، ولديهم ميزة القدرة على التعامل بسهولة مع السكان المحليين لأنهم يتحدثون العربية.

ولم يكشف المهاجر في حديثه إلى صحيفة “الفارو دي مليلية” الإسبانية، عن أي توقيت لإعادة اقتحام السياج الحدودي لمليلية، مكتفيا بالقول إنه يخاف أن يطاله الاعتقال ويتم ترحيله بعيدا عن مليلية المحتلة.

وبالرغم من المبادرة التي أطلقتها المملكة المغربية لتسوية وضعية المهاجرين بالمغرب، إلا أن القابعين بجبل كوركو يفضلون الهجرة إلى أوربا، على اعتبار أن حلم الهجرة لديهم أقوى من أي شيء، الأمر الذي يجعلنا نقول إن المغرب تحول من “دولة عبور” إلى “دولة إقامة” مفترضة لمهاجرين من دول جنوب الصحراء، لكون مدينتي مليلية وسبتة السليبتين تشكلان المنفذ الرئيسي لمحاولات آلاف المهاجرين لمعانقة الحلم الأوروبي بالضفة الجنوبية من شبه الجزيرة الإيبيرية.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *