المغرب وإسبانيا.. تطبيع وقضايا معلقة بين الجارتين

أعلن بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، خلال زيارته الأخيرة للمغرب، أن أحد أهداف “خارطة الطريق الجديدة”، كما حددها المسار الدبلوماسي الذي يسلكه كلا البلدين بعد الأزمة الدبلوماسية في الأشهر الأخيرة، هو استعادة الحياة الطبيعية وإعادة فتح المعابر الحدودية.

وفي إطار القمة الدبلوماسية رفيعة المستوى المرتقبة يومي 1 و2 فبراير المقبل في الرباط، يسعى البلدان إلى تعزيز العلاقات والشراكات الاقتصادية، من خلال مشاركة رئيس الوزراء الإسباني والعشرات من وزراء حكومته، والتي يتوقع أن تنتهي بتوقيع عدد من الاتفاقيات.

ازدهار في العلاقات الاقتصادية والسياسية

وفي هذا الإطار، قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، في تصريح لـ”بلادنا24“، إن “العلاقات المغربية الإسبانية تتمتع بمكانة خاصة في العلاقات الدولية، منذ إطلاق فصل جديد في مسارها، بعد اللقاء الذي جمع في أبريل 2022، الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، وتعبير إسبانيا عن موقف متقدم بشأن سيادة المغرب على صحرائه وواقعية مبادرة الحكم الذاتي، والملاحظ أن الإجراءات التي تم اتخاذها والمواقف التي تم التعبير عنها طيلة تسعة أشهر، عكست وفاء الطرفين بالتزاماتهما من منطلق المحددات الجديدة للشراكة”.

وأبرز المتحدث ذاته، أنه “من المؤكد أن الترابط بين المصالح المشتركة وترجمة الأولويات المتفق عليها سيحقق استجابة لمختلف التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية، بما يسمح للبلدين بالسير جنبا إلى جنب في تعزيز التعاون الأمني، عبر مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والحد من تدفقات الهجرة، فضلا عن إغناء الشراكة الاقتصادية باستكشاف مجالات جديدة للتعاون في ميادين الزراعة والصيد البحري والسياحة والطاقة والصناعة، أثناء عقد منتدى رجال أعمال البلدين”.

وأكد بودن، أن “الشراكة بين المغرب وإسبانيا مهمة لفائدة البلدين ومحيطهما الإقليمي، وأتصور أن الموعد القادم المتعلق بعقد اللجنة العليا المشتركة، يمكنه أن يسهم في انتقال العلاقات نحو مرحلة استثمار فرص جودة العلاقات، وتحيين معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين البلدين لتتلاءم مع واقع العلاقات اليوم”.

تأثير زيارة “بوديموس” لجبهة البوليساريو على العلاقات المشتركة

أكدت تقارير إعلامية إسبانية، عدم مشاركة الوزراء المنتمين لتحالف أحزاب اليسار “بوديموس”، في القمة المغربية الإسبانية، وذلك لمعارضتهم الشديدة، منذ أبريل الماضي، لتغيير الحكومة الإسبانية لموقفها من قضية الصحراء المغربية. وسافر ممثلو ائتلاف أحزاب اليسار، قبل أيام قليلة من القمة، لزيارة تندوف وزعيم الجبهة الانفصالية، إبراهيم غالي.

وفي هذا الصدد، قال محمد بودن، “أتصور أن العلاقات المغربية الإسبانية مطبوعة بمنطق الدولة، ومؤطرة بضمانات ومحددات يفرضها الواقع، وبالتالي ستكون محصنة من بعض الأساليب التي قد تبقى في إطار بعض التكتيكات البراغماتية التي تعتمد على عدم وضع البيض في سلة واحدة كما يقال”.

مضيفا في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “صناع القرار في إسبانيا يفكرون بواقعية ويعلمون أن الحصيلة ستكون صفرية وضارة من أي تقارب محتمل مع كيان انفصالي مزعوم، لأن المغرب يجد التفاعل الجيد حيثما ذهب بفضل مكانته المستحقة في المجتمع الدولي”.

قضايا معقدة بين البلدين

هذا، وسبق أن وجهت الحكومة المغربية، رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تنفي فيها وجود أي حدود برية للمغرب مع إسبانيا، واصفة سبتة ومليلة بالمدينتان المحتلتان.

ومن جهته، رفض رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، ما جاء في الرسالة المغربية، قائلا: “إن سبتة ومليلية، مدينتان إسبانيتان متمتعتان بالحكم الذاتي”، بعدما أجبرته المتحدثة باسم الحزب الشعبي، أثناء تواجده في البرلمان للرد على رسالة المغرب للأمم المتحدة، “والدفاع على ما تعتبره السيادة الوطنية وسلامة الأراضي الإسبانية”.

وفي هذا الخصوص، أفاد رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أنه “في العلاقات الدولية لا يمكن الاتفاق بنسبة 100 بالمائة، ولذلك، لما يتعلق الأمر بملف سبتة ومليلية المحتلتين، يظهر أن العلاقات بين البلدين لا تخلو من تعقيدات تتطلب حوارا بعيد المدى. الآن اسبانيا بلد شريك للمغرب وحل هذا الملف المعقد والنائم سيجعل منها حليفا”.

بلادنا24 ـ نجوى رضواني

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *